نظرة في حديث خير الناس بعد رسول الله (ص) أبو بكر
وعمر.
مصطفى الهادي .
في رواية غريبة تمجها الاسماع ولا تنفذ للقلوب وردت فى صحيح البخارى
عن محمد بن الحنفية؛ أنه قال لأبيه عليّ بن أبى طالب : يا أبت مَنْ
خَيْرُ الناس بعد الرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ (قال: يا بنى ، أو
ما تعرف ؟ قلت : لا. قال: أبو بكر. قلت : ثم مَنْ ؟ قال :
عُمَر).(1)
كيف يروي الامام علي عليه السلام هذه الرواية في مدح الشيخين و
هو يرى أبو بكر وعمر غادرين فاجرين آثمين إلى آخر يوم من حياتهم كما
يروي البخاري أيضا وهذا ما نراه في رواية البخاري التالية:
قال عمر بن الخطاب للامام علي (ع) والعباس بن عبد المطلب : ((ثم توفى
الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر أنا ولي رسول الله فقبضها
أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنتما حينئذ تزعمان أن أبا بكر (كذا وكذ) والله يعلم أنه فيها صادق
بار راشد تابع للحق ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولي رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبي بكر فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما
جميع)). (2)
قبل مناقشة هذه الروايات نريد ان نعرف لماذا ابهم البخاري قول عمر
فقال : (تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا) .
ما الذي تهرب البخاري من ذكره حيث شعر البخاري كما يبدو من جملته هذه
ان هذا الكلام خطير ويضر بسمعة الشيخين فقام بحذفه ثم ابهامه بأن وضع
مكانه (كذا وكذا).
نذهب ونفتش في صحاح اهل السنة فنجد رواية واضحة يتضح من خلالها سر
ابهام البخاري لهذا القول والرواية في صحيحة ابن حبان وهي كالتالي
.
قال عمر بن الخطاب لعلي بن ابي طالب والعباس بن عبد المطلب : ((فلما
قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا أولى برسول الله
صلى الله عليه وسلم بعده أعمل فيها ما كان يعمل ثم أقبل على علي
والعباس قال وأنتما تزعمان أنه كان فيها ظالما فاجرا والله يعلم أنه
صادق بار تابع للحق ثم وليتها بعد أبي بكر سنتين من إمارتي فعملت فيها
بمثل ما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وانتما
تزعمان أني فيها ظالم فاجر والله يعلم أني فيها صادق)).(3)
إذن يتبين من خلال هاتين الروايتين ان عليا والعباس بن عبد المطلب
كانا يران ابا بكر وعمر (ظالمين فاجرين) . فكيف يروي الامام علي حديثا
يقول فيه : أن خير هذه الامة بعد نبيها ابو بكر ثم عمر؟؟؟
اي القولين صحيح وكلاهما وردا في صحيح البخاري .
المصادر .
1- المصدر صحيح البخاري كتاب فضائل لصحابة 3468 . في هذه الرواية تتضح
امور منها أن البخاري لا يتورع من الرواية عن الضعفاء والكذابين ما
دامت الرواية تذم علي وتضعه في موقف المادح للشيخين . والامر الآخر ان
شيوخ البخاري قالوا عن الراوي لهذه الرواية بأنه لم يكن ثقة. وقالوا
عنه ضعيف ، ومنعوا الكتابة والنقل عنه . كما نرى ذلك في سير الذهبي
حيث قال : عن محمد بن كثير شيخ البخاري : لم يكن بثقة ؟ إذن يتبين ان
البخاري لم يدرس عند الثقاة. وقال يحيى بن معين عن راوي الرواية: لم
يكن لسائل أن يكتب عنه وقال عنه أيضا ابن حجر في تهذيب التهذيب : إنه
ضعيف. ومع أن علماء الرجال هذا رأيهم براوي الرواية إلا ان البخاري
يروي له (70) رواية
2
- صحيح البخاري ج5/ص2049.
3- صحيح ابن حبان ج14/ص577..