????️ تيس الخطيّة.هل المسيح يغفر
الخطايا والذنوب؟
مصطفى الهادي.
???? اوكل الله طلب غفران الذنوب
(الاستغفار) إلى الإنسان نفسه عبر التوبة ثم أعطى أنبيائه خاصية
الاستغفار للناس فقال تعالى : (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك
فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما).
ولكننا نرى مع الأسف أن اليهودية والمسيحية جعلت غفران الذنوب على
ظهر تيس بينما نرى انبيائهم يفعلون عكس ما نراه حيث ان السيد المسيح
كان يدعو الله أن يغفر للناس كما نقرأ : (فقال يسوع: يا الله، اغفر
لهم).
???? كان غفران الخطايا والذنوب عند اليهود يتم عبر ما يُمسى بـ (تيس الخطية). فإذا اثقلت الذنوب والخطايا كاهل اليهودي يأتي إلى الكاهن ليقرّ له بكل ما اجترحهُ من آثام وجرائم بحق الانسانية (ربا قتل زنا سرقة غصب تآمر خيانات) فيأمرهُ الكاهن أن يشتري (تيسا). (تيسا واحدا من المعز ذبيحة خطية).(1) ثم يأخذ الكاهن هذا التيس ويقر عليه بكل الذنوب ثم يطلقهُ في البريّة حاملا تلك الذنوب على ظهرة ، ويعود المجرم ابيض ناصع كيوم ولدته أمه ليُمارس دورة جديدة من الجرائم.
???? ولم تكن ضحية (التيس) فردية بل تُجرى بطريقة جماعية عن كل (اليهود) دفعة واحدة أيضا : (ويضع يديه على رأس التيس الحيّ ويقرّ عليه بكل ذنوب بني إسرائيل، وكل سيئاتهم مع كل خطاياهم، ويجعلها على رأس التيس، ويرسله إلى البرية ليحمل التيس كل ذنوبهم إلى أرض مقفرة، فيطلق التيس في البرية).(2) ولذلك ترى (برية جبال اليهودية الوعرة) من جهة الأردن تعج بالتيوس التي يمنعون اليهودي من صيدها وأكلها بل يطرحونها للكلاب . ويقصد بهم الأمم من غير اليهود كما يقول : (وتكونون لي أناسا مقدسين. ولحم فريسة في الصحراء لا تأكلوا. للكلاب تطرحونه).(3) ولكن هذه المنطقة مكان صيد دسم بالنسبة للخليجيين وهم سعداء في مطاردة هذه التيوس واصطيادها.
???? والغريب أن المسيحية قالت بأن هذا التيس يرمز إلى (السيد المسيح). كما يقول المفسر المسيحي : (بحسب تعاليم الكتاب كان يجب إطلاقه حيًا ليرمز هذا لقيامة المسيح غافرًا ذنوبنا. وعند إطلاق هذا التيس يشعر الشعب براحة فقد غُفرت ذنوبهم فالتيس الذي يُطلق حيّا يُشير إلى حياة المسيح التي اصبحنا نحيا بها فهو خاص بالشعب يرمز لغفران خطاياهم فتصير لهم حياة ولا يموتوا).(4)
???? وأما القس تادرس يعقوب ملطي فيقول في تفسيره للنص : (إن التيس يُشير إلى السيد المسيح الذبيح قد جاء ليُحطم إبليس في عقر داره).(5) وعلى ما يبدو فإن هؤلاء المفسرون الأوائل هم من سمح بادخال هذه الخرافات اليهودية إلى المسيحية وقاموا بتأويلها على أنها تخص السيد المسيح (التيس الذي يحمل الذنوب إلى البرية).(6) ولكن يا ترى هل نطق المسيح بذلك ؟ هل نجد نصا في كافة الأناجيل يذكر بأن المسيح قال بأنه تيس او خروف؟
???? في الحقيقة لم نجد اي إشارة إلى ذلك والسيد المسيح تكلم بكل وضوح وأنهُ لم يتكلم سرا بل علانية فقال : (أنا كلمت العالم علانية. أنا علّمت كل حين في المجمع وفي الهيكل حيث يجتمع اليهود دائما. وفي الخفاء لم أتكلم بشيء).(7) من هذا نفهم أن السيد المسيح كانت دعوته منذ البداية علنية حيث كان يُجاهر بدعوته ولم يتكلم اي كلمة في الخفاء ولم يعمل في السر.ولذلك فإن اي قول يزعم بأن السيد المسيح هو (تيس الخطية) المشار إليه في التوراة هو نصٌ كاذب لاأصل له في اقوال السيد المسيح.
???? أول من قال بأن السيد المسيح هو التيس الذي يحمل الخطايا هو يوحنا فيقول : (نظر يوحنا يسوع مقبلا إليه، فقال: هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم(!.(8) ولكنه بدلا من ان يقول (تيس) أبدلها إلى (حمل) وهو الصغير من الغنم . لكي لا يُقال أنه اقتبس النص من التوراة . ولكننا لم نسمع من المسيح نفسه أنه قال بأنه جاء ليرفع خطية العالم.
???? السيد المسيح نفسه قال بأنهُ جاء
إلى ناس ليس لهم خطية ، وإنما ابتدأت خطيتهم بمجيئه وتبليغه كلمة
الوحي كما يقول : (لو لم أكن قد جئت وكلمتهم، لم تكن لهم خطية، وأما
الآن فليس لهم عذر في خطيتهم). وتفسيرها واضح وضوح الشمس فهو يقول
بأن الناس كانوا معذورين قبل أن آتي إليهم لأنه لم تكن هناك حجة
عليهم فلا خطية عليهم فيما يفعلون ، أما الآن بعد ما جئت (فليس لهم
عذر في خطيتهم).(9) إذا عصوه او لم يُطيعوه أو لم يؤمنوا به فسوف
تملأهم الخطايا.
ولم يترك المسيح النص غامضا بل بيّن نوع الخطية التي سيقعون فيها
فقال : (أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي).(10)
???? لقد كان السيد المسيح واضحا في بيان نوع (الخطية) وهي عدم الإيمان به . ولكن بولص اليهودي المتنصر الذي شوّش المسيحية كلها بأباطيله قام بتوجيه الناس إلى التوراة لأن الخطية في زعمه لا يتم معرفتها إلا عن طريق التوراة فقال : (بالناموس معرفة الخطية. لم أعرف الخطية إلا بالناموس).(11)
???? ولكن بولص أراد أن يقوم بعملية تحريف ولكنه احسن صنعا بالاشارة إلى ذلك ، لأن الرجوع للتوراة لمعرفة الخطية يقول بعكس ما تقوله الأناجيل مجتمعة فتقول التوراة: (غافر الإثم والمعصية والخطية).(12) فلا أحد يغفر الذنوب سوى الله هذا ما تقوله التوراة ، وهو نفس القول في القرآن الكريم : ( ومن يغفر الذنوب إلا الله ). (13)
???? الأغرب من ذلك كله أننا بعد البحث والتدقيق وجدنا أن السيد المسيح لم يأت على ذكر الخطية ولا مرة ولم يذكر آدم صاحب الخطية الأولى أيضا ، ولكن (بولص شاول) وبعد رحيل السيد المسيح بسنوات طويلة يقوم بزرع بدعة خطية آدم ، من أجل أن يقول في نهاية النص بأن السيد المسيح هو الله (ربنا) فنقرأ : (كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع قد ملك الموت من آدم إلى موسى. لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جعل الكثيرون خطاة، هكذا أيضا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبرارا. بيسوع المسيح ربنا).(14)
???? من هذا النص الخطير نفهم أن السيد المسيح برئ من عقيدة الخطية التي زعموا أنه بموته رفع هذه الخطية ، ولم يذكر في ايٍ من الأناجيل لا الخطية ولا حتى إسم آدم أو حواء وحتى التيس اختفى في الإنجيل. وإنما بولص بعد عشرات السنين هو الذي جاء بهذه العقيدة ومن اجل اعطاء صفة الوحي على هذه العقيدة زعموا أن بولص رسول وإنه يوحى إليه. مع أن بولص لم يقل إنهُ يوحى إليه بل اغلب ما يقوله في إنجيله هو رأيه الشخصي وأنه يتكلم بالرأي والظن أيضا : (وأما الباقون، فأقول لهم أنا، لا الرب هكذا، بحسب رأيي. وأظن أني أنا أيضا). (15)
???? والغريب أن بولص نفسه على الرغم من أنه رسول فهو غارق بالخطيّة التي في جسده (لست بعد أفعل ذلك أنا، بل الخطية الساكنة فيّ).(16) فهل رأيت اعجب من ذلك ! شخص يزعم أن المسيح (الخروف أو الكبش او الحمل او التيس) الذي جاء ليحمل خطايا العالم . هذا الشخص غارق في الخطية وساكنة فيه لا تُبارحهُ، ألا يدل ذلك على أن بولص لم يؤمن بالسيد المسيح . لأن السيد المسيح قال بأن الخطية الكبرى هي عدم الإيمان به.
???? ختاما أقول : أن بولص اليهودي المتنصر هومبتدع عقيدة أن آدم بخطيئته التي ارتكبها في الجنة تسبب في تسلل الموت إلى الإنسان وأن الجميع اخطأوا بسبب خطية آدم، وأن المسيح جاء بعد خمسة آلاف سنة ليرفع هذه الخطية عن الجميع كما نقرأ في رسالة بولص : (لأنه كما في آدم يموت الجميع، هكذا في المسيح سيحيا الجميع).(17)
???? فهل نسى السيد المسيح ذكر ذلك فيأتي بولص بعد عشرات السنين ليقول ذلك . ثم ما ذنب الناس قبل مجيء السيد المسيح الذين ماتوا يحملون هذه الخطيئة من آدم إلى عهد موسى أنبياء او بشر عاديين. وماهو ذنب من لا يؤمن بالمسيح أن يموت بخطيئته. ثم كيف نجمع بين تيس اليهود وخروف المسيحية والتوراة والإنجيل تقولان بأن لا أحد يغفر الذنوب إلا الله.(18) ولذلك نرى السيد المسيح يرفع رأسه إلى الله ويطلب منه ان يغفر لعباده (فقال يسوع: يا الله، اغفر لهم).
????️ المصادر:
1- سفر العدد 29: 11.
2- سفر اللاويين 16: 21 وسفر اللاويين 16: 22.
3- سفر الخروج 22: 31.
4- شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري تفسير
سفر اللاويين 16.
5- شرح الكتاب المقدس - العهد القديم – القس تادرس يعقوب ملطي تفسير
سفر اللاويين 16. ثم أين هي دار إبليس ، وكيف يُحطم المسيح إبليس في
عقر داره ؟ وإبليس هيمن عليه لأربعين يوما يقوده هنا وهناك كأنه
فصيل يتبع أمه. إنجيل لوقا 4: 2 (وكان يقتاد في البرية أربعين يوما
يجرب من إبليس).
6- الخلاص بين الوحي والمفاهيم البشرية ، عوض سمعان . ص 108. دار
الاخوة مصر.
7- إنجيل يوحنا 18: 19-20.
8- إنجيل يوحنا 1: 29.
9- إنجيل يوحنا 15: 22.
10- إنجيل يوحنا 16: 9 .
11- رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 3: 20. و: رسالة بولس الرسول
إلى أهل رومية 7:7.
12- سفر الخروج 34: 7.
13- سورة آل عمران آية : 135.
14- رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 5: 12.
15- رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 7: 12. رسالة بولس
الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 7: 40.
16- رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 7: 17.
17- رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 15: 22.
18- في الإنجيل وعلى لسان السيد المسيح قال بأن لا أحد يغفر الذنوب
إلا الله كما نقرأ في إنجيل مرقس 11: 25(ومتى وقفتم تصلون، فاغفروا
إن كان لكم على أحد شيء، لكي يغفر لكم أيضا أبوكم الذي في السماوات
زلاتكم).وكذلك في سفر أعمال الرسل 8: 22(اطلب إلى الله عسى أن يغفر
لك). وعلى لسان المسيح ايضا في إنجيل لوقا 23: 34(فقال يسوع: (يا
الله، اغفر لهم). سفر يشوع بن سيراخ 2: 13(فإن الرب رؤوف رحيم، يغفر
الخطايا).