الصوم واحد في الأديان.

2024/03/25

الصوم واحد في الأديان.
مصطفى الهادي.
الصوم قديم ، قدم الشرائع على الأرض. الملائكة صائمون لأن طبيعتهم النورانية لا علاقة لها بالماديات وإنما يستمدون قوتهم وديمومة حياتهم من التسبيح كما يقول الإمام السجاد عليه السلام : (للّهمّ وحملة عرشك الذين لا يفترون من تسبيحك، ولا يسأمون من تقديسك).(1) وهذا مصداق قوله تعالى عن الملائكة : (يُسبّحون بحمد ربهم). وكذلك قوله تعالى عنهم : ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ).(2)
وهكذا أراد الله لنا أن نتشبّه بالملائكة شهر في كل سنة فنصوم قربة لهُ تعالى. وهذا الفرض موجود في كل الأديان كما نفهم من قوله تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم).
فعلى الرغم من الاختلاف في توقيت الصيام ومواقيته وجزئياته في الأديان الموجودة اليوم، ولكن الصيام الذي نعرفه هو الإمساك عن الطعام أو الإمساك عن أصناف معينة كما لدى بعض الديانات. فالمفهوم العام للصوم هو الانقطاع عن الكثير من الممارسات الجسدية، ويشمل ذلك الكلام أيضا فكما يُفسد الطعام البدن ، قد يُفسد الكلام العلاقات الاجتماعية أيضا .( إني نذرتُ للرحمن صوما فلن أكلمَ اليوم إنسيا).(3)
القرآن الكريم يؤكد بأن الصيام نفسه فُرض على كل الأمم : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم). أي هو فرض واجب ، وبالرجوع لشكل الصيام في الإسلام لا نرى أي تشابه أو علاقة بينه وبين الصيام في الأديان الأخرى. لأن الخطاب القرآني فيه تأكيد على أن الصيام في الإسلام هو كما كان عند الذين من قبلنا بكل مفردات الصيام ، ويدلنا على صدق هذا القول هو قوله تعالى : (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا).(4)
فلا يوجد أي تبديل او تغيير في السنن الماضية التي جرت على الأمم حتى في أكثر التشريعات. وقد ورد في التفسير : ( لقد كُتب الصيام على كل أمة قد خلت كما كُتب علينا شهرا كاملا وأياما معدودات).(5)
فكل ما يُقال عن الصوم وفوائده وغاياته صحيح، إلا أنهُ تعالى إضافة إلى ذلك أراد لنا أن نتشبه بأحب خلقه إليه وأطهرهم وأكملهم من مخلوقات السماء (الملائكة) ولو في هذه الجزئية المكتوبة.
المصادر:
1- حار الأنوار: ج٥٦: ص٢١٧-٢١٨.
2- سورة الأنبياء آية : 20.
3- سورة مريم آية : 26.يُقال للمنقطع عن الكلام بأنه صائم.
4- سورة فاطر آية: 43.
5- تفسير ابن كثير . وقال الطبري : يعني فرض عليكم مثل الذي فرض على الذين منْ قبلكم. في الوقت والمقدار الذي هو لازم لنا اليوم فرضُه.
أخترنا لك
جيل الصحابة الأول وثقافة الكراهية. الجزء الثالث .

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة