مرقس ليس حواريا ولا تلميذا، فكيف كتب إنجيله.

2022/03/06

مرقس ليس حواريا ولا تلميذا، فكيف كتب إنجيله.
مصطفى الهادي.
ما يُنزله الله تعالى من كتب على أنبيائه ، هي بمثابة دساتير لو عملت الامم بها لعاشت في نعيم أرضي، ولكن الأنانية وتغليب المصالح جعلتهم يتدخلون في هذه التشريعات فصاغوها بما يتناسب واهوائهم ومصالحهم. ولذلك نرى الله تعالى يقوم بتجديد رسالاته عبر أنبياء جدد وتشريعات جديدة تتماشى والزمن التي هي فيه، إلى ان ختمها بالقرآن والاسلام.فلو عملت أي أمة بما انزل إليها من ربها لوصلت للكمال المنشود ولم تكن هناك ضرورة لنبي جديد بدين جديد.( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنـزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم).(1)

القرآن تعرض إلى هجوم كبير من قبل أتباع الاديان السابقة وخصوصا اليهودية والمسيحية عبر سلسلة من القساوسة والاثاريين والرحالة وخصوصا المستشرقين ممن كانوا على اﺗﺼﺎل داﺋﻢ ﺑﻮازرة اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ووزارة اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮات.فكان هؤلاء يحصلون على الدعم من قبل شركات غربية عملاقة مثل روتشيلد ، وشلّ و روكفلر ، وكارينجي ، ووليم جرانت ، وكليفلاند ، ودودج ، وأرامكو، وفورد .

ولنأخذ مثلا مؤسسة كارينجي التي تأسست عام ( 1902)بأمر من وزارة المستعمرات فإن قيمة منحتها المالية (35) مليونا من الدولارات ، فتصور ضخامة المبلغ في تلك الفترة من الزمن.فكان المستشرقون يرافقون الحملات العسكرية الاستعمارية التي توفر لهم الغطاء لسرقة تراث الشعوب.اضافة إلى سرقاتهم وبثهم للفرقة والتناحر بين الشعوب ، فإن المستشرقين سخّروا أقلامهم لتشويه تاريخ تلك الشعوب وقاموا بحملات ظالمة ضد كل ما يتعلق بدين وتراث وتاريخ تلك الشعوب. والقليل المنصف منهم ضاع صوته أمام الكثرة الكاثرة من مستشرقي السوء.وقد كان اقذر دور لهم هو نصيحتهم لوزارة المستعمرات بأن تقوم بتسليم شؤون البلدان التي يستعمروها إلى أشخاص منحطين من نفس أبناء البلد ، اشخاص لا تهمهم إلا كروشهم وفروجهم يخضمون مال الله خضم الإبل نبتة الربيع، وهؤلاء الزعماء والملوك الخونة عندهم استعداد لقمع شعوبهم لا بل قتلهم، فرفع المستشرقون شعارهم (إن الشجرة يجب أن يقطعها غصنٌ منها).(2)

ثم أوكلت وزارة المستعمرات إلى هؤلاء الخونة مهمة اهمال وتهميش ومضايقة واخافة ذوي الكفاءات العلمية لدفعهم للهجرة الى الغرب الذي وفرّ لهم كل المغريات ، من أجل تطوير بلدانهم وترك تلك البلدان غارقة في الجهل والتخلف.

من هذا المنطلق وخلال سنوات كتبت دراسات وبحوث ومقالات متواضعة سلطت فيها الضوء على حقيقة الأمر ، وهي أن كل جعجعة المستشرقين كانت لصرف الانظار عما موجود عندهم من أخطاء تاريخية وخصوصا فيما يتعلق بالدين والكتاب المقدس وسير الأنبياء والقديسين ، اضافة إلى اجرامهم الذي وصل كل زاوية من الأرض. فهالني ما رأيته من تزييف ودجل وتحريف فاضح في دينهم وتاريخهم وسياستهم، واتضحت لي حقيقة خطيرة وهي أن العالم الغربي كله خيره وشره يعيش في مستنقع من الأوهام الخطيرة التي عانت منها الشعوب الويلات. أما (خيره) ، فهو إنما بُني على نهب الشعوب واستعمارهم واضطهادهم واباحة دمائهم . واما (شرّه) ، فيكفينا ما نراه من صناعتهم لأسلحة الابادة الشاملة وحروبهم التي اكلت الأخضر واليابس وسياستهم الفاسدة المبنيّة على التعالي والغطرسة والكذب والخداع،وتدخلهم في كل مكان من العالم للنهب والسلب والاستعباد.(3)

خَلق الاستشراق مبدأ (تضخيم اخطاء غيرهم،وتبرير اخطائهم). وإن لم يكن للآخر أخطاء ، خلقوا لهُ الاخطاء. وقد استعرضت الكثير من اخطائهم في بحوث نشرتها. واليوم اتناول اعقد قضية تعاني منها المسيحية ولكنها تتستر عليها وقد وفر المستشرقون التبريرات وخلقوا الاعذار لهذه الاخطاء ، فكما نعلم فإن افضل ما موجود عند الامم هو دساتيرها ، وخصوصا الدينية وأي شائبة تشوب هذه الدساتير سيفقد الناس الإيمان وتعم الفوضى. وموضوعنا اليوم حول إنجيل (مرقس). المثير للجدل. لأن هذا الإنجيل هو الثاني في الأهمية لدى المسيحية، وهو الثاني أيضا في ترتيب الأناجيل الأربعة (متى ، مرقس ، لوقا ، يوحنا).

في المسيحية يكتبونه (مرقس ، وفي العربية يُكتب ، مرقص).ومن الغريب أن إنجيل مرقس كان يتكون من (50) اصحاحا ولكنه اليوم يتكون من (16) اصحاحا.وعندما تسألهم عن بقية الاصحاحات المختفية يقولون بأنها في إنجيل مرقس السري.(4) ولا ندري لماذا جعلوه سريا ، وهل الله ونبيه امرا بذلك فإذا كان كذلك فلماذا انزله الله إذن وما هي الفائدة من ذلك؟

ونتيجة لمجهولية إنجيل مرقس وصاحبه ،خلقوا له تاريخا زعموا فيه أن مرقس عاصر السيد المسيح عليه السلام ثم قاموا بتنصيبه قديسا بعد موته. فقد جاء في سير الشهداء والقديسن (مرقس رأى السيد المسيح وجالسه وعاش معه، بل أنه كان من ضمن السبعين رسولًا، لذا لقبته الكنيسة: ناظر الإله).(5) ويقصدون بالإله (السيد المسيح).

ومرقس من مواليد ليبيا من ابوين يهوديين ترك في إنجيله الكثير من الاقتباسات والتقاليد اليهودية ونسبها للسيد المسيح، لا بل أنه استخدم اسلوبا مربكا وجاء على ذكر أمور غير متداولة في زمان المسيح ، فهو مبتدع خطير.

تقول دائرة الكتاب المقدس : (ومن الواضح أن مرقس كتب بشارته للأمم ويظهر هذا من شرحه وتفسيره بعض العبارات الواردة عن أماكن في فلسطين وبعض العادات اليهودية وبعض التعبيرات غير المألوفة لدى الأمم فربما كتب هذا الإنجيل بين عام 65 وعام 68 م).(6)
اعتراف دائرة المعارف بتاريخ كتابة إنجيل بطرس ينفي المزاعم التي تدعي أن مرقس عاصر السيد المسيح واخذ عنه الشيء الكثير ، فتقول دائرة المعارف مرة أخرى: أن مرقس لم ير السيد المسيح ولم يعاصره ، وأنه كتب إنجيله بعد اكثر من (68) سنة من رحيل السيد المسيح عن طريق النقل من الأناجيل التي سبقته أو عن طريق اشخاص عاصروا السيد المسيح .

ثم تضيف دائرة المعارف : (ومن المحقق أن مرقس انتهز الفرص الكثيرة التي أُتيحت له ليتعرف على أقوال المسيح وأعماله من كثير من اللذين سمعوا هذه الأقوال وكانوا شهود عيان لهذه الأعمال ،وكذلك عرف الكثير منها عن طريق أفراد الكنيسة الأولى وقريبه برنابا والرسول بولس والتلاميذ الذين ترددوا على منزل أمه مريم).(7)

ودليل آخر على عدم لقاء مرقس بالسيد المسيح أنه لم يرد لهُ اسم إلا في سفر أعمال الرسل ورسائل بولص وكلا الكتابين ،كُتب بعد رحيل السيد المسيح بسنوات طويلة وهذا يدل على ظهوره في زمن هؤلاء.واما البحث في الاناجيل الثلاث التي كان أصحابها معاصرين للسيد المسيح فلم يرد ذكر (مرقص ولا مرقس).(                </div>
            </div>

        </div>
        <div class=
أخترنا لك
إلى دعاة الصدفة.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف