صوم الكتاب المقدس.

2023/04/18

صوم الكتاب المقدس.
مصطفى الهادي.
الصيام اختبار من الله تعالى لخلقه ولمنحهم الحصانة ضد قيود المغريات والشهوات. لم يجبر تعالى الناس على الصيام إنما أمرهم وترك الأمر لهم ضمن ضوابط .فعندما ينقطع الإنسان مختارا عن كل أنواع الشهوات التي اعتاد عليها طيلة احد عشر شهرا ، فإن ذلك تترتب عليه أمور سامية نبيلة منها :
شعوره بجوع الآخرين وحاجة المحرومين إلى الغذاء.
تقوية الإرادة على ترك ما تحبه النفس.
وفي الجانب الروحي ، فإن الإنسان سوف يترك اثقل ممارسات كان لربما يقوم بها . منها الجنس ، تناول الحرام ، الغيبة السرقة وغيرها فيخلق هذا الشهر عنده شعورا نبيلا كان يفتقره في الاشهر السابقة. وهناك أمور اخرى تتعلق بالثواب والعقاب. اضافة إلى أن الصوم يقوي الذاكرة ويُساعد على التركيز لأن كثرة الأكل تسبب الغلضة في التفكير كما يقول الحديث (إذا مُلئت البطنة ، خرست الفطنة). ناهيك عن امداده لك بالروحانيات والطمأنينة والتقرب من الله تعالى، لأنك تعلم أن وراء ذلك كله هو حكمة الله تعالى في رعايتها للبشر.
في المسيحية لم يكن تشريع الصوم من الله تعالى ولا اختبارا للإنسان، بل من إبليس، كما نقرأ ( أربعين يوما يجرب من إبليس. ولم يأكل شيئا في تلك الأيام.ثم أصعد يسوع إلى البرية من الروح ليجرب من إبليس. فبعد ما صام أربعين نهارا وأربعين ليلة، جاع أخيرا).إنجيل متى 4: 1. و : إنجيل لوقا 4: 2.

في النص توجد مشكلة كبيرة وهي ، كيف استطاع السيد المسيح ان يصوم أربعون يوما متواصلة من دون ان يتناول أي طعام او ماء كما نفهم من النص : (صام أربعين نهارا وأربعين ليلة).يعني صيام اليوم كله بنهاره وليله.

الأمر الآخر . مالنا لا نرى المسيحية تصوم هذه الأيام الأربعين فترفض الالتزام بما جاء في الإنجيل وتصوم ما قررهُ القساوسة. هل عدم صيام المسيحيين يدل على أنهم يرفضون هذا الصيام لعلمهم انه ليس من الله بل من إبليس. ولعل هذا يكون صحيحا إذا رأينا أن يوحنا في إنجيله لم يذكر هذا الصيام وانكره. واما مرقس فقد قام بتوضيح إسم إبليس الذي ورد في النص فقلبهُ إلى شيطان فقال (وكان هناك في البرية أربعين يوما يجرب من الشيطان).(2) إنجيل مرقس 1: 13.

بعض الطوائف المسيحية تصوم صيام الأربعين ولكنهم زادوا عليه عشرة أيام ليصبح خمسين يوما وليس كما صام نبيهم أربعين يوما ولكنهم زادوا عليها عشرة ،ولكنهم خلال فترة الصوم يتناولون نظام غذائي نباتيّ يشمل كميات كبيرة من الخضار، الفواكه، الحبوب والبقوليّات.وغيرها التي تخلو من الدهون.وكذلك تناول العصائر والخمر والتدخين ويُمارسون الجنس.

ولو تمعنا جيدا لوجدنا أن لا السيد المسيح ولا الأناجيل الحالية حددت يوم او شهر معين للصيام ، بل هو من اجتهادات الكنيسة التي تقول : ( تُرك امر الصوم للضّمير الشخصي. وتبعاً لنموذج الكتاب المقدّس، قد تقوم جماعة من المسيحيّين أو الكنيسة بتحديد وقتٍ للصّوم هذا التّحديد الزّمني لا يرتبط بتعليم كتابي بل هو يندرج في سياقِ ترتيبٍ أو تقليدٍ كنسيٍّ). هكذا هو الصوم متى ما رغبوا يقومون بتشريع صوم لهم.
أخترنا لك
التقية ما لها وما عليها .

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة