حركة تصحيحية لمنهج السيد كمال الحيدري! (2)
2021/03/12
الشيخ احمد سلمان
بسم الله الرحمن الرحيم
من جملة الأمور التي طرحها سماحة السيد كمال الحيدري في هذا الشهر
المبارك وبالخصوص في أيام شهادة أمير المؤمنين وسيد الموحدين عليه
السلام, هو التشكيك في كتاب سليم بن قيس الهلالي والتشنيع على من ينقل
من هذا الكتاب.
الجواب:
1. مقتضى الإنصاف أن ينقل السيد كل الآراء الواردة بخصوص هذا الكتاب
فكما نقل تشكيك الشيخ المفيد رحمه الله الوارد في (تصحيح الاعتقادات),
كان حريّا به أن ينقل على سبيل المثال كلام ابن أبي زينب النعماني
رحمه الله المتقدم عن المفيد والذي نقل أنّ علماء الطائفة قد أجمعوا
على العمل بما في هذا الكتاب.
قال في كتاب الغيبة 103: وليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن
الأئمة عليهم السلام خلاف في أنّ كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من
أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم ومن حملة حديث أهل البيت عليهم
السلام وأقدمها، لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول
الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي
ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير
المؤمنين عليه السلام وسمع منهما، وهو من الأصول التي ترجع الشيعة
إليها ويعول عليها.
فهل سماحة السيد المحقق هو مقلّد للشيخ المفيد؟
2. كرّر السيد كمال أكثر من مرّة عبارة (العرش ثم النقش) ويريد منها
أنّه من أراد الاعتماد على كتاب سليم فليثبت اعتباره أولا, ونفس هذه
القاعدة نطبّقها على سماحة السيد ونقول له: أثبت صحّة نسبة كتاب تصحيح
الاعتقادات للشيخ المفيد رحمه الله الذي شكك في ثبوته للمفيد جملة من
المحققين استنادا على عدم ذكر الشيخين النجاشي والطوسي له, وعدم نقل
المتقدمين عنه, وغيرها من القرائن...
فطبقا لمنهج السيد المحقق, عليه أولا أن يتحفنا ببحث رجالي يثبت فيه
صحّة نسبة الكتاب إلى الشيخ المفيد رحمه الله.
3. لو سلّمنا بنسبة الكلام للشيخ المفيد رحمه الله, فإنّه لا يعدو
كونه كلاما لأحد علماء الطائفة وهو محلّ قبول أو رفض بحسب نظر العالم
أو المحقّق, فكلامه ليس قرآنا يتلى ولا حديثا يروى بل هو رأي شخصي,
والحوزة قائمة على مناقشة هذه الآراء.
والعجيب ممن يدّعي أنه يقوم بحركة تصحيحية للفكر الشيعي الذي انحرف
بحسب تعبيره منذ ألف عام كيف يكون مقلّدا بهذه الصورة بحيث يتشبّث
بكلام مطعون في نسبته بل وحتّى في دلالته.
4. ان كان سماحة السيد كمال يريد طرح موضوع كتاب سليم فليكتب فيه بحثا
وليطرحه لأهل التخصص ليقيّموه كما صنع ذلك علماؤنا المحققون:
- فمن الماضين بحث زعيم الحوزة العلمية بلا منازع السيد أبو القاسم
الخوئي رحمه الله في كتابه معجم رجال الحديث 9/226 اعتبار هذا الكتاب
عند تعرضه لترجمة سليم بن قيس وردّ دعوى الوضع والدسّ فيه.
- وكتب من المعاصرين آية الله الشيخ مسلم الداوري بحثا كاملا حول كتاب
سليم ضمن كتابه أصول علم الرجال 485
- بل إنّ نفس الكتاب الذي نقل منه المحقق الحيدري وهو كتاب سليم بن
قيس بتحقيق الشيخ محمد باقر الزنجاني اشتمل على بحث طويل قام به
المحقق, بل ذكر في مقدّمة تحقيقه 1/16 أنّ هذا البحث اخذ من عمره
المبارك 12 سنة!
وسماحة المحقق الحيدري يريد أن ينسف هذا الجهد في ساعة على قناة
فضائية!
لماذا لا يتكرّم علينا السيد كمال ببحث حول كتاب سليم لنقارنه مع
البحوث والدراسات الموجودة أم أنّ القضية هي مجرّد عملية هدم لما
شيّده الغير؟
5. الغريب هو ادعاء سماحة السيد أن تفاصيل مصيبة الزهراء مما انفرد
بروايتها سليم بن قيس رضوان الله عليه, طبعا لا ندري إلى ما يرمي
السيد وماذا يريد من هذا الكلام, ولا نريد الدخول في النيّات, وسنكتفي
بردّ هذه الدعوى:
لا أريد أن أقول (أتحدى) لأن الكلمة تكون مع الخصوم والأعداء ولا أرى
في السيد خصما لي, لكني أطلب من السيد أن يأتينا بتفصيل واحد من
تفاصيل الهجوم على دار الزهراء عليها السلام انفرد بروايته سليم بن
قيس وسنكشف له أنّ كل التفاصيل المذكورة في هذا الكتاب مبثوثة في
كتبنا المعتبرة التي عليها المعتمد.
6. بحسب تتبعي القاصر اكتشفت أمرا ربّما يخفى على كثير من النّاس وهو
أنّ كل من أراد أن يضرب في المذهب يبدأ بالتشكيك في كتاب سليم بن قيس,
وعلى سبيل المثال:
- عبد الرسول لاري المعروف باسم (أحمد الكاتب): عندما أراد ضرب
العقيدة المهدوية عند الشيعة وبالخصوص النصوص الدالّة على ولادة صاحب
العصر والزمان عجل الله فرجه بدأ بالطعن في كتاب سليم ونقل كلام
المفيد كما في كتابه (الإمام المهدي حقيقة تاريخية أو فرضية فلسفية)
حيث ذكر أنّ أول كتاب ذكر انحصار الأئمة في اثني عشر إماما هو كتاب
سليم, ثم شرع في تضعيفه تحت عنوان (المفيد يضعف كتاب سليم) في الصفحة
131 من الكتاب المذكور.
- أحمد القبنجي الذي بقيت له خطوة واحدة عن الإلحاد: عندما أراد الطعن
في روايات المثالب الواردة في ذمّ أعداء آل محمد عليهم السلام بدأ في
الطعن في كتاب سليم بن قيس كما في كتابه (تهذيب أحاديث الشيعة) في
حاشية صفحة 362.
- حسين الموسوي (الوهمي): تعرّض في كتابه المسمى (لله ثم للتاريخ) حيث
تعرّض لكتاب سليم بن قيس حين طرحه لموضوع تحريف القرآن صفحة 57 وزعم
أنّ الكتاب قد غُيّر وبُدّل.
ولولا خشيتنا الاطالة واصابة القارىء بالملالة لذكرنا آخرين من الذين
عرفوا بانحرافهم عن المذهب الحقّ.
أسأل الله أن يبعد سماحة السيد كمال عن النقل العشوائي اللامسؤول وأن
يوفقه للبحث والتحقيق العلمي.