المخطوط هو كُلُّ ما كتب بالمداد على
الورق، سواء أكان الورق مصنوعًا من قراطيس البردي، أم من الرقوق، أم
من الكاغد، أم من الأكتاف، وغيرها، والمخطوطات من أهم الموروث
الإنساني الكبير لأمتنا، وقد ظهرت مع ظهور الإسلام، فقد ٱتَّخذ النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) كُتَّابًا يكتبون له الوحي، ويكتبون
الرسائل التي يبعثها إلى الملوك ليدعوهم إلى الإسلام، فضلاً عن حثه
الناس على تعلم القراءة والكتابة، وبذلك كانت بواكير نشر المخطوط قد
أخذت لها طريقًا في التأريخ، لذلك رأينا كيف جمع القرآن في صحائف
متعددة، فكان أول كتاب مخطوط في الإسلام، وتطور ذلك في الأيام
القادمة، فقد دُوِّنت أوائل المخطوطات الإسلامية في المدينة المنورة
ثم ٱنطلقت منها إلى البلدان الأخرى، لقد عرف العرب ٱستخدام مواد
الكتابة مثل العسب، لكن المادة الأساسية للكتابة كانت الورق البردي
المصري الذي يعمل منه كاغد أبيض يقال له القراطيس، وكان يكتب عليه
طوال العصر الأموي وبداية العصر العباسي، وبلغ من كثرة القراطيس
والعمل بها إنشاء حَيٍّ في الكرخ ببغداد يعرف بـ(درب
القراطيس) أو
(درب أصحاب
القراطيس)، ويقول
المؤرخ "آدم متز": إنَّ الورق البردي بقي حتى عام 323هـ.
وفي أيام "هارون الرشيد" ٱنتشرت
صناعة الورق ببغداد، وبمرور الأيام كثر الورق بعد أن ٱنتشرت صناعته
بين الناس، حتى صار الورق البغدادي أفضل من غيره، يساعد المؤلفين على
الكتابة لثخنه وطراوته، وتدل أقدم المخطوطات على أنَّ العرب في
مراحلهم الأولى في الكتابة لم يكن للمخطوط صفحة العنوان، وإنما تترك
عدة أوراق متعددة بيضاء في البداية لتسجل عليها ملاحظات القارىء، ثم
يبدأ المؤلف بالبسملة والحمدلة والتصلية ثم يذكر بعد ذلك عنوان
المخطوط وموضوعه، وعادة ما كان يتميز
العنوان بمداد أحمر، أو بالقلم العريض، ولكن مع التطور ٱستعملوا
قَلَمًا يختلف سمكه عن القلم الذي يكتب به المتن للعناوين الرئيسة،
وكانت الفراغات بين السطور متساوية، فقد ٱستعملت مساطر خاصة لتسطير
أوراق المخطوط تصنع من المقوى أو الورق السميك الملصوق على بعض، ولم
تكن أوراق المخطوط مرقمة، وكانت إذا سقطت كلمة أو أكثر يتم كتابتها في
حاشية الصفحة، أما خاتمة المخطوط فكانت عادة تنتهي بذكر عنوان
المخطوط، وتأريخ الفراغ منه، وذكر ٱسم الناسخ، وتختلف المخطوطات في
حجم الورق المستعمل للكتابة، مرورًا بمرحلة التجليد المتأخرة، وتبقى
المخطوطات التي بخط مؤلفها، أو في حياته لها أثر بالغ في الوثاقة
والرجوع إليها، ومهما تطور المخطوط في أطواره المختلفة ولكن يبقى هو
الأصل الذي كتبه مؤلفه أو النُّسَّاخ وعليه تم ٱستنساخ وطباعة النسخ
الأخرى.