انزل الله فيهم الولاية ، فدخلوا جحر الضبّ.

2022/10/23

انزل الله فيهم الولاية ، فدخلوا جحر الضبّ.
مصطفى الهادي .
لم يكن الإسلام اول من طرح فكرة الولاية بعد النبوة، بل كانت الولاية هي جوهر العقيدة والنبوة وغايتها الكبرى ولعلها ذروة التخطيط الإلهي لسعادة الناس وتأمين مستقبلهم. وفي كل الأديان جرى ذلك، وتكون الولاية بناءا على طلب من النبي الذي لا ينطق عن الهوى فتكون الولاية ويكون شخصها الذي يُمثلها يحمل كل أعبائها ويتحلى بكل مواصفاة واخلاق وعلم النبي إلا الوحي.
ولكن للامام طرق اخرى يحصل فيها على العلم بعد رحيل النبي. فالنبي هو المعلّم والمربي الأول للإمام، ففي الأديان الأخرى فإن خلفاء الأنبياء وأوصيائهم من اسباط وحواريين ينزول عليهم الوحي كما يذكر لنا الكتاب المقدس ذلك عن خليفة موسى وعيسى عليهما السلام واسباطهم وحوارييهم، حيث كان الروح القدس ينزل على كل واحد منهم، ولربما بسبب انهم غير معصومين حسب رؤية الكتاب المقدس.
ففي التوراة ، فقد طلب موسى من الله أن يجعل له من ينوب عنه اذا غاب، فاستجاب له ربه كما نقرأ (كلم موسى الرب قائلا: ليوكل الرب إله أرواح جميع البشر رجلا على الجماعة، يخرج أمامهم ويدخل أمامهم ويخرجهم ويدخلهم، لكيلا تكون جماعة الرب كالغنم التي لا راعي لها).(1) وهذا ما كان يفهمه صحابة رسول الله صلوات الله عليه وآله. فعندما اصيب عمر بن الخطاب واوشك على الموت ، قيل له : ( ألا تستخلف؟ فقال: وددتُ أني نجوتُ منها كفافا، لا لي ولا عليّ، لا اتحملها حيا ولا ميتا).(2) وفي رواية قال له ابنه عبد الله : اذا كان عندك راع لاغنامك ثم طلبته هل تترك الغنم من دون راع. فقال له : لا . فقال له اوص. طبعا كلاهما أوصى ، ابو بكر اوصى لعمر، وعمر اوصى لستة حشر معهم عليا. في رواية البخاري قال : (فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وبعد الرحمن وقال يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء). بينما انكروا على رسول الله بأنه اوصى ، فقالوا ترك الامر هملا ولم يوص.
ودعوة النبي محمد صلوات الله عليه وآله هي نفسها دعوة موسى : (اللهم إني أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري، وأن تيسر لي أمري، وأن تحل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي، اشدد به أزري).(3)
نعود للنص فبعد ان طلب موسى من ربه أن يُعين خليفة بعده استجاب الله له : (فقال الِرب لموسى: خذ يشوع بن نون، رجلا فيه روح، وضع يدك عليه، وأوقفه قدام ألعازار الكاهن وقدام كل الجماعة، وأوصه أمام أعينهم. لكي يسمع له كل جماعة ففعل موسى كما أمره الرب. أخذ يشوع وأوقفه قدام ألعازار الكاهن وقدام كل الجماعة، ووضع يديه عليه وأوصاه كما تكلم الرب).(4) في هذا النص نفهم أن الله تعالى أمر موسى أن يقوم بتنصيب يشوع بن نون (يوشع) خليفة له أمام كل الناس علنا جهارا وخصوصا العازار الكاهن وصاحبه وهما من اشد الطامعين لخلافة موسى بعده وكانوا من اشد المبغضين والمضايقين ليوشع في حياة موسى. وسبب هذا البغض كما يُبينهُ لنا نص الكتاب المقدس فيقول : (كان يشوع بن نون رجل بأس في الحروب، خليفة موسى وكان عظيما شديد الانتقام على الأعداء ما أعظم مجده من قام نظيره من قبله؟ إن الرب نفسه دفع إليه الأعداء. ألم ترجع الشمس إلى الوراء على يده، وصار اليوم نحوا من يومين؟ كان يهزم الأعداء من كل جهة،وأن حربه أمام الرب، لأنه منقاد للقدير).(5)
هذه الاسباب هي نفسها التي حورب من اجلها علي ابن ابي طالب عليه السلام وادت إلى بغضه من قبل الطامعين لأنهم رأوه سدا منيعا بوجه اطماعهم وقد فضّلتهُ السماء من دونهم.وهذا ما اخبره به النبي صلوات الله عليه وآله عندما قال له : (ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك الا من بعدي ).(6)
وعلى ما يبدو فإن مسيرة تعيين أوصياء الأنبياء مرت بنفس الضروف في كل الأديان وهذه هي سنة الله في خلقه، فعندما بايع موسى ليوشع امام كل صحابته رافعا كفّ وصيّه تقبلوا ذلك ولم يعترضوا في حياته وبخبخوا له واعترفوا بأن يوشع اصبح ولي كل مؤمن ومؤمنة. وهذا ما تقوله التوراة : (ويشوع بن نون كان قد امتلأ روح حكمة، إذ وضع موسى عليه يديه، فسمع له بنو إسرائيل وعملوا كما أوصى الرب موسى).(7) ولكن بعد رحيل موسى ظهر ما كان خافيا من الأحقاد والإحنّ، وأول من انقضّ عليه هي (صافوراء) زوجة موسى فشنّت عليه حربا أودت بحياة الألوف.(                </div>
            </div>

        </div>
        <div class=
أخترنا لك
طول عمر الامام المهدي والكيل بمكيالين.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف