مصطفى الهادي.
بعد عملية الظهور والقضاء على الظالمين فمن الطبيعي ان تشهد الكرة الأرضية دمارا هائلا بحيث ستكون غير صالحة للسكن نظرا لكثرة الاشعاعات ولربما أيضا بسبب الجراثيم والفايروسات حيث سيستخدم أعداء المهدي مختلف أنواع الأسلحة للقضاء عليه، فإلى أين سيذهب المهدي بالبشرية؟ هل سينتقل بهم إلى أرض جديدة تحت سماء جديدة ، أو يتم اصلاح هذه الأرض.
فبعد استتباب الامن والسلام على يد المهدي والسيد المسيح عليهم السلام ماذا سوف يجري على البشرية والأرض خربة مدمّرة لربما لا تصلح للسكن، وبعد مراجعة نصوص ما بعد المعركة رأينا أن هناك قول للمسيحية بما أن لها دور في احداث يوم الظهور على يد السيد المسيح هذا الرأي يقول : بأن الله سوف ينقل البشر إلى (أرض جديدة وسماء جديدة). وهذه الانتقالة الكبرى هي لنقل كافة المؤمنين إلى أرض جديدة وسماء جديدة كما يفهم المُفسر المسيحي حيث يقول : وهذه اشارة إلى أن الجنس البشري لا يهلك إنما يتم نقله إلى جهة أخرى حيث سوف يواصل مسيرته مع حقبة أخرى من دورة الزمان تكون خاتمة حقبة الالالم والوجع والامراض.ثم يقول على لسان عيسى في الإنجيل : (ورأيتُ سماء جديدة وأرضا جديدة لان السماء الاولى والارض الاولى قد زالتا).(1)
ولكن ماذا سيجري على الأرض حسب الرؤية المسيحية . هذا ما يخبرنا به بطرس فيقول (فإعلموا أولا إنه سيأتي في آخر الايام قوم مستهزئون يقولون أين موعد مجيئه فإنه منذُ رقد الاباء ما زال كل شيء على ما كان عليه من بدء الخليقة... وسيأتي يومُ الرب فيه تزول السموات بدوي قاصف وتنحل العناصر متقدة وتحترق الارض وما فيها...لكنا على مقتضى موعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر).(2) إذا هو عالم خال من الأشرار، كما يُصوّره بطرس.ولربما يقصد بقوله : (سماوات جديدة) هو انفتاح عالمنا الأرضي على عوالم أخرى.
وأنا عند المسلمين فلعل هناك اشارة في القرآن الكريم توافق ما جاء في الكتاب المقدس مثل قوله تعالى :(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات).(3) وتفسير ذلك كما يروي ثوبان مولى رسول الله (ص) قال : كنت قائما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه حبر من أحبار اليهود فقال أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : في الظلمة دون الجسر. يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد). (4)
وفي رواية عن ابن مسعود قال: إنها تبدل بأرض غيرها بيضاء كالفضة لم يعمل عليها خطيئة. وقال ابن عباس : بأرض من فضة بيضاء . وقال علي بن ابي طالب عليه السلام : (تبدل الأرض يومئذ من فضة والسماء من ذهب وهذا تبديل للعين وحسبك). (5)
أما إذا كانت هذه الأرض فهي سوف تكون آمنة تماما وخالية من أي عدوان حتى الحيوانات سوف تكون مسالمة فيها.كما يقول إشعياء: (لأني هأنذا خالق سماوات جديدة وأرضا جديدة، فلا تذكر الأولى ولا تخطر على بال، الذئب والحمل يرعيان معا، والأسد يأكل التبن كالبقر. لا يؤذون ولا يهلكون. فيسكن الذئب مع الخروف، ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل معاً وصبي صغير يسوقها. والبقرة والدب ترعيان ، ويمد الفطيم يده على جحر الأفعوان . لا يسوؤون ولا يفسدون ، لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب).(6)
من ذلك نستفيد بأن هذه الحيوانات لربما سوف تنجو من المحرقة البشرية وأن الله يُبدل طبائعها فتكون مسالمة. ولو تفحصنا الأحاديث النبوية لوجدنا هناك وصفا يُشابه ما ذكره إشعياء في سفره. ففي عقد الدرر للسلمي الشافعي بسنده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حديث قال: (فيبعث المهدي إلى أمرائه بسائر الأمصار: بالعدل بين الناس، وترعى الشاة والذئب في مكان واحد، ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا يضرهم شيء، ويذهب الشر ويبقى الخير.وينزع السم حتى يدخل الطفل يده في فم الأفعى فلا تضره ويلعب الأطفال مع الأسود ولا تضرهم والذئب مع الغنم كالكلب وتخرج خيرات الأرض وتنزل السماء خيراتها).(7) إنه السلام الشامل الكامل للأرض ومن عليها.
وهناك تفسير آخر لقوله تعالى (يوم تبدل الأرض غير الأرض). المقصود بهم البشر يتم استبدالهم فبدلا من الفراعنة الطواغيت والمجرمين ،سيكون هناك بشر ودعاء هم من يرث الأرض بعد هلاك الطواغيت ولربما قوله : (نقض الرب عروش السلاطين، وأجلس الودعاء مكانهم).(
