من مرافيء زيارة الاربعينية 2

2021/03/19

جدية البحث تضعنا أمام الكثير من الحقائق الاعلامية التي تأخذنا الى مساحات واسعة لقول الحقيقة، نحن نملك ابداعات كبيرة استطاعت أن توضح للعالم أن هذه الضيافة الروحية لها طابع عراقي روحي لا يمكن التخلي يوماً عنها.

مسيرة عالمية كونية وقعت بطابع الكرم الكربلائي، استطاعت هذه النهضة الولائية أن توحد المسار الانساني الروحي، القادر على أن يشذب لنا القيم الأسمى، يجعلها بعيدة عن مرمى المصالح السياسية أو التحزبية؛ لكونها هي بطبيعتها لا تعطي مثل هذا المجال، ولا يمكن استغلالها يوماً لصالح دولة أو كيان سياسي هي للحسين ع.

يرى الأستاذ علي العبودي كاتب عراقي من النجف الأشرف: إن الحياة لا يمكن أن تدوم بالطعام فقط، لابد من زاد روحي خاص يحمل سمات الترقي بالفكر الانساني ويجعل للحياة قيمة مهمة، تبعدنا عن الكثير من شوائب الحياة المادية، وتضعنا امام عصف شعوري يصل ذروة الفعل الانساني هو التماهي مع الفعل التضحوي الحسيني، أي اننا سنخلع كل اردان الحياة العالقة بذاتية الأنا وأنانية الذات، ونتحرك بخطوات حرة الى التكافل الاجتماعي والاخاء والتعاون الجميل بين كل الناس.

دروس وعبر تمتد على طوال الطريق، إذ تجد مدرسة اخرى تتعلم منها روح الحياة، تشعر بقيمة واحترام الانسان تجد من كل الطوائف والملل، وكأن هناك بقعة عالمية يحتويها الأبيض والأسود.. العبد والسيد كلها تسير الى نقطة ذات قيمة كبيرة تحتوي كل هذه المحتويات؛ ليكون هو مرتكز الصلاح لجميع البشر ومنارة لكل ضال وزاد لكل جائع انه الحسين بن علي ع.

قدم المثقفون الموالون للقضية الحسينية عطاء ثقافياً وفكرياً، فكانت تلك التغطيات الاعلامية مهمة جداً، منحت الكثير من مشاهدات النقل المباشر طاقة تحصينية لهذه المسيرة من أي تشويه اعلامي سياسي أو طائفي لمعانيها، هذه الانعكاسات ركزت على المشاركات العربية والعالمية، أعطت المساحة الكونية لهذه المسيرة، علاوة على التركيز على الرؤية الفكرية، والتي فتحت آفاقاً ذهنية واسعة من خلال شريحة المثقفين.

تلاحم أدبي فكري ثقافي روحي قرب المسافات، أستذكر كلمة صديقي الكاتب العراقي الأستاذ أحمد جاسم جواباً على سؤال وجهته له:ـ تكمن اجابتي بأني مع كل مقدم اربعيني مبارك لا أستطيع أن أبقى بعيدا عن مشاركة وجدانية فاعلة، فأعتني السفر من ألمانيا الى العراق للمشاركة بهذه الزيارة العظيمة؛ لما فيها من العبر والدروس الإنتمائية والولائية والفيوض الرحمانية ومظاهر الجود والعطاء والكرم الذي ليس له مثيل في تأريخ الأمم.

حاولت بعض الأقلام المأجورة أن تربط هذه التجمعات المليونية وهذه الحشود الجماهيرية بأنها تخضع لعملية اللاوعي أي اللادراك واللاثقافة، واعتبر اولئك الاعلاميون من أهل الثريد وأرصدة الحرام، أن هذه المسألة ترتبط بجهل شعبي عام، نقول يا ترى أي وعي هو أكبر من المرحلة التضحوية، وأي ثقافة هي أكبر من ثقافة المضحين، وأي ظاهرة تلك التي استطاعت أن تجمع هذه الحشود دون قيادات سياسية أو أصحاب الجاه الاجتماعي.

هذه المسيرة ينظمها الوعي الجماهيري ويسيرها الايمان الحقيقي الذي يعادل كل ما قرأوه عن عروش سلاطينهم المرعوبة، كتب الأستاذ محمد مدور حسين:ـ ليس هناك ظاهرة تستطيع أن تتنامى وتكبر وتصبح ضميراً جماهيرياً، ما لم تكن متعالقة ماضي وحاضر ومستقبل أمة.

الكاتب العراقي الرائع قاسم العابدي كتب لنا عن احتياج الانسان في حياته الى مفاهيم سامية وعناوين ساطعة ترتكز عليها مواقفه وتصرفاته في هذا المعترك الحياتي، يعتمد الانسان بشكل عام على ظواهر تاريخية من حيث ان الوجود يتمحور في ثلاثة معابر هي الماضي والحاضر والمستقبل، وعندما يكون ماضي الإنسان ناصعاً وتاريخه حافلا بالبطولة ويومه يعتمد على المثاليات التي جسدتها تلك البطولة، سيكون المنجز في غده بناء شامخاً لا تزحزحه العواصف.

هكذا هي زيارة اربعين الحسين ع أمس بطولي ويوم مثالي وبشارة بغدٍ يلوي اكف النوائب.. كان لمسار المسيرة الاربعينية اثرها العام على مستويات النضوج الفكري الحافل بالإيمان، والذي ساهم برفع المستويات الأدبية والثقافية للتعبير عن مضمون هذه الظاهرة الايمانية، والعمل على توحيد الامة بالحسين ع. والملاحظ أن ما كتب عن زيارة الاربعين الحسيني شكل معطيات ابداعية المسيرة وحتى الاقلام التي كتبت سلباً هي كتابات ساهمت بتعزيز السؤال عن المسيرة ووجهت الناس الى طلب الحقيقة، يعني وضعت اقدام الكثيرين على طريق التلاقح الفكري دون ان تعلم.

هذه الشعائر تطالب الانسان أن يكون صاحب موقف اتجاه التأريخ واتجاه الواقع الولائي، يقول احد المفكرين: إن العراقيين هم أمراء الزيارة الاربعينية، وهم مطالبون بتحمل اعباء هذه الهوية الايمانية والتمسك بشرف هذه المهمة؛ كي لا تُجيّر لأطراف قد يكون سعيهم منمقا لحسابات اخرى.

ويقول الكاتب عدنان عبد كدر:ـ لا يعرف طعم الزيارة إلا من عاش بهجتها، وسار مئات الكليومترات، يراها كم هي قصيرة امام خطواته ليشعر بلذة الحياة ومتعة المشاركة مع الناس، ومن خلال هذا المسير، يستطيع الانسان ان يعرف ماذا تعني نهضة الحسين، ويستطيع ان يدرك لمن كان، النصر حينها.

يرى الكاتب يوسف الجمل ان الزيارة المليونية السائرة الى قبلة الاحرار الامام الحسين بمثابة منهاج عمل للعديد من الورش الانسانية المهتمة بالشأن الديني والأخلاقي وهي تواكب المسيرة المطمئنة، رغم تعب العراقيين وتحديات الظروف الراهنة التي جعلت منهم اناساً مضغوطين، لكنهم امام قضية الحسين وشعائر الاربعين يصلون حالة الرضا ونكران الذات؛ لكونهم يدركون ما يحملون من مسؤولية عظيمة.

هوية العراق اليوم هي الزيارة الاربعينية ووطنية العراقي بأن لا يفرط بمثل هذه الامانة، الشعب العراقي في هذه المناسبة يعيش الصفاء التام، ما نطمح اليه هو ادامة هذا الزخم الشعوري في الامور الارشادية لنستفيد من هذه الزيارة فكرياً وسلوكياً.

الكثير من الأمور التي ظهرت في واقعة الولاء الحسيني أذهلت العالم ومنها انها تتطور ذاتياً، وتتصاعد بأثر السمات اليقينية والمعرفية، وتزايد الخبرات من عام لعام مع زيادة عدد الزائرين وانفتاح الزيارة الاربعينية على زوار الدول العربية والاجنبية.

حاورنا العديد من اصحاب المواكب، واتفقت الآراء بأن هناك دائماً مراجعة ذاتية لكل موكب عن تقييم الاداء الخدمي وملاحظة العوائق والأخطاء وتداركها، نلاحظ أن هناك تحركاً جديداً لإلغاء او تقويم ظاهرة معينة، مثلاً لاحظنا في العامين المنصرمين التوجه الكلي في قضية الاطعام صار نحو الاكلات الخفيفة والسريعة ضمانا لعدم بقاء بقايا كبيرة للطعام.

كما لاحظ العالم تزايد اعداد الخيم الخدمية الصحية وتكاثرها من حيث العدد والنوعية قلما تجد موكباً ليس لديه خيمة اسعاف فوري، وأغلب الادوية هي من تبرعات المواكب مع بعض المؤسسات الحكومية العراقية.. ورأينا أيضاً تشذيب وتهذيب بعض الشعارات والصور والظاهر الاخرى.

كتب لنا الاعلامي عباس السلطاني ان سبب هذا التطور الملحوظ؛ كون هذه الشعائر الولائية تنتمي الى مسيرة الكمال الانساني، بينما يرى الكاتب علي عيسى عباس ان الشعائر الولائية اصبحت فنا يرتكز على تنقية الخدمة من كل شائبة؛ لأن شعور الزائر انه قادر بخطواته على الغاء الفارق الزمني والعودة الى الطف الحسيني عام 61 هـ. القاص والأديب فلاح العيساوي يرى أن الذي يطلع على تأريخ أحداث كربلاء الحسين الخالدة، يجد أن معركة الطف قد دارت وسط تعتيم إعلامي كبير، حيث أن الكثير من الشيعة الموالين لم يكونوا على علم بوقوعها، والدليل هي الثورات المتعددة التي جاءت بعد المعركة وأثناء مسير السبايا، ثم ثورة التوابين وبعدها ثورة المختار الثقفي، وقد اعتبر كل شيعي لم يكن حاضرا في الطف فيما بعد، أن زيارة الأربعين هي الحج الأكبر نحو كعبة الأحرار لتجديد البيعة على البقاء تحت لواء سيد الأحرار.

اذا كانت المسيرة الاربعينية الولائية على مستوى النتاج الاعلامي الثقافي والفكري او المستوى الاداء الخدمي او حتى على مستوى الزائر (المشاي) هو يسير مندفعا يقوده ايمانه، هو لا يحتاج الى مصدر يشرع له المسير، ولا يبالي بما يشيعه النواصب من فكر منحرف، فالموالي يحمل في يقينه منهج اهل البيت ع.

يرى الكاتب السيد اسعد القاضي: كان الإمام الصادق ع يستهل حديثه عن آداب زيارة سيد الشهداء ع، ثم يعطينا صورة عما يحدث كل يوم في الحرم المقدّس مما لا يمكننا مشاهدته.. من نزول الملائكة والالتقاء عند قبر الحسين ع:ـــ لا تزهدوا في إتيانه للزيارة، فإن الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى، كتب المبدع عبود مزهر الكرخي أن استقبال هذا العدد الضخم ولأكثر من عشرين يوماً في مدينة صغيرة، لم تُؤازر حكومياً، وبقي الجهد شعبياً اذهل الدول التي فشلت في ادارة موسم الحج بالرغم من ان لديهم وزارة خاصة بالحج وجهاز حكومي كامل ويعتبرون أنفسهم أنهم متفضلون على الحجاج بالقيام بذلك بالرغم أن كل خدمات الحجاج مدفوعة مسبقاً وبمبالغ ضخمة، وعند كل فشل يبرز الحقد السعودي اليهودي على زيارة الأربعين المليونية والتي هي زيارة لا توجد مثلها في التاريخ لا في الأولين ولا في الآخرين وما جرى في هذه الزيارة من توجيهات من قبل مرجعيتنا الدينية (أدام الله ظلها الوارف)، والتركيز على الجوانب العبادية والإيمانية واعتبارها محطة مهمة وخالصة لوجه الله سبحانه وتعالى.

كل تلك العوامل أغاظت الطغم الحاكمة والسلاطين، وإلا ما معنى الاعتداء الآثم الذي شنته الصحيفة الصفراء الشرق الأوسط بهذا المقال الحاقد والذي تشم منه كل ريح الحقد وأنفاس الوهابية وابن تيمية في عداء ظاهر ومكشوف وحاقد لمذهب أهل البيت والذي سرعان ما كشف الله تعالى كذبهم وتزويرهم وتحريفهم للحقائق وبسرعة مذهلة، وهذا كان بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبتسديد من الإمام الحسين وأهل بيت النبوة D؛ لأن المقال كان فيه كل الكذب جملة وتفصيلاً وحبل الكذب قصير وليحق الحق ويضعه في مكانه الصحيح، وأن غربال الغش والتزوير لا يحجب شمس الحقيقة الساطعة، وأن هذا الكرم والطيبة والشهامة العراقية قد أشاد بها العالم أجمع وتعجبوا من هذا الكرم اللامحدود الذي يحمله العراقيون الأصلاء والذين استمدوا تلك الأخلاق السامية من نبيهم الأكرم محمد J وأئمتهم ع، وأن الكرم من السجايا الكريمة التي تفتخر بها الشعوب وبالذات العرب، وقد اختصت عدد من الشعوب بذلك وكانت الميزة الأساسية لها، فكان العراق في أولها ومقدمتها، وكان في سنام المجد والسؤدد بوصف العراق وأهله بالكرم.

ومن هنا كان الإرادة الإلهية بأن يكون استشهاد سيدي ومولاي الإمام الحسين في كربلاء وفي العراق وهو أمر وحكمة إلهية وواقعة الطف ستكون على أيدي العراقيين. ويرى سماحة الشيخ محمد كنعان في إحدى مقابلاته التلفزيونية في قناة كربلاء وعلى برنامج (الدين والحياة) في أن استشهاد الإمام الحسين ع وفي العراق كان بحكمة إلهية ليبقى ذكر الحسين قائماً إلى يوم قيام القائم الحجة المهدي (عجل الله فرجه الشريف)؛ لأن أهل العراق هم من سيتولون إقامة العزاء والمآتم لأبي عبد الله A، وهم من سيتولون تنظيم كل المناسبات الدينية الخاصة بالإمام وحتى لبقية الأئمة الموجودين في العراق، وهي ظاهرة يتفرد بها شعب العراق عن باقي شعوب العالم والتي يشهد بها العالم كله، وزيارة الأربعين هي خير دليل على ما نقول، فلا يأتي أحد موتور وحاقد وقصير النظرة يحاول بمحاولاته الخائبة التأثير على هذه الصفات والسجايا السامية لأهل العراق وخلق الضبابية من خلال خلط الأوراق والتي كلها ستبوء بالفشل وتذهب إدراج الرياح؛ لأن هذا الشعب الكريم شعب العراق هو له خصوصية له من الله دون غيره من الشعوب، ومن ضمن السعي الجميل للكاتب عبود الكرخي انه سعى لتثبيت منزلة اهل العراق عند الأئمة D، فالإمام علي ع كان يخاطب العراقيين: "انتم الانصار على الحق"، وقد شهد معاوية بن أبي سفيان(لعنه الله) بوفاء أهل العراق للإمام علي ع بقوله المشهور: "والله لوفائكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته".

ومن سعي الجناة لتشويه سمعة العراقيين هو تحويل قول الحجاج بن يوسف الثقفي: "يا أهل العراق, يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق..."، على انه وجه من الامام علي ع، لم تكن هذه المسيرة الجماهيرية العظيمة وليدة صدفة، بل هي نبوءة كريمة من سيدة الصبر والتصابر مولاتي زينب ع

كتبت لنا المبدعة (نرجس مهدي): "لو تأملنا في شعار المسير لعرفنا معنى ان تكون هناك مسيرة مليونية ونصرة ولائية، ان هذه الملايين التي تزحف انما هم يجددون العهد مع الله سبحانه وتعالى اولاً، ويسيرون على مسيرة قافلة الشهداء فهم ينادون: (لبيك داعي الله)، وهذه الـ(لبيك) انتماء وهوية (يا ليتنا كنا معكم)، تجاوزت التحديدات الزمنية والمكانية موقعة بالدم منذ قرون موالية وهو تجسيد لقول السيدة زينب ع: (لن تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا).

هذا هو الأمد الذي تحدثت عنه سيدة الصبر، والذي هو اكبر من أن يطال من قبل أقزام العروش.. كل خطوة زائر هي صفعة بوجه يزيد وأتباعه.. أدهشني احد رؤساء المواكب الخدمية عندما قال: لا شيء ينظم عملنا بقدر تلك الانتقادات التي تردنا من اصحاب الغرض الدنيء، هم ينتقدون، ونحن نأخذ ما نراه والباقي نرميه الى الشط، تلك حكمة ان تسمع بتأن ما يقوله الخصم عن عملك، وان تعتبر بالحجم التأثيري الذي سببته عليه، وبعد هو الشعور بالراحة؛ لأن الرسالة وصلت بمعناها الباذخ، نحن قدمنا ما نريد ان نقدمه من رسالة خدمية لنقول: نحن باسم الله والحسين ع نحب الناس.

وترى الكاتبة رجاء الانصاري في منشور ارسلته لنا ان المسيرة الولائية رسالة سماوية ودستور للحياة اﻻجتماعية وفق انظمة وقوانين إلهية جمعتها زيارة اﻻربعين طوعا ﻻ كرهاً، فكل شخص فيه قدوة لغيره وكل صغيرة وكبيرة بميزان أخلاقي متكامل دون ادارة او مجموعة منتظمة، انما تنظيمها إلهي، وقائدها الحسين ع

سألت العديد من الزائرين: ما هي معاناتكم مع الطريق..؟ ابتسموا جميعهم واتفقوا على المشكلة التي يعانون منها هي قصر المسافة مهما طالت وسرعة الوصول مهما تأخر..!

الزائر جاسم كريم محمود من أهالي البصرة يقول: فرحت بأني قبلت ضريح الحسين ع وناديت بحضرته (لبيك يا حسين)، وحزنت لأن الزيارة بكل ما فيها من جمال انتهت، وعليّ العودة الى حياتنا الرتيبة؛ كونها بعيدة عن مرقد الحسين ع، طوبى لأبناء كربلاء لهذه النعمة العظيمة.

كتب لنا الكاتب عبد باقر عيسى كنت اشعر بالبهجة الروحية كلما ارى علما عراقيا على سارية موكب خدمي، ويرى الشاعر سعد رسول بلال ان صوت المراثي الذي يصدح من السماعات له اثر خلق التواصل مع التاريخ لكن تختلف المؤثرات من موكب لموكب، تجعل الزائر يستحضر وعيه في التعامل مع القضية الحسينية، يستذكرها طوال الطريق، نساعده ان نمد له التاريخ ولهذا لا نحبذ التراتيل خفيفة الطور (اللحن)، ويقول الشاعر حازم رشيد الحجية: لابد لنا اليوم من توثيق معالم هذه الشعائر لتحصينها من السطو والضياع، ولابد تحصينها من السطو أو الضياع، وتسخير جميع التقنيات الحديثة لأقرانها في العملية الخدمية المتطورة، كتبت لنا الكاتبة زهراء سالم تقول:

احتوت ثورة الامام الحسين ع على الكثير من المبادئ والصور التربوية والإنسانية المهمة التي تصب في خدمة الفرد والمجتمع، وهذه المبادئ التي بدونها لا يمكن بحال من الأحول تحقيق الأهداف المنشودة للمجتمع الاسلامي.

ومن الأمور التي تعني لي في زيارة الاربعين هي الدعوة الى الله تعالى، على المرء أن يكون صاحب دعوة الى ربه، وعليه ان لا يعتذر في الدعوة الى الله تعالى، يرى الكاتب سعد مهدي الحجية لابد من رؤية ابداعية تحيط بها المواكب الخدمية وتناميها، أي استثمار التقنيات الكبيرة لخلق اعلام وطني جماهيري، وهذا على ما اعتقد مشروع العتبة العباسية المقدسة الرامي بإعداد خمسين ألف اعلامي، يوثق سيرة الاربعينية كل عام ويصون عراقية المسعى.

نجد أن التأمل في وجوه الزائرين تعني اطلالة تأمل في وجوه رجال التأريخ، والنظر الى طريق (يا حسين) هو نفس النظر الى الطف الحسيني، تأمل فيهم سترى عابس الشاكري وإصراره على المسير، وسنجد جون وحبيب بن مظاهر والحر، القضية: هل هم يترجلون من موتهم ليعانقوا طريق النصرة كل عام، أم هؤلاء هم الزوار الذين اصروا ليتماهوا مع التاريخ بنفس السحنات، ونفس الصلابة والايمان.

كتب الأديب حميد عبد الامير الاعرجي، احتل انشاء موكب او تكية موقعاً متميزاً في المحلة او الطرف، ويعتبر تنفيذ هذا المشروع انجازاً، ولهذا ترى وجهاء المنطقة وكبارها يتزعمون الجلوس، ليكسبوا من هيبة التكايا الحسينية، هيبة ووقاراً كلما تمكنهم امكانياتهم للتبرع في ادامة عمل الهيئة الموكبية خلال عشرين يوما في كربلاء.

كتبت لنا الكاتبة الحسينية مريم اليساري:ـ تحرك الزيارة حتى لو بذكر اسمها قلب كل مؤمن، تحرك داخله بحر من الحزن والأسى، ذكريات أليمة ووقائع صعبة لخير البشر على الارض، تعرضوا فيه لأبشع ما يتعرض له الانسان.. دموع وأنين نساء فقدن أعز ما يملكن في الدنيا لأجل الآخرة.. واستيقنوا معنى التضحية في سبيل الله ولحب الله وليضربوا مثلاً لكل العالم، أن الخسارة الكبرى هي خسارة الآخرة والفوز العظيم عند الرب العظيم في جنات الخلد، ولتتبعهم هذه الجماهير معلنة النصرة والفداء رافعة أرواحها مشاريع تضحية لإدامة سبل النهضة الحسينية.

وكتبت لنا الكاتبة زينب جعفر بهذا المعنى، إذ ترى أن هذه المسيرة تضامنية مع الحق ضد الباطل؛ لتصوير مدى بشاعة الظلم المجسد ببني أمية، ورحم الله من سمع واعيتهم فنصرهم بالقول والعمل.

بينما الكاتبة رنا الخويلدي ترى ان الله سبحانه تعالى يكافئ عليه المخلصين، وقد كافأ سيد شباب اهل الجنة وسيد الشهداء بأن جعل له نصرة مستمرة تجيبه عند مطلع كل نداء (لبيك ابا عبد الله)، ويزيدون في كل عام ليعلموا انهم على مقربة من اكتمال القاعدة الشعبية من الانصار المخلصين لولده الامام المهدي المنتظر لنوحد به الأمة واسم الله وحده لا شريك له.

أخترنا لك
الناقص من القراءات

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة