عندما ظهرت نبوءة ذبيح شاطئ الفرات زعم كل دين أن المقصود بهذا الذبيح هو نبيها او احد اتباعه من الاسباط او الحواريين ، وكل فريق قدّم تبريرات واهية ليس لها علاقة بنص النبوءة.وسبب ذلك أن الله تعالى وصف الذبيح بـ (ذبيحة مقدسة). فرغبت كل ديانة أن يكون هذا المكسب لها.

اليهود قالوا بأن الذبيح هو موسى ، لأن فرعون امر بذبحه في يوم ولادته ثم يقولون بأن التوراة والقرآن يتفقون على ذلك. القرآن يقول (يُذبّح ابنائهم). والتوراة تقول (فأمر فرعون بذبح كل المواليد العبرانيين).(1)

المسيحية ايضا زعمت أن الذبيح هو السيد المسيح وذلك أن القيصر أمر بذبح كل طفل يولد في زمان معين وقالوا بان القرآن والإنجيل ذكرا ذلك . القرآن يقول بأن الله امر مريم ان تخرج بعيدا وتلد الطفل ، والإنجيل يقول بأن ملاك الرب امر مريم ان تحمل الطفل وتهرب إلى مصر لأن القيصر مزمع أن يذبحه.(2)

وكذلك هناك فرق مسيحية أخرى تزعم أن الذبيح هو يوحنا (يحيى). حيث قام القيصر بذبحه وقطع رأسه في السجن.(3)

وكذلك وجدت مجموعة من اهل السنة والجماعة يقولون بأن الذبيح المذكور في التوراة هو عمر بن الخطاب وذلك لقول كعب الاحبار لعمر بأن اسمك وذكرك موجود في التوراة وانك مقتول. (4) وبعضهم قال بأن عثمان بن عفان هو الذبيح الذي ذبحهُ المسلمون ظلما وعدوانا. وأنا اعتقد أن هؤلاء لا دليل عندهم سوى الكيد للإسلام او التشيع الذي قدّم دليلا دامغا بأن هذه الذبيحة هي من مختصات الاسلام بصورة عامة والتشيع بصورة خاصة.

ولكن بعد البحث في كل المزاعم أعلاه ، لم نجد أي دليل يعضدها . فموسى مات موتا وليس ذبحا، ولا علاقة لمحاولة ذبحه في صغره به ولم يمت على الفرات. وقبره مجهول.

وعيسى عليه السلام حسب روايتنا لم يُصلب ولم يُقتل بل رفعه الله إليه . وحسب رواية المسيحيين فإنه لم يُقتل على شاطئ الفرات ولم يُذبح بل رفعوه على صليب وطعنوه برمح في خاصرته، ولازال معلقا على الصليب في اعناقهم.

وكذلك نبي الله يحيى عليه السلام . صحيح انه تم ذبحه وفصل رأسه ، ولكنهُ لم يُذبح على شاطئ الفرات بل في السجن وأهديَ رأسه إلى راقصة القصر.

وكذلك القائلين بأن عمر أو عثمان هما المعنيان بذلك النص ، فهما لم يُذبحان، عمر مات طعنا بخنجر ابي لؤلؤة ولم يّذبح على الفرات ، وعثمان قتلته سيوف المسلمين نظرا لسوء ادارته وهدره للأموال وتغليبه بني امية على الحكم. فنقم عليه المسلمون ذلك وقتلوه. ولم يُذبح ايضا على الفرات.

وحتى في عالم اليهودية والمسيحية وعلى الرغم من امكاناتهم المالية والإعلامية الهائلة إلا أنهم لم يستطيعوا تقديم أي ذبيحة بشرية تم ذبحها على شاطئ الفرات. وما يذكروه من حصول قتال على شاطئ الفرات كان بين أمم وثنية تعبد الاصنام ولم يكن بينها (ذبيحة مقدسة لله).

من كل ذلك يبقى الحسين عليه السلام هو الوحيد الذي قُتل على شاطئ الفرات وانه شخص مقدس جدا ، ويبقى هذا الرأي قائم حتى يأتينا احدٌ برواية تخالف ذلك.( قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين).(5)

المصادر:

1- وهو نص سفر سفر إرمياء الاصحاح 46 الفقرة 6 ـ 11. (في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا وسقطوا . لأن للسيد رب الجنود ذبيحة في أرض الشمال عند نهر الفرات).

2- وهو ما ذكره إنجيل متى 2: 13 (ملاك الرب ظهر ليوسف قائلا : قم واخذ الصبي وأهرب إلى مصر لأن هيرودس يطلب الصبي ليهلكه).

3- واما يحيى فقد ورد في إنجيل مرقص : 6 : 28. (ارسل الملك سيافا وأمر أن يؤتى برأسه فمضى وقطع رأسه في السجن، وأتى برأسه على طبق).

4- تاريخ الأمم والملوك، الطبري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1407هـ، (2/ 558، 559).قال : أن كعبا جاء إلى عمر بن الخطاب قبل مقتله بثلاثة أيام، وقال له: "اعهد فإنك ميت في ثلاثة أيام، قال: وما يدريك؟ قال: أجده في كتاب الله - عز وجل - التوراة، قال عمر: آلله إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟ قال: اللهم لا، ولكن أجد صفتك وحليتك، وأنه قد فني أجلك).

5- سورة يونس آية : 102.