حتى الله يكره اليهود ، وهذا ما فعلته الأمم بهم.الجزء الثاني.

2019/10/10

حتى الله يكره اليهود ، وهذا ما فعلته الأمم بهم.الجزء الثاني.
مصطفى الهادي.

بيّنا في الجزء الأول كيف أن الله تعالى يعفو عن اليهود ولعدة مرات ثم يعودون لخبثهم ومكرهم وفسادهم ، فيعمد إلى التخلي عنهم ويُسلمهم بيد الشعوب التي مكروا بها وغدروا بها فتُمعن فيهم قتلا وذبحا وسبيا . والاسباب لذلك كثيرة بيّنا قسما منها في الجزء الأول وسوف نذكر بعضها هنا أيضا .

من الاسباب التي دعت الله إلى عذاب هذه الشرذمة القليلة أنهم في حياتهم كلها لا يعرفون السلام ، وإينما حلّو فإن الفساد يزحف من تحتهم ليعم الشر المنطقة التي يسكونها ومن هنا فإن الله قال في التوراة عنهم سفر إشعياء 59: 8 ((أيديكم قد تنجست بالدم، وأصابعكم بالإثم. شفاهكم تكلمت بالكذب، ولسانكم يلهج بالشر. يتكلون على الباطل، ويتكلمون بالكذب. قد حبلوا بتعب، وولدوا إثما. فقّسوا بيض أفعى، ونسجوا خيوط العنكبوت. الآكل من بيضهم يموت، والتي تكسر تخرج أفعى. أعمالهم أعمال إثم، وفعل الظلم في أيديهم. أرجلهم إلى الشر تجري، وتسرع إلى سفك الدم الزكي. أفكارهم أفكار إثم. في طرقهم اغتصاب وسحق. طريق السلام لم يعرفوه، وليس في مسالكهم عدل. جعلوا لأنفسهم سبلا معوجة. كل من يسير فيها لا يعرف سلاما)).
بعد هذه المقدمة القاسية جدا بحقهم والتي بيّنت لنا سبب كره الله لهم ومقت الشعوب لهم نأت فنقول :
بعد حصار شديد لمدينة اورشليم أكل فيه اليهود لحوم بعضهم البعض وحتى الجرذان والحشرات . سقطت المدينة سنة (607 ) ق م في أيدي جيش العراق (نبوخذ نصر) الجبار فقتل ملوك اليهود وأولاد صدقيا وكل أشراف يهوذا ، جميعهم أمام عينيه ، واعمى عيني الملك صدقيا وقيده بسلاسل نحاس ليأتي به إلى بابل . ثم احرقوا المدينة بالنار ونقضوا أسوار أورشليم ثم قام (نبوزرادان) رئيس شرطة نبوخذ نصر بسبي بقية الشعب الذي نجا من السيف إلى بابل مكتفين بالسلاسل. (1)

ثم ارجع كورش التائبين منهم إلى وطنهم وبنو مدينتهم وهيكلها مرة أخرى.

وفي القرن الأول الميلادي وقع اليهود الذين ردهم كورش وقعوا في شرك الارتداد وعادوا إلى موبقاتهم ومسلكهم الردئ فتقدمت الفيالق الرومانية بقيادة (غالوس) وحاصر المدينة ثم اخترقها بجيشه الجرار واحرقها بالنار على ارؤوس سكانها اليهود .

وفي سنة 70 بعد الميلاد وكما يذكر تاريخ (فلافيوس يوسيفوس) عاودت الفيالق الرومانية الهجوم بقيادة القائد ( تيطس).فدمر المدينة وهيكلها تدميرا كاملا وسوّيا بالأرض . فقتل تحت التعذيب اكثر من مليون يهودي عذبهم حتى الموت ورميت نحو أكثر من ( ستمائة ألف جثة ) خارج بوابات المدينة لتأكلها الوحوش الضارية. وبعد سقوط المدينة ، أخذ إلى الأسر أكثر من سبع وتسعون ألف يهودي ، مات كثيرون منهم في حلبات الصراع في مباريات المبارزة أو مصارعة الأسود. (2)

يقول البروفيسور (غرتس) في كتابه تاريخ اليهود : (أن الرومان كانوا يعلقون أحيانا ( 500) سجين في اليوم على الأخشاب . وكانت تقطع أيدي أسرى يهود آخرين .

وكانت الأحوال السائدة في غاية الرداءة فقد المال قيمته الشرائية ولم يعد بإمكانه شراء الخبز . وكان الرجال يتقاتلون بشراسة في الشوارع على صاع من الطعام وأكثره أثارة للاشمئزاز ، حفنة من التبن ، قطعة من الجلد ، أو أحشاء حيوان تطرح عادة للكلاب .. والجثث الغير مدفونة المتزايدة بسرعة جعلت هواء الصيف الحار والرطب مميتا ، ووقع السكان ضحية المرض والمجاعة والسيف). (3)

وفي سنة ( 732) ق . م قام الملك ( تفلات فلاسر) بشن حملة على مملكة إسرائيل واحتلها ، وقد فرض جزية كبيرة عليهم. (4)

وفي سنة ( 721) ق . م قام سرجون الثاني بهجوم كاسح على اليهود . فدمر مدنهم وأفنى عاصمتهم من السكان وسبى الآلاف منهم وساقهم إلى منطقة الخابور ومنطقة الموصل والرمادي. (5)

وفي سنة ( 333) ق . م خضع اليهود لحكم الإسكندر المقدوني الذي استولى على الشرق بعد انتصاره على الدولة الفارسية .

ثم قام السلوقيون بإخضاع مملكة يهوذا سنة 203 قبل الميلاد وقد فرضوا على اليهود ضرائب هائلة.

وفي سنة 167 ق.م قام اليهود بالتمرد على (انطيوخوس) مؤيدين لمصر ، فصمم أن ينهي ذلك . فذبح اليهود في كل مكان ، ونهب الهيكل وحظرت ممارسة الدين اليهودي . وصار الموت عقاب الختان ومنع السبت . ثم كانت الإهانة العظمى عندما بنى بأمر من انطيوخوس ، مذبح للآلهة زيوس داخل الهيكل وأمر اليهود أن يقدموا لحم الخنزير ذبيحة لإله اليونانيين . ثم أجبر اليهود في كل أنحاء البلد أن يطيعوا العادات والذبائح الوثنية أو يموتوا. (6)

ثم دمرهم القائد الروماني ( فاسباسيانوس) وهدم عاصمة مملكتهم ( شكيم ) سنة 67 ميلادية. ثم استولى عليهم ( تيطس) سنة 70 ميلادية واحرق مملكتهم وذبح معظم السكان وباع الباقي .

ثم قام الإمبراطور الروماني ( ادريان ) سنة 135 م بهدم المدينة بكاملها على رأس اليهود فذبح جزءا من سكانها وباع جزءا وشرد الجزء الباقي منهم .(7)

وفي أيام القاضي (باراق) ، سيطر الملك الكنعاني (يابين) بقسوة على الإسرائيليين مدة عشرين سنة ، وسيسرا هو قائد الحشود الكنعانية الجرارة . أربعة ملايين يهودي ، لا يستطيع القاضي باراق أن يجمع منهم إلا عشرة آلاف مقاتل ، يجتمعون على جبل تابور ، فتندفع فيالق سيسرا تتقدمهم 900 مركبة حربية وتعبر نهر قيشون الجاف ، وتحدث المجزرة الرهيبة. (8)

وفي عصر القائد الروماني (هارديان) حدثت المجزرة الرهيبة حيث أبطل هذا القائد كل ادعاءاتهم فقام بتدمير ( ضريح الرب ، ومعبد الرب ، وهيكل الرب ). وهدم لهم كثيرا من المباني والمنشآت. (9)
وفي السنة الأخيرة من حكم فوكاس ( 610 م ) أوقع اليهود بالمسيحيين في إنطاكية ، فأرسل الإمبراطور قائده (أبنوسوس) ليقضي على ثورتهم ، فذهب وأنفذ عمله بقسوة نادرة ، فقتل الناس جميعا ، قتلا بالسيف ، وشنقا وإغراقا وتعذيبا ، ورميا للوحوش الكاسرة.
وفي أيام (فوقا) ملك الروم ، بعث كسرى ملك فارس جيوشه إلى بلاد الشام ومصر فخربوا كنائس القدس وفلسطين وعامة بلاد الشام ، وقتلوا النصارى بأجمعهم وأتوا إلى مصر في طلبهم ، وقتلوا منهم أمة كبيرة ، وسبوا منهم سبيا لا يدخل تحت حصر ( وكعادتهم في نقض العهود والغدر قام اليهود بمساعدة الفرس) في محاربة النصارى وتخريب كنائسهم . وأقبلوا نحو الفرس من طبرية وجبل الجليل ، وقرية الناصرية صور ـ هكذا في الأصل ـ وبلاد القدس ، فنالوا من النصارى كل منال ، وأعظموا النكاية فيهم ، وخربوا لهم كنيستين بالقدس ، واحرقوا أماكنهم ، وأخذوا قطعة من عود الصليب ، وأسروا بطرك القدس وكثيرا من أصحابه.

((وثارت اليهود في أثناء ذلك بمدينة صورة وراسلوا بقيتهم في بلادهم وتواعدوا على الإيقاع بالنصارى وقتلهم ، فكانت بينهم حرب اجتمع فيها من اليهود نحو عشرين ألفا وهدموا كنائسهم ، ولكن اليهود انهزموا شر هزيمة وقتل منهم كثير ، وكان هرقل قد ملك الروم بقسطنطينية ، وغلب الفرس بحيلة دبرها على كسرى حتى رحل عنهم ، ثم سار من قسطنطينية ليمهد ممالك الشام ومصر ، ويجدد ما خربه الفرس، فخرج إليه اليهود من طبرية وغيرها ، وقدموا له الهدايا الجليلة وطلبوا منه أن يؤمنهم ويحلف لهم على ذلك فأمنهم وحلف لهم ، ثم دخل القدس وقد تلقاه النصارى بالأناجيل والصلبان والبخور والشموع المشعلة ، فوجد المدينة وكنائسها خرابا ، فساءه ذلك وتوجع له ، وأعلمه النصارى بما كان من ثورة اليهود مع الفرس وإيقاعهم بالنصارى وتخريبهم الكنائس، وأنهم كانوا أشد نكاية لهم من الفرس وقاموا قياما كبيرا في قتلهم عن آخرهم ، وحثوا هرقل على الوقيعة بهم ، وحسنوا له ذلك فاحتج عليهم بما كان من تأمينه لهم وحلفه فأفتاه رهبانهم وبطاركتهم وقسيسوهم بأنه لا حرج عليه في قتلهم . فانهم عملوا حيلة حتى أمنهم من غير أن يعلم بما كان منهم . وأنهم يقومون عنه بكفارة يمينه بأن يلتزموا ويلزموا النصارى بصوم جمعة في كل سنة عنه على ممر الزمان والدهور ، فمال إلى قولهم وأوقع باليهود وقيعة شنعاء أبادهم جميعهم فيها ، حتى لم يبق في ممالك الروم بمصر والشام منهم إلا من فر واختفى)).(10)

إلى هنا ابتدأ عصر الرسالة الإسلامية.

انتهى الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث .

المصادر .
1- إرمياء الاصحاح 39 الفقرة 6 ـ9.
2- كتاب حروب اليهود ج2 الفصل التاسع عشر .
3- كتاب أورشليم وأرض كنعان ، إبراهيم الشريقي ص 97 .
4- المصدر السابق .
5- كتاب المكابيون ، موشيه بيرلمان طبع لندن ، ص 68.
6- كتاب المكابيون ، موشيه بيرلمان طبع لندن ، ص 68
7- اليهود في القرآن ، عفيف طبارة ص 94 .
8- راجع سفر القضاة 5 : 6-8 .
9- كتاب اليهود بين الدين والتاريخ ، صابر عبد الرحمن طعيمة طبع مصر الأولى 1972 .
10- ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين الندوي ، طبع القاهرة 1990 .
أخترنا لك
لماذا يضرب الله الأمثال للناس؟ لغة الأمثال في الكتب السماوية.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة