اندهش حين اقرأ في بعض الدراسات التى ترى ان المسرح غريب
عن الثقافة العراقية فهو لم يدخل الا في العقود الاخيرة ويعلل
البعض هذه الرؤيا بعدم وجود تقنيات المسرح ( مسرحية ـ
خشبة ـ ممثل ـ متفرج ) او يعزيها البعض الى مسألة التحريم
ونحن نرى ان الكثير من المسارح التي قدمت لاتحتاج الى عناصر
متكاملة فهناك التعزيات العاشورائية التي كانت تقدم
عروض يراها النقاد هي الاقرب الى العروض الاجتفالية
القريبة من المسرح ، وقد ابعد التحريم عن مساعيها
الفنية وقدمت عروض درامية لاغبار عليها مسارح شعبية
عرفتها كربلاء في خمسينيات القرن المنصرم وقبلها
وقد تخصصت هذه العروض للمناسبات الغير عاشورائية كالمواليد المفرحة
لأئمة اهل البيت والايام المباركة ، تستحضر الذاكرة الان
عرضا رايته وانا ابن الخمس سنوات أي في الستينات من القرن المنصرم
وتحديدا في مدرسة الهندية في بداية شارع السدرة كان العرض
عبارة عن ترجمة لبعض القصص المروية عن حياة الائمة عليهم
السلام .. والمسرحية التي شاهدتها كانت تروي احدى القصص
المروية عن الامام علي عليه السلام .. كان المسرح
دائريا والممثلون يؤدون ادوارهم في وسط
الخان يحيطهم الجمهور من ثلاثة جوانب ...
بينما الأضاءة كانت فيضية تطفأ الانوار من جميع
الجوانب ماعدى المنطقة المخصصة للعرض
.. وكانت القصة تروي قصة القصاب الذي جار على المرأة وغش
اللحم وبعدها تجرأ ليدفع الامام علي عليه السلام وعندما
علم بجنايته حاول القصاب
ان بقطع يده ندما وهو يتوسل الامام بطلب المعذرة لكن الامام
منعه من فعلته وعفى عنه ورايت هذا النوع من المسرح في خان
آخر يقع في سوق الصفارين المدرجات الفرع المتجه الى زقاق
شير فضة في منطقة باب النجف .. كانت العروض تقدم
على مستويات فنية عالية الاداء ترسم هالات
الدهشة مع جمهور يتعامل مع هذا المسرح بقدسية
المناسبة الولائية .. يتبين لي من خلال
مشاهداتي ان هذه العروض المنضبطة لم تكن وليدة
يومها بل كان لها امتدادات قديمة تحكى من ابائنا
واجدادنا وهذه المناطق متعودة سنويا باقامة
هذه المناسبات حسب مواعيدها منها المفرحة والمحزنة اي
العاشورائية ومواليد الائمة وخاصة النصف من شعبان
ومولد الحسين عليه السلام والعباس وزين العابدين عليه السلام
والحسن عليه السلام في النصف من رمضان ـ وثانيا ان
هذا العدد لاينحصر بمشاهداتي فقط بل هناك
العديد من المدارس الدينية والخانات
والدواوين التي كانت تقدم هذا النوع من الفعاليات المسرحية منها
ديوان الشهرستاني في باب الطاق وديوان السادة آل جلوخان في باب
الطاق وديوان آلبو ثابت بالاضافة الى عروض عامة كما
التي كانت تقدم في ديوان البو كمونة في محلة المخيم وفي
دار السيد كاظم القزويني وهناك اماكن كثيرة التي
كانت تقدم المسرح المناسباتي في مواليد الائمة الاطهار
عليهم السلام