ويضرب الله الأمثال. مسألة طول العمر.

2022/03/06

ويضرب الله الأمثال. مسألة طول العمر.
مصطفى الهادي.
استخدم الله تعالى لغة الامثال لتقريب الأشياء إلى الأذهان ، فأنزل في كتبه وعلى لسانه الكثير من الامثال ، ثم امر أنبيائه بأن يستخدموا لغة الأمثال لتقريب الاشياء لمن لا يفهمها : (ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ).(1) ثم تساهل تعالى مع البشر كثيرا عندما ضرب لنا امثلة من حولنا في الطبيعة، فكثير من المخترعات والاكتشافات تم تقليد الطبيعة فيها فما طارت طائرة إلا بتقليد حركة الطائر ، وما اخذت كاميرا صورة إلا بتقليد العين ، وما غاصت غواصة إلا بتقليد اجسام الاسماك والحيتان.

ولم تكن لغة الأمثال حكرا على الإسلام ، بل أن الأديان حفلت بالكثير من النصوص والآيات التي تحث على استخدام لغة المثل. ففي التوراة هناك ثلاث اسفار اطلقوا عليها اسفار امثال سُليمان.لا بل أن في الأديان الأخرى ضرب الله للناس الأمثال والألغاز : (أعجبت الآفاق بما لك من الأمثال والألغاز والتفاسير).(2) وكذلك قوله : (العقلاء في الكلام ، يُفيضون الأمثال السديدة).(3)

واما في المسيحية فلم يكن السيد المسيح يُكلّم قومه إلا بأمثال كما نقرأ : (خرج يسوع فاجتمع إليه جموع كثيرة فكلمهم كثيرا بأمثال. فتقدم التلاميذ وقالوا له : لماذا تُكلمهم بأمثال؟ ـ فقال يسوع ـ أكلمهم بأمثال، لأنهم مبصرين لا يُبصرون ، وسامعين لا يسمعون ولا يفهمون لان قلبهم قد غلظ وآذانهم قد ثقل سماعها، وغمضوا عيونهم، كلم يسوع الجموع بأمثال، وبدون مثل لم يكن يُكلمهم).(4) وهذا نفسه موجود في القرآن فقد تكلم الله تعالى مع الناس بأمثال وبين اسباب ذلك فقال تعالى : (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حولهُ ذهب اللهُ بنورهم وتركهم في ظلمات لا يُبصرون. صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجعون).(5)

فمن تدبير الله وحكمته لعباده أن ضرب لهم الأمثال لحاجتهم إليها ليعقلوا بها، فيُدركوا ما غاب عن اسماعهم وابصارهم فمن عقل الامثال وفهمها سماه الله عالما وذلك لقوله تعالى : (وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون).(6) والعباد محتاجون لضرب الأمثال وذلك لخفاء الكثير من الأشياء عليهم بحكم النقص الذي يعتريهم.

وقد قام الكثير من العلماء بتأليف كتب معتبرة جمعوا فيها كل الأمثال التي ضربها النبي صلوات الله عليه وآله للناس.(7)

ومن الأمثال التي ضربها الله لنا هي طول عمر الكثير من البشر وكذلك المخلوقات الأخرى المنتشرة حولنا في الطبيعة وسنأخذ شرائح من ذلك ونعرضها على القارئ الكريم لعل ذلك يُساهم في رفع الغشاوة عن اعين البعض ويقطع السنتهم الساخرة.

أما في البشر فلا يستطع احد انكار وجود طويلي الأعمار في كل دين ومعتقد، وحتى في هذه الأيام التي وصل فيها العلم الى مراحل متقدمة فإن الشعوب التي تؤمن بطول العمر ــ ومنها العلم الذي يسعى لذلك ــ تؤمن بإيمان راسخ بأن من تنتظرهم ليأتوا يوما ما سيأتون وأن الله أطال في أعمارهم لحكمة. وهنا سوف اطرح بعض ذلك على شكل سؤال .

هل يستطيع أحد انكار وجود الخضر وهو اطول عمرا من المهدي ، وهل في بقاء عيسى حيا شبهة. وهل في وجود الياس شك وجميعهم اطول عمرا من المهدي . الخضر عمره اكثر من اربعة آلاف سنة ، والياس اكثر من الفين سنة . وعيسى كذلك . ألا يتسائل هؤلاء اصحاب الشبهات ، لماذا اطال الله في اعمار هؤلاء ؟ ولأي حكمة وجود اصحاب الكهف بلا طعام ولاشراب ما يقرب من الفين عام. ولماذا ذكرالله تعالى نوحا وطول عمره . مع ان معاصريه كانوا أيضا من ذوي الاعمار الطويلة حتى سُمّي عصره بعصر المعمّرين . في المسيحية لا يسخرون ولا يُشككون ببقاء عيسى حيا بل ينتظرونه ويعدون العدة لاستقباله.

واليهود لا يشكون بوجود الياس او الخضر بن ملكان بن ارفخشد حيا. وهم ينتظرون مخلّصهم منذ ثلاث آلاف عام ويتجهزون لاستقباله وتهيأة المال والسلاح لنصرته. اضافة إلى أمة كبيرة من المسلمين يعتقدون بذلك. وكذلك اعتقادهم بالاعورالدجال وأنه حي في جزيرة منذ اربعة آلاف عام ولايسخرون من ذلك ولا يُشككون.لا بل أن اليهودية والمسيحية اجمعت على صحة قول دانيال : (أنه يقرض ممالك الأرض برمتها ويُقيم مملكة سماوية لا تنقرض وتملأ الأرض كلها، وهي تثبت إلى الأبد).(                </div>
            </div>

        </div>
        <div class=
أخترنا لك
واقعة كربلاء أموية وليست بيزنطية.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف