وهذه عملية حية فاعلة تستند الى معايير هي الأخرى تشكل نسقا
متفاوتا باتجاهين؛ اولهما: كيفية رؤية هذا الماضي ومعطيات
الانتقاء الصحيح، وثانيهما: كيفية قراءة متطلبات الواقع المعاش،
وطريقة تماهي المعنى الماضوي. والخطأ الذي وقع فيه معظم النقاد
إذ اعتبروا الدين جزءا من الماضي بينما الدين لا يمثل زمنا
معينا بل تواصليا مفتوحا على اللازمان المحدد. وهذا الخطأ سيضع
المتلقي امام خطأ يافع الخطورة، لوجود اعتبارات مستحكمة لتلك
التطبيقات المرتبكة والمرتبطة بالأنظمة والحكومات والدول
والعصور السياسية التي حكمت باسم الدين.
فعلينا النظر الى المعنى الجوهري لا رسم حدود لإمكانيات
الدين، وهذا يعني اقصاء امكانية التطور والمعايشة امام شيوع
مبادئ سياسية مقننة تدعي استدعاء الماضي، والعيش في الجزء
الذي يخدمها سواء ان كانت تلك القراءات علمانية او دينية.
بينما التاريخ الحقيقي الذي حمل معنى الدين جوهرا يفتح امامنا
على عوالم ومديات لا تمنحنا سوى محفزات يقينية تعزز الواقع
وتسعى لبناء مستقبل يتنامى ويتعايش مع كل تطور هام، ويسعى
لإضافة كل ما هو نافع من آداب وفنون وعلوم مختلفة... ويفتح
آفاقه نحو ثقافات مجتمعات واديان اخرى. فليس هناك في النقل
الماضي شيء يمنع التلاقح الفكري مع الأمم