النوم والغفلة.
مصطفى الهادي.
شبّه تعالى الدنيا بالغطاء الذي يتغطى
به النائم ، فمتى ما استيقظ النائم وكشف هذا الغطاء عن نفسه انفتح
بصره وجميع حواسه، قال تعالى : (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم
حديد).(1) والغطاء هنا مغادرة الروح لهذا الجسد المادي المتعلق
بالدنيا، وكذلك مغادرة الدنيا التي كانت تغطي بصيرة الإنسان بشهواتها
ومغرياتها ، بمجرد أن يفارقها الإنسان سوف يستيقظ . ويؤكد ذلك هو ما
ورد عن الامام علي عليه السلام أنه قال : (الناس نيام فإذا ماتوا
انتبهوا).(2) اي انتبهوا من غفلة الدنيا ليروا امامهم ماكانوا يوعدون
من عذاب او نعيم.
ومن أشد علامات النوم هو غفلة النائم
عمّا يجري حوله. والدنيا كما يصفوها هي دار الغفلة التي تجعل الإنسان
غافل عما أعده الله له في آخرته فقال تعالى : (لقد كنت في غفلة عن
هذا). وكذلك قوله تعالى : (إذ قضي الأمرُ وهم في غفلة).(3)
ثم وصف الامام علي عليه السلام حياة
الإنسان في هذه الدنيا بأروع وصف عندما قال : (أهل الدنيا كراكب يُسار
بهم وهم نيام).(4)
اليوم تمر بنا العشرة الأواخر من شهر
رمضان ، وكأن الله تعالى يُريد منا أن نصحو فيه من النوم اوالغفلة،
فقد
كان رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان (شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ
أهله ، وطوى فراشه). فهذه العشرة فيها ليلة هي خير من ألف شهر، تتنزل
فيها الملائكة والروح وقد كان رسول الله (ص) يوصي باحيائها فقد كان
عند دخول شهر رمضان يجمع اصحابه ويخطبهم : ( إن هذا الشهر قد حضركم ،
وفيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرمها فقد حرم الخير كله ، ولا يحرم
خيرها إلا محروم). (5) فهذه العشر الأواخر خير وسيلة لطرد الغفلة
واليقظة من نوم الدنيا.
.
المصادر :
1- سورة قاف آية : 22.
2-عوالي اللئالي - ابن أبي جمهور
الأحسائي - ج ٤ - الصفحة ٧٣. و كتاب المحجة البيضاء، ج ٧ / ٤٢، كتاب
التوبة، بيان كيفية توزع الدرجات والدركات في الآخرة.
3- سورة مريم آية : 39.
4- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد
- ج ١٨ - الصفحة ٢٠٩.
5-سنن ابن ماجة رقم الحديث
1644.
