أبو حنيفة
والخمر.
مصطفى الهادي.
من المعروف أن الكثير
من الصحابة الكبار شربوا الخمر بعضهم على عهد رسول الله
(ص) وبعضهم بعد رسول الله (ص) وبقوا مصرّين على شربها مع
علمهم بتحريمها. وآخر من ترك شرب الخمر هو عمر بن الخطاب
الذي بقى يتماطل مع ربه حتى أنزل له أربع آيات قرآنية
عندها قال عمر بن الخطاب (انتهينا انتهينا).(1) ولكن أبا
حنيفة إمام اكبر مذاهب أهل السنة وضع فتوى بعدم تحريمها
وهو يدري أنها حرام قليلها وكثيرها ، ولكنهُ امتنع القول
بحرمتها، وعندما سألوه عن علّة عدم تحريمه الخمر
(قال: حتى لا أتهم
الصحابة بشربها. ولو أغرقوني في الفرات لا أقول إنّها
حرام ما فعلت، حتى لا أفسّق بعض الصحابة. ولو غرّقوني في
الفرات على أن أتناول قطرة منها ما فعلت).(2)
سبحان الله وأعوذ بالله
من غضب الله، أبو حنيفة لا يشرب قطرة من الخمر لأنها
حرام. ولكنه لا يفتي بحرمتها إكرام لبعض الصحابة الذين
شربوها. ولا ندري أيهما أولى عند أبي حنيفة : إكرام
الصحابة ، أم إكرام دينه. لأن أبا حنيفة يعلم جيدا أن
الحرام حرام على الصحابة وغيرهم.
أبو حنيفة سمع الأحاديث
عن النبي في حرمة الخمر وهي موجودة مدونة في زمنه ومنها
هذا الحديث عن رسول الله (ص) قال : (لا تجالسوا شرَبةَ
الخمرِ، ولا تُشيّعوا جنائزهم، ولا تُزوجوهم ولا تتزوجوا
منهم، فإن شارب الخمر يُبعث يوم القيامة مسودا وجهه
مُزرقة عيناه، يُدلع لسانهُ على صدرهِ، يسيل لعابهُ على
بطنه يُقذّرهُ من يراه).(3)
والخمر حرام في جميع
الأديان ، وقد قال الإمام الصادق (ع) : (ما بعث اللهُ
نبيا قط إلا وقد علم الله أنهُ إذا أكملَ دينهُ كان في
تحريم الخمر، ولم تزل الخمر حراما).(4)
المصادر:
1- قال أبو داود :
(لمَّا نزل تحريمُ الخمرِ قال عمر بن الخطاب: اللَّهمَّ
بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا فنزلت هذه الآيةُ
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ
فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ فقرأوها على عمر فقال اللَّهمَّ
بيِّن لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا فنزلت الآيةُ يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ
وَأَنْتُمْ سُكَارَى فقرأوها على عمر بن الخطاب، فقال
اللَّهمَّ بيِّنْ لنا في الخمرِ بيانًا شافيًا فنزلت
الآيةُ الَّتي في المائدةِ فدُعِي عمرُ فقُرِئت عليه
فلمَّا بلغ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ قال عمرُ
انتهَيْنا). أرادوا أن يُثبتوا فضيلة لعمر بن الخطاب
فأساءوا إليه، حيث اثبتوا عليه إدمانه الشديد للخمر، فلم
يتركها حتى نزلت اربع آيات.
2- هوية التشيع الدكتور
أحمد الوائلي، ص : 202. ونقل ذلك الأزهري محمد أبو زهرة
في كتابه فلسفة العقوبة صفحة : 183. أبو حنيفة بقوله هذا
فضح الصحابة وأثبت من خلال قوله بأنهم فسقة مدمني
خمور.
2- تفسير الواحدي ج2 ص
: 226.
3- وسائل الشيعة ج 17 ص
: 237 ، حديث رقم : 31930.وقد ورد في الكتاب المقدس بأن
من يشرب الخمر ملعون ومن لا يشربها يكون قريبا من الله،
وتشدد الكتاب المقدس في تحريمها فيقول (كل ما يخرج من
جفنة الخمر لا تأكل ، وخمرا ومسكرا لا تشرب، وكل نجس لا
تأكل). سفر القضاة 14 : 13.وفي الإنجيل يقول : (يكون
عظيما أمام الرب خمرا ومسكّرا لا يشرب). إنجيل لوقا 1 :
15.