((قراءة في مؤلفات السيد هبة الدين الشهرستاني)) -3- (معركة الشعيبة)

2020/01/14

((قراءة في مؤلفات السيد هبة الدين الشهرستاني)) -3-
(معركة الشعيبة)

كتاب "معركة الشعيبة" من مؤلفات السيد "هبة الدين الحسيني الشهرستاني" التي كان أحد قادتها المبرزين في جبهاتها، يسلط الضوء على مرحلة من تأريخ العراق في مناهضة الاحتلال البريطاني عندما حاولت قواته السيطرة على بلاد الرافدين، وهـــذه الصفحـــات تعـــــد وثيقـــــة مــــن الوثــــــائق التأريخية المهمة في بيان دور علماء الشريعة المقدسة في الدفاع عن الوطن والدين، ودعوة المسلمين في الحفاظ على بيضة الإسلام، والكتاب قد كتبه سماحة السيد (قدس سره) وبيَّن فيه بعض الأسباب التي كان لها دور دون تحقيق النصر على المحتلين، ذكرها في أوراق تحت عنوان (أسرار الخيبة من فتح الشعيبة) وبقيت هذه الأوراق مع غيرها من مؤلفاته دون نشرها بما يليق بها حوالي أكثر من تسعة عقود حتى تصدى لذلك الأستاذ الدكتور "علاء الرهيمي" في جامعة الكوفة والدكتور "إسماعيل الجابري" فقاما بإحياء هذا التراث ونشره بعد الجد والاجتهاد في تحقيق المخطوط ودراسته لنراه بهذه الحلة التي تليق به .. عدد صفحات الكتاب (168) صفحة، وقد قُسِّم على قسمين، الأول يتعلق بالدراسة، والآخر يتعلق بالتحقيق، في قسم الدراسة سلط الباحثان الضوء بإيجاز في (20) صفحة تقريبًا على موضوعين: الأول: سيرة السيد هبة الدين الشهرستاني ودراسته العلمية، وتأثره بالحركات الإصلاحية التي كانت آنذاك، ودوره في مقارعة المستعمرين، ونشاطاته السياسية والعلمية وغيرها، والآخر: دراسة تحليلية لمضامين المخطوط من حيث وصفه فهو يتألف من (49) صفحة، توزعت موضوعاتها على واحدٍ وعشرين عنوانًا، وكذلك تم تسليط الضوء على دواعي الجهاد في معركة الشعيبة وتطوراتها في منظور السيد الشهرستاني، وفي قسم التحقيق تم تحقيق النص المخطوط في (60) صفحة تقريبًا مع التعليق على أهم ما ورد في المخطوط؛ ليكون القارىء على بينة تامة مما يتعلق بما ورد في هذا الكتاب.

 ومن خلال المطالعة الإجمالية للكتاب نرى أنَّ السيد الشهرستاني قد أكَّد على أسباب تأليفه للكتاب وأهمية ذلك فقال في المقدمة: ((أما بعد .. فإنَّ البصرة ٱحتلها الإنكليز أول محرم الحرام سنة 1333ﻫ 1914م، وٱغتنموا ما وراءها خلال الحرب الأوربية العامة –أي الحرب العالمية الأولى-، فهيَّجنا الإيمان، وحرَّكنا دافع الوجدان إلى جهاد نصارى الإنكليز، ودفاعهم عن ٱستملاك العراق، ومشاهد أئمتنا المحترمة (عليهم السلام)، بعدما تواترت إلى النجف الأشرف برقيات الاستغاثة والاستعانة من تجار البصرة وحواليها، ومن علماء البلاد وأكابر أهاليها بمضامين تصدع الصخر الأصم)). ثم يذكر السيد أهمية وعظمة الجهاد في سبيل الله من أجل صيانة الشريعة المقدسة من أعدائها فيقول: ((قمنا معاشر خدام العلم والدين بهذه الخدمة، وأدَّينا فريضة الذمة، تلك الفريضة الإلهية العظمى .... وبذلنا غاية الجد والجهد، وصرفنا قوانا المالية والبدنية وقوانا المعنوية، لا لغاية أخرى وكفى بالله وكيلا وشهيدًا، لا لطلب مال، ولا رغبة إلى رتبة، ولا تزلفًا إلى حكومة)). 

الحوائج، بل كان جميع العرب في نشاط وطرب بسبب كثرة أُنسهم من ٱجتماعاتهم البهيجة، وزيارة بعضهم بعضًا زرافات وأفرادًا، متحدين في المقصد على ٱختلاف مذاهبهم ولغاتهم، أو بسبب قوة آمالهم باسترجاع البصرة.

ثم يبيِّن المؤلف أهم الأسباب التي أدت إلى ٱنكسار الجيش في المعركة، وذكر منها ما يأتي:

1- إهمال ضروريات الحرب. ومن ذلك ضعف الاتصالات بين قادة الجيش في جبهات المعركة الأخرى والتنسيق بينهم، وكان من آثارها تأخر وصول لوازم العسكر وحوائجهم اللازمة بسبب بُعد تلك المراكز ..

2- اختلال نظم الأرزاق. وذلك بسبب عدم مراعاة أعداد

المقاتلين، وحراسة الأرزاق، وموقف المسؤولين على التوزيع

في التقتير على المقاتلين، وعدم وجود مخازن لحفظ الطعام.

3- تعطيل نقل القوات في المعركة، وسرعة التنقل بين..

الجبهات للحفاظ على الانتصارات وسد الثغرات.

وكانت أهم الموضوعات التي تناولتها صفحات الكتاب:

مبادئ الحرب: فيقول: نزلنا هذه القفار المحيطة ببحيرة السناف -وهي القسم الجنوبي من بحيرة الحمار- مرابطين لمحافظة الثغور، وكان معنا عند نزولنا هذه القفار مدافع وثلاثة آلاف من عساكر الدولة وثلاثون ألف مجاهد من عشائر العرب وقد نصرهم الله على الإنكليز أول أمرهم في مناوشات حربية، حصلت بين الطرفين وٱضطر العدو إلى التقهقر ..

أما في المصادمات مع العدو يقول: أما المصادمات البرية فما زالت تسفر عن مظفرية العرب، ومغلوبية الإنكليز وتقهقرهم عدة فراسخ، نعم كانت مدافع قلاع شُعيبتهم تمنع العرب من القضاء عليهم .. وأما ما يتعلق بحالة المجاهدين يقول: كان طول هذه المدة لا يعبؤون غالبًا بما يجري عليهم من لوازم الغربة، وخشونة العيش وقلة الأرزاق، وعدم وجود أكثر  

أخترنا لك
الوراقة والوراقون

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة