خفّ كثيرا ً القلقُ والخوفُ من إجراء العمليةَ الجراحيةَ أو اللهفة
على من سَيجريها ، لا بل وقد ساهمت ْ عمليات ُ التنظير بتقليل ِ "
هيبة " العمليات بشكل ٍ عام .
من الطبيعي، عندما نسمع ُ للوهلة الأولى أنَّ أحدهم ْ قد ْ دخل َ
المستشفى وأجرى عمليةًَ ما، أن نبدي إندهاشنا للخبر ِ وقلقنا على
الشخص مستفسرين عن السبب والنتيجة ، لكن ْ عندما يقوم ُ الآخر ُ
بالتفصيل ِ أكثر.. موضحا ً بأنها عملية (تنظير) ليسَ إلا ،طبعا ً
نلملم ُ إندهاشنا ونتبعها (مومعقوول!!) دون َ أن نهتم َ لنتيجة
العملية أو سببها. مما يعني أن هذا الصنف من العمليات، لم يبلغَْ بعد
في العرف السياسي وما أدراك َ ما العرف ُ السياسي مبلغ العملية
الجراحية من سطح، وجرح، وقطب، وقماشة، و{شوية أقح} من خاصرتي، {وشوية
أعطس} من تحت آباطي {ونستحضر طبعا أن َ أكثرَ العمليات ِ الجراحية
شيوعا ً في الثمانينات من القرن المنصرم، كانت الحصوة للمرارة، وناهيك
عن حصوة الكلية وأذكر الطقوس لكل واحد أجريت له عمليات جراحية ما عاد
َ يتمتع ُ بها صاحب عملية (التنظير)في الوقتِ الحالي منها مثلا ً أن
يتمدد على فرشتين من الصوف وطبعا ً توضع في صدر الدار "وجاهة ماشاء
الله"بعد أن تنزل هاتان الفرشتان مخصوصاً لحضرة جناب العامل عملية
"ويسند ُ ظهره ُ إلى ثلاث وسائد جديدة (طخ) يمد ُ ساقاً ويكف ُ ساقاً
بين الفينة ِ والأخرى في محاولة صامتة للتعبيرِ عن التعب والإرهاق
وغالبا ً إذا ما كانَ كبيرا بالسن يلفُ رأسهُ بالشماغ دون العقال
للإشارة إلى عدم التعافي بشكل ٍ تام كما كان الملاحظ ُ أنَ المريض َ
تتنامى عندهُ روحُ الضيافة بُعيدَ العملية مباشرة عنها في الأيامِ
العادية ، حيثُ يُكثر من الإيعازِ للأطفال (قوم جيب الشاي يا ولد ، أو
قشر برتقالة لعمك فلان) .كما أتذكر ُ موضة غريبة شاقت في ذاكَ الوقت
وهي إحتفاظ المريض بالحصوةَ المستخرجة من بطنه في وصلة قماش ووضعها في
مكان آمن... فبعد َ أن ينهي قصته ُ التي تكررت أكثر من ألف مرة (والله
يبو محمد ما فتحت عيوني من العملية، ويادوب أشوف قدامي، واذا الدكتور
الله يخليه مراويني الحصوة).. وهنا يقاطعه ُ احد اولاده الصغار
(إخصائي إحضار الحصوة) بإندفاع شديد- أجيبهه يابا- فيردُ الأب مبتسمْ
بكامل الرضا (آه جيبهه الله يرضى عليك) فيقفز الولد إلى الطبقة
العُليا من البوفيه ويحضرها بمحرمة ملفوفة.. هذا المشهد وهذه العبارات
وإندفاع الولد ( أخصائي الحصوات ) كان َ يتكرر عند َ كل زيارة ولمدة
سنة كاملة.. أما الآن فقد لغت عمليات (التنظير) الكثير من الطقوس،
بحيث قد يجري المريض عمليته ويعود إلى عملهِ أو بيتهِ بعدَ ساعة وكأن
شيئا ً لم يكن..المطمئن في الموضوع أن هناك أمراضاً لا تعالجُ
بالتنظير مثل التفرقة الطائفية والنظرة العنجهية واقصاء الآخر وعمليات
القتل والابادة والتهجير القسري والتي لابد لهذا النوع من الأمراض
المستعصية من الجراحة مما يعني أننا سنبقى مُجبرين على إتصالٍ ولو
بالحد الأدنى مع هيبة العملية . المهم، أمراض (السياسة) لا تعالج
(بالتنظير) وإنما بالجراحة والجراحة العميقة أيضا ليشعر المجتمعُ كله
بالشفاء والسعادة لكن المهم ان لايطلبوا اخصائي تكفيري متخرج من جامعة
آل سعود والا ستكثر الفضائيات التي تعرض اشلاءنا.