يا
إله الآلهة.
مصطفى الهادي.
ورد
في كتب الأدعية جملة يدعوا بها الداعي وهي : (يا إله الآلهة، ويا رب
الأرباب).(1) وقد ورد في مهج الدعوات بقوله : (اللهم يا إله الآلهة ـ
يا واحد، يا أحد).(2) ولكن بعض الاخوة يُشنّعون على الشيعة ذلك
ويعتبروه شركا مع أنه ورد في اصح كتبهم منها صحيح
البخاري.
وتفسير
ذلك أن إله الآلهة تعني المتسيّد عليهم المتسلط القاهر لهم ، لأن كل
هذه الآلهة هي خلق الله ولكن الناس عبدوها نتيجة إما ضعف في الوعي او
لمصالح دنيوية أو الخوف من بعض الظواهر الطبيعية. فمع وجود آلهة كثيرة
يعبدها الناس إلا أنه لابد أن يكون أحدها الأفضل والأقوى والمهيمن. إن
الله تعالى هو إله كلّ ما يُسمّى ويدّعي أنه إله، فإذا كان هناك (إله
آلهة) فهذا يعني أنها ليست بآلهة؛ لأن الإله هو الواحد الذي ليس فوقه
إله.لأنه كما هو معلوم فإن الآلهة التي يتخذها الناس من دون الله هي
مخلوقات خلقها الله تعالى ، مثل الشجر ، والحيوانات على اختلافها
والنجوم والرياح والشمس والقمر وقد صنع الناس آلهتهم من هذه الاشياء
وقد ورد على لسان نبي الله موسى في قوله للسامري : (وانظر إلى إلهك
الذي ظلت عليه عاكفا).(3) وهذه آية قرآنية تخاطب السامري بأنه اتخذ
إله من دون الله ، وكلمة إله الآلهة مثل قولنا : جبار الجبابرة فليس
في الكون جبّار غير الله تعالى . فجميع الآلهة التي يعبدها الناس لا
تملك ضرا ولا نفعا ولا تأثير لها على الحياة.
وقد
كانت قريش تطلق على مجموعة الأصنام التي في الكعبة بأنها آلهة مع أنها
في بيت الله كما ورد في صحيح البخاري عن ابن عباس قال : (إن رسول الله
(ص) لما قدم أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت).(4) فلم
يقل وفيه الأصنام ، بل قال وفيه الآلهة.
وفي
المستدرك على الصحيحين عن ابن عباس أيضا في تفسير قوله تعالى : (إن
الصفا والمروة من شعائر الله). قال : كانت الشياطين في الجاهلية تعزف
الليل أجمع بين الصفا والمرة وكانت فيهما آلهة لهم أصنام.فلما جاء
الإسلام قال المسلمون يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة فإنه
شيء كنا نصنعهُ في الجاهلية ، فأنزل الله تعالى : (فمن حج البيت أو
اعتمر فلا جناح عليه أن يطوّف بهما).(5)
وقد
ورد في الأدعية المأثورة تكرار هذا القول ، ولكن المشكلة ان ضعاف
النفوس يقتطعون النص لإثارة الشبهات فقط . فقد ورد عن جميل بن دراج عن
أبي عبد الله عليه السلام قال : أقرب ما يكون العبد من ربه إذا دعا
ربه وهو ساجد ، فأي شيء تقول إذا سجدت؟ قلتُ: علّمني جعلتُ فداك ما
أقول؟ قال (ع) : (قل : يا رب الأرباب ويا ملك الملوك ويا سيد السادات
ويا جبار الجبابرة ويا إله الآلهة صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا
وكذا).(6)
وقد
درج كل الأنبياء السابقين على استخدام لفظ (إله الآلهة) في الكثير من
أدعيتهم وبعض الآيات المقدسة كما نقرا في قول موسى : (الرب إلهكم هو
إله الآلهة ورب الأرباب).(7) وكذلك قول النبي داود في زبوره : (احمدوا
إله الآلهة). ( وكذلك
ما ورد على لسان النبي دانيال : (حقا إن إلهكم إله الآلهة ورب
الملوك).(9)
ونظير
ذلك كثير ورد في كل الكتب السماوية وكتب الأدعية مثل قولنا (قل اللهم
مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء).(10) وهو نظير
قولنا : رب الأرباب ، وسيد السادات وكلها تعني أنه وارث الملك
والربوبية يوم لا يدعي الملك والربوبية مدعي.وقد استخدم جهابذة علماء
السنة جملة رب الأرباب وإله الآلهة في الكثير من مصنفاتهم.(11) يقول
الفخر الرازي في تفسيره: (المسألة الثانية : قوله تعالى إلى ربك
المنتهى ، فهو رب الأرباب ومسبب الأسباب). (12)
المصادر:
1- الكافي 2/566 و3/323، وسائل الشيعة6/340، مستدرك الوسائل2/87
و4/332 و4/464، بحار الأنوار7/292 و82/131 و83/62 - 233 و88/195
و92/20- 94- 109- 168 و92/337 – 222.
2- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٢ - الصفحة
٣٣٧.
3- سورة طه آية : 97.
4- صحيح البخاري الجزء السادس ص 188 حديث رقم :
1601.
5- المستدرك على الصحيحين ج2 ص 298 حديث رقم : 3073.
6- وسائل الشيعة الحر العاملي ج6 ص : 340.
7- سفر التثنية 10 : 17.
8- زبور داود 136 : 2.
9- سفر النبي دانيال 2.
10- سورة آل عمران آية : 26.
11- مثل : الغزالي في احياء علوم الدين ج3 ص : 407. وابن تيمية في
منهاج السنة ج5 ص : 209. والشوكاني في فتح القدير وغيرهم
.
12- تفسير الرازي ج14 : 449.