ماذا بعد الفاجعة. (المحسن) بين الحقيقة والتدليس.

2020/02/02

???? ماذا بعد الفاجعة. (المحسن) بين الحقيقة والتدليس.
مصطفى الهادي.

???? بعد انتهاء جريمتهم النكراء الدامية والتي أدت إلى وأد جنين وقتل إمرأة . الجنين ليس كباقي الأجنة والمرأة ليست كباقي النساء ، انهما وديعة الله ورسوله التي اودعها عند أمته وقال لهم : (قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى).(1). انها فاطمة أم أبيها وريحانته في الدنيا وروحه التي بين جنبيه والتي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها.(2) فماذا يفعل المجرمون امام هذه الجريمة المروّعة هل يتركون الخبر يتسرب فيُطيح بهم وبعدالتهم وكرامتهم ويتسبب في ضياع اطماعهم التي من اجلها قاموا بهذه الجريمة ، فقرروا اسكات اي صوت تسول له نفسه الاعتراض عليهم .

???? ومن يستطيع ان يعترض من الناس وهم يرون أن حفيد رسول الله وابنته الزهراء لم يسلموا من بطش هؤلاء طلاّب السلطة الراكضين وراء الدنيا.

???? ثم عمد المجرمون إلى منع كل ما من شأنه ان ينشر الخبر فحبسوا الصحابة كلهم داخل المدينة ولم يسمحوا لأي احدٌ منهم الخروج (3) ، ثم قاموا بمنع رواية الحديث وتفسير القرآن (4) وضيقوا في ذلك اشد الخناق حتى أنهم لم يسمحوا بكتابة القرآن ونشره . ثم وضعوا حديث بأن الرسول (ص) قال : (لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ).(5) يعني ان الرسول منع من كتابة احاديثه او احاديث أخرى لمنع الناس من الالتهاء بها عن قرائة القرآن ، ثم عمدوا إلى إحراق كتب الحديث التي دوّنها الصحابة بإملاء رسول الله(ص).

???? وهكذا استمرت عملية التعتيم على الجريمة اكثر من قرنين من الزمان وإلى هذا اليوم نرى كل علماء السنة يُشككون في رواية الهجوم على دار الزهراء سلام الله عليها ويتهمون الشيعة بانهم من وضع ذلك مع علمهم أن اكثر من عشرين محدثا وراويا للحديث يذكرون هذه الحادثة وكلهم من اهل السنة . ولكن الذي يُكذب مزاعمهم ويكشف اجرامهم أن حدث الهجوم على دار الزهراء وما تبعه من كسر ظلعها واسقاط جنينها كشفه بكاء أبي بكر في آخر أيامه وهو يُردد آسفا نادما : (ليتني لم أكشف بيت فاطمة ، ولو أعلن عليّ الحرب).(6) وهذا القول يدل على ثقل الجريمة على صدر ابو بكر.

???? فمهما قالوا وبرروا وانكروا فإن كلام ابو بكر الذي اجمع عليه سبعة عشر مؤرخا من كبار مؤرخي ومحديث اهل السنة بأنه قال: (ولو أعلن عليّ الحرب). يدل على أن شيئا خطيرا جرى في تلك الساعة وهو امتناع الامام علي واكثر من عشرة صحابي عن بيعة ابي بكر وأن الهجوم الذي تمنى أبو بكر أنه لم يأمر به حصل بسبب خشيتهم على ضياع الكرسي من أيديهم لو انهم لم يفعلوا ذلك. ومن هنا نرى أن عمر بن الخطاب عندما أتى بالمشعل لإحراق الدار قالوا له : (أن في الدار فاطمة . فقال عمر : وإن).(7) غير مبالٍ بوجود ابنة نبي الإسلام العظيم.

???? إن هذا الصعلوك الذي كان برطيشا للحمير في السوق لا يهمه أن يكون حتى رسول الله في الدار لأن الكرسي والسلطة وبريقهما أعمى عينيه. تقول الروايات : فخرج عمر في جماعة كثيرة من الطلقاء والمنافقين وسفلة الأعراب وبقايا الأحزاب. وكانوا أكثر من ثلاثمائة.(8)

???? صحيح أن التعتيم والتستر على الجريمة لم يمنعا من تسرب الروايات وعلى لسان اصحابهم إلا أن سيرة هؤلاء المجرمين واتباعهم من بعدهم تُشير إلى صدق الحادثة وحصولها كما ذكرتها الروايات. فلم يتم قتل السيدة الزهراء وجنينها فقط بل استمر مسلسل القتل في أولاد فاطمة سلام الله عليها فكل الأئمة سلام الله عليهم مقتولين فلم يقتلوا المحسن عليه السلام نتيجة خطأ او فورة غضب حتى يتعذر لهم اصحابهم .

???? فماذا يقول هؤلاء عن مقتل الحسن والحسين سلام الله عليهم وماذا عن مقتل احفاد رسول الله من ذرية فاطمة وصولا إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام الذي قضى بالسم. حتى أنهم رفعوا شعارهم (القتل لنا عادة).(9)

???? ختاما أقول : أن مسلسل التصفيات الجسدية منذ سقوط المحسن ووفاة الزهراء استمرت وتيرته بالارتفاع حتى شمل شيعة الزهراء لا بل أن الأمر توسع وتطرف كثيرا فشمل كل من يتسمى بإسم آل البيت عليهم السلام. حيث أجمع المؤرخون على القول : (كانت بنو أمية إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه).(10)

???? المصادر :
1- سورة الشورى آية : 23.

2- المستدرك على الصحيحين للحاكم في الجزء الثالث في باب ذكر مناقب فاطمة رضي الله عنها برقم ( 4789 ). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة :إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك. قال الحكم في المستدرك ج 3 ص 141 هذا حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه.وفي صحيح البخاري - مناقب فاطمة ( ع ) - المناقب - رقم الحديث : ( 3483 ) قال (ص) : ‏فاطمة ‏ ‏بضعة مني فمن أغضبها أغضبني.

3- العاملي،‌ الصحیح من سیرة النبي الأعظم،‌ ج 1، ص77.

4- منع كتابة الحديث أو روايته بدأ من أيام حكم أبي بكر، ثم أيام حكم عمر، ثم أيام حكم عثمان. وفي بداية القرن الثاني الهجري قام عمر بن عبد العزيز بعد توليه للحكم برفع الحظر عن تدوين الحديث ولكنه حصره ضمن فقهاء بني أمية، فقد بدأ هؤلاء بتأسيس منع الحديث وقاموا بإحراق الكتب التي حوت أحاديث رسول الله، (ص) وقد قال عمر بن الخطاب بعد هذا المنع: (حَسْبُنا کتابَ الله). المتقي الهندي، كنز العمال، ج 10، ص 292.

5- صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم.

6- المعجم الكبير للطبراني 1 : 62 ، كتاب الأموال لأبي عبيد : 174 ، ميزان الإعتدال 3 : 108 ، رقم 5763 ، لسان الميزان 4 : 706 رقم 5752. إبن حجر - لسان الميزان - الجزء : 4 الصفحة . 189 إبن عساكر - تاريخ مدينة دمشق - الجزء : 30 - رقم الصفحة . 418 / 422

7- الإمامة والسياسية: 17: 20. و ابن قتيبة الدينوري ( تحقيق الزيني ) 1 /19.

8- إسماعيل الأنصاري الزنجاني الخوئيني‏، الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها ،ج‏10.

9- وهو قول الإمام زين العابدين عليه السلام في محضر ابن زياد حيث قال له أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة. أنظر : بحار الأنوار ج45 ص118.

10- تهذيب الكمال، المزي. الجزء : 13 وتهذيب التهذيب الحافظ ابن حجر، الجزء :7.

أخترنا لك
من هو ديان العالمين؟

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة