متى بدأ البشر بتناول اللحوم . خزعبلات التوراة وتأييد المفسر المسيحي.

2019/11/15

متى بدأ البشر بتناول اللحوم . خزعبلات التوراة وتأييد المفسر المسيحي.
صيام نباتي.
مصطفى الهادي.

في هذا الموضوع توجد ثلاث مواضيع اختصرها بهذه النقاط .
1- المفسر المسيحي يُبرر لماذا يمتنع المسيحيون عن اللحوم والاسماك والطيور في الصيام ويأكلون فقط نباتات. حيث يعزوا ذلك إلى رجوع الانسان إلى حالته النباتية قبل الطوفان.
2- لماذا سمح الله للبشر أن يأكلوا لحوم الحيوانات والاسماك والطيور ؟ يقول المفسر : لكي لا يأكل البشر لحوم بعضهم البعض!!.
3- لتبرير وجود حيوانات مفترسة مع حيوانات أخرى في سفينة نوح وبقائها من دون طعام أربعين يوما وعدم افتراسها للحيوانات الأخرى زعم المفسر أن البشر والحيوان كانوا قبل الطوفان كلهم يأكلون نباتات.

من المفارقات الغريبة أن التوراة تقول بأن الإنسان قضى شطرا كبيرا من حياته يعيش على النباتات حاله حال الحيوانات الأخرى فجميع المخلوقات قبل الطوفان كانت نباتية حتى المفترسة منها. وأن الله لم يسمح للبشر أن يأكلوا من لحوم الحيوانات إلا بعد الطوفان مباشرة (1)
وهذا القول اغرب كثيرا من سابقه حيث أنه من المفروض ان كل حيوانات الأرض هلكت بسبب الطوفان، فكيف بدأ الإنسان يأكل من حيوانات الأرض وهي لم تكن موجودة أصلا طبق رواية التوراة نفسها ؟ التي تقول : (فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء. كل ما في الأرض يموت).(2) حيث لم ينجو من الموت سوى عدد قليل من البشر وما أدخله نوح إلى السفينة من حيوانات : (فتدخل الفلك أنت وبنوك وامرأتك ونساء بنيك معك. ومن كل حي من كل ذي جسد، اثنين تدخل إلى الفلك تكون ذكرا وأنثى).(3) يعني أدخل نعجة وخروف وبقرة وثور وديك ودجاجة ، فمتى أصبح العدد كافيا بعد الطوفان ليكفي حاجة البشر من اللحوم؟

يعني في حسابنا البشري هلكت الحيوانات كلها إلا زوجين من كل نوع فكيف اكل نوح اللحوم بعد انتهاء الطوفان ولا يوجد على الأرض اي حيوان ؟ لأننا نعرف وحسب النصوص المقدسة للكتب أن البشر تحدر من نوح وجماعته بعد الطوفان ، وكذلك فإن كل الحيوانات أيضا تحدرت من النماذج التي حملها نوح معه في السفينة وتحتاج إلى إجيال لكي يتكاثر عددها وتفي بحاجة الإنسان للطعام من اللحوم وهذا يعني أن الإنسان بعد نوح أيضا بقى نباتيا فترة طويلة.
ولكن وحسب نص التوراة الذي ينسبونه إلى الله فإن نبي الله نوح بعد أن خرج من الطوفان انتهت فترة (البشر النباتية) والتي استمرت منذ زمن آدم وحتى فترة ما قبل الطوفان كما نفهم ذلك من التوراة وما قالته التفاسير اليهودية والمسيحية : (وبارك الله نوحا وبنيه وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الأرض. كل ما يدب على الأرض، كل دابة حية تكون لكم طعاما).(4)
حيث يستمر النص في بيان ماذا كان يأكل البشر قبل نوح وحتى زمنه فيقول : (كل دابة حية تكون لكم طعاما. كالعشب الأخضر). أي كالعشب الأخضر الذي كنتم تأكلونه قبل فترة الطوفان. وهذا ما نراه يلوح في أقوال المفسر المسيحي لهذا النص حيث يقول : (أعطى الله الإنسان أن يأكل من بقول الأرض وأشجارها (تك 1: 29، 2: 16) ولم يسمح له بتناول اللحم إلا بعد الطوفان (تك 9: 3، 4).(4).

وقد فهم علماء المسيحية ذلك أيضا فاعتمدوا على نص التوراة ليسنّوا لقومهم صوما مفاده الامتناع عن اللحوم والرجوع إلى الحالة النباتية قبل الطوفان ، فيأكلون النباتات في صيامهم ويصومون عن اللحوم، وهذا رأي غريب لم نر له اثر في الأنجيل فلا يوجد نص يأمر النصارى بالامتناع عن اللحوم وتناول النباتات في الصوم. فيقول القس انطونيوس فكري في تفسير قول التوراة : (كل دابة حيَّة تكون لكم طعامًا). فقال : (كان طعام الإنسان قبلا من العشب الأخضر. والآن يسمح له الله بأكل لحوم الحيوانات والطيور والأسماك).

وفي معرض تبريره لمسألة سماح الله للبشر بأكل لحوم الحيوانات يقول القمص تادرس : (وحشية الإنسان انعكست علي الحيوان فصارت بعض الحيوانات متوحشة وصارت بعض الطيور متوحشة وهكذا الأسماك. وحرصا من الله أن لا يتحول الإنسان لوحش يأكل لحم أخيه سمح الله له بأكل لحوم الحيوانات).

فهذا المفسر يقول بأن بعض الحيوانات والطيور والأسماك تعلمت من الإنسان أن تكون متوحشة فقد كانت الحيوانات مسالمة (الاسود والنمور والذئاب واسماك القرش النسور وغيرها) ولكنها لما رأت قابيل قتل أخيه هابيل تعلمت الحيوانات الوحشية منه فاصبحت متوحشة ومفترسة أيضا وأخذت بتمزيق اللحوم وتركت أكل النباتات، ولأن الإنسان اصبح اقوى وبحاجة إلى مصدر آخر للطاقة وأن النباتات لا تفي بحاجته وأن الله خشى أن يقوم الإنسان بأكل لحم أخيه الإنسان سمح له بأكل لحوم الحيوانات والطيور والأسماك عوضا عن لحوم البشر.

فهل بعد هذا نستطيع ان ننسب هذه الكتب إلى الله ونعتبرها مقدسة ، وهل رجال الدين المسيحي الذين يُبررون للتوراة اوهامها ما هم إلا معلمون كذبة كما وصفهم السيد المسيح عليه السلام.

المصادر:
1- طبعا هنا محاولة لتبرير اجتماع الحيوانات المفترسة مع غيرها في السفينة وكيف أنها لم تفترس الحيوانات الأخرى طيلة أربعين يوما من الطوفان وعدم وجود طعام للحيوانات المفترسة فزعم المفسر هنا أن البشر والحيوان كانوا كلهم نباتيون ياكلون تبن، ولكن عندما نزلوا من السفينة بدأ يأكل بعضهم بعضا بأمر من الله.
2- سفر التكوين 6: 13.
3- سفر التكوين 6: 18.
4- سفر التكوين 9: 3 .
5- الصوم الكبير والبصخة المقدسة. مقال دراسي عن الصوم الكبير. موقع الانبا تكلا هوم.
أخترنا لك
من وحي ليلة القدر ( اشقى الآخرين )

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة