قراءة في... (شرفة انتظارك.. للشاعرة بان ضياء الخيالي)

2021/03/01

يأخذ الانتظار حيزاً ابداعياً كبيراً، وله عوالم مثيرة مؤثرة، تمنح الرؤى الشعورية شفافية تتسرب عبر تقنيات الأداء الفني، ومكونات جملية تحمل قيمها المبدعة مناراً في أغلب الفنون التدوينية... وفي قصيدة (شرفة انتظارك للشاعرة بان ضياء حبيب الخيالي) سيرت المدخل الاستهلالي بفعل استمراري تخاطبي:
(وأنت تمضي..
تسرج الوحدة خيولها..
تغزو قبائل اخضراري)
لتضع مرادفات شعورية تعمق مكونات الغياب (البكاء، السبات، اليتم الجمعي)، ومثل هذه البنى التراتبية السببية تكشف عن ملامح البعد النفسي عبر مساع مفتوحة وغير محددة (قنوات الرؤية، وهيمنة الانتظار) لتسمو القصيدة بإيجاز، وتكثيف، وتعدد المنظورات التأويلية، مع رسم مسحتها الجمالية بتعميق بؤرة القصد النصي المرموز بانزياحات فنية، منحتنا الكثير من الدلائل التي تقدم هذا الغياب حضوراً كونياً مع انفتاحات زمانية غير معنونة.
 لا أسعى لقسر تأويلي، لكني لا أريد أن أكبح رؤى فهمي للنص.
 وقد اتخذت الشاعرة منحى فلسفيا عميقا، مما جعل البنية النصية مكثفة مليئة بالانزياحات المتميزة، لتتحول الموجهات النصية من البوح الفردي الى البوح العام الشمولي:
 (الشعب والذي يمشي نائما - ويبكي..)
 ليصبح الصراع (نفسيا – جمعيا)، وليأخذ الانتظار تشكيلات رمزية، تارة يصير طوفانا، وتارة اخرى بالدثار:
 (بانتظار طوفانك...
وشوارع المدينة يتامى
 تلحفت دثارات انتظاراتها)
 أمام عوالم السبات هناك الاطياف الفواقة كتضاد، وهذا الحراك له بنية تعميم شمولي، ليصبح كل شيء ينتظر الغائب (الشعب، المساءات، الشوارع، الفضاوات، المترجلين القدامى)، ليصبح الانتظار طقسيا، ومن المراسيم المقدسة.
 تداخلات مضمرة تظهر المحسوسات المقدسة المتخطية للحاجز الزمكاني:
 (بعد كل عصور
هاجرت فيها اسراب حنينك)
 تدفع الشاعرة (بان الخيالي) نصها باتجاه المرموز المتخفي بجمل تشفيرية ذكية، تعلن قبل فصلها الختامي باستفهام تنويري:
(أين انت..؟
وأنت الباقي الوحيد هنا وهناك..
أين أنت..؟ وهويتي المنفى حتى تفي)
 والكثير من الدلائل التي تعرف الغياب حضورا كونيا مع انفتاحات زمانية، فالانتظار والغياب وسيلتان لتجسيد المرموز المستوعب لجميع الطاقات الدلالية، هو رصيد الصبر.. والغياب هنا غير الموت، فهو يشكل فضاء رمزيا تحسسنا الشاعرة من خلاله بوجود حضور في عملية التخاطب لغائب تجاوز محنة الغياب، وترتبط بيديه كل المصائر:
 (مزروعة بيديك انتظارا)
  ثم تنهي الشاعرة وقفتها بعهد لصاحب كل الأزمنة الرمز المقدس بالنور والسلام:
 (لن تنفض اشجاري اوراق عشقك يوما 
ولن ترتدي بعدك إلا اخضرار حكاياك...)
أخترنا لك
مؤرخون إسلاميون جداَ

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة