فثورة الإمام الحسين عليه السلام هي ليست أول الثورات ولا
آخرها، وإذا كانت عظمة الحسين تقف عند المشروع السياسي، فهناك
متسع للتماثل مع الكثير من الشخصيات السياسية والفكرية للعالم
وهو ليس أول المفكرين ولا آخرهم. فإذا صرفنا الرسالة السماوية
عن الحسين ونجعله رمزا دنيويا عاش من أجل قضية محددة هي تحدي
الطغاة لا اكثر، ونستدرج حسب تعبير بعض الكتاب الى المكان الذي
رسموا فيه لوحة ذبحه، ولهذا يصبح الحسين رجلا ً مخدوعا وسار
بهديه دون رؤية واضحة، وعظمته تكمن في كونه رفض التراجع؟ فنسأل
أصحاب هذه النظرية الساذجة والمصطلحات البراقة عن كيفية تعيين
نبوءة هذه الارض عن طريق النبي (ص) نفسه، وعن كيفية تحديدها من
قبل الامام علي عليه السلام نفسه، وتحديد الميدان، ومناخات
الركب، واماكن الذبح، وعن كيفية تنبؤ سليمان المحمدي، ونقل
رواية الطف الى زهير بن القين، فكانت سببا في رشاده والرواية
معروفة، ولماذا حاول الحسين عليه السلام من خلال محاوراته في
الواقعة التمسك بالجذر المحمدي الرسالي؟
فالحسين بهذا المعنى لم يكن صاحب نظرية بل هو صاحب مشروع
يقيني وحامل لرسالة سماوية لا يمكن حذف هذه الرسالة عن قضية
الحسين وشخصيته التي هي امتداد طبيعي لجميع الشخصيات المكلفة
سماوياً. وإذا آمنا بهذه الحقيقة فلا يمكن لنا ان نقارن أو
نماثل شخصيته بشخصية قائد أو ممثل عسكري. وأي تدوين يسعى بشكل
قصدي الى اجهاض هذه المعادلة سيكون مسعى منحرفا لرفع شأن بعض
المفكرين الأرضيين من أصحاب النظريات الفكرية من خلال تماثله
بالحسين أو مقارنته به وهذه قراءة ناقصة يا كتبة الـعروش.