شبهة قتل الشاه عباس الصفوي للسنة في إيران وتحويلهم للمذهب الشيعي.

2019/10/11

شبهة قتل الشاه عباس الصفوي للسنة في إيران وتحويلهم للمذهب الشيعي.
مصطفى الهادي.

هو ليس موضوع مستقل بقدر ما هو اجابة على سؤال الأخ (حكيم) Hakim Zergani الذي يقول فيه : (شيخنا الفاضل هل صحيح كما يقال ان شاه اسماعيل(ان لم اكن مخطئ في الاسم) قتل أمه لانها رفضت ان تتشيع ؟!
وهل صحيح كما يقال ان شاه اسماعيل(أيضا ان لم اكن مخطئ) قتل السنة بسبب عدم تشيعهم ؟!
هذه المعلومات لم نطلع عليها في ايران مع اني ايراني لكن نسمع من هذا وذلك ...!!)14 يناير، الساعة 08:08 صباحاً .

الاجابة.
اخي العزيز حكيم . كانت إيران لا تدين كلها بمذهب السنة حيث كان فيها أربع مدن شيعية هي: مدن : (آوه، قاشان، سبزوان، قم). التشيع كان واسعاً في إيران ومقبولاً عند عامة الناس ، خاصة في قبائل الأتراك . وعقب تتويج إسماعيل الصفوي ملكا على إيران أعلن المذهب الشيعي مذهبا رسميا للدولة التي يحكمها علما ان الكثير من الولايات لم يكن تابعا له في بداية الامر ، فقد كان أحفاد (تيمور لنك) يحكمون خراسان في الوقت الذي تحكم الأسرة التركمانية التي أطلقت على دولتها (الخروف الأسود) (قرة قوينلو) (قزوين) وفي (تبريز) المركز الجغرافي المهم ويصل نفوذ سلطتها إلى العراق وفي (عربستان) كانت (الدولة المشعشعية) والتي أسسها (محمد بن فلاح المشعشعي) هي الحاكمة. وعندما قام (خواجة علي) بالتوسط لإطلاق سراح أعداد كبيرة من الجنود العثمانيين الأتراك الذين سقطوا أسرى بيد (تيمور لنك) بعد هزيمة السلطان العثماني (بايزيد الأول) ووقوعه أسيراً هو الآخر وقد شعر هؤلاء الأسرى بالامتنان والعرفان بعد إطلاق سراحهم من الأسر وأصبحوا من أشد الموالين للأسرة الصفوية وجنودها على الرغم من مذهب هؤلاء السني.
ولكن الذي كتب تاريخ الصفويين في البداية هو المؤرخ السني قطب الدين النهروالي فيقول عن إسماعيل الصفوي ( قتل خلقاً كثيراً من أهل السنة لايحصون فيقدرهم بـ (مليون إنسان) وهذا مبالغ فيه نظرا لأسلحة ذلك الزمان (السيف والخنجر والسهم والرمح) اضافة إلى ان الشاه اسماعيل توفى في عمر مبكر (37) سنة متأثرا بمرض السل. انظر . كتاب الإعلام بأعلام بيت الله الحرام//النهروالي/ص 284 11.

ولكن السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة/ج3 ص 321 قد حقق ذلك وكشف كذبه حيث يصف ذلك بالكذب الصريح.

ويقول الباحث اللبناني (حسن غريب) بأن التشيع انتشر بفضل علماء جبل عامل حيث رأى مؤسس الدولة الصفوية – الشاه إسماعيل– أنه من العسير عليه أن يوفر للناس حقيقة المعتقد الشيعي وترسيخ مبادئه في نفوسهم، ووجد أيضاً أن كتب التشيع غير متوفرة بكثرة في إيران، فعمد إلى ملء الفراغ من خلال استحضار علماء الشيعة من جبل عامل. وقد غادر هؤلاء العلماء إلى إيران بدعوة وبغير دعوة.وفي عهد الملك الصفوي، أصبحت استمالة علماء جبل عامل للتوجه إلى إيران من السياسات الأساسية للحكومة هناك، وهكذا استمرت هجرة العلماء العامليين منذ ذلك الحين، وحتى سقوط الحكم الصفوي فكانوا سبب انتشار التشيع .

خذ مثلا العالم اللبناني الكبير (علي بن هلال الكركي): ترك جبل عامل وذهب إلى إيران ناقلاً معه مكتبة ضخمة يبلغ تعدادها أربعة آلاف مجلد، حيث خلف أستاذه الكركي في منصب شيخ الإسلام.

ولكن الذي حصل أن (الأوزبك) وهم من أهل السنة هجموا على الدولة (التيمورية) وكان فيها شيعة واحتلوا عاصمتها (سمرقند) سنة 1507 ميلادية واضطهدوا الشيعة هناك، فاصبح الاوزبك السنّة على مشارف (هرات) لا بل احتلوها فانتفخ زعيمهم (محمد شيباني) (1) واخذه الغرور فاخذ يتراشق الشتائم المذهبية مع الشاه عباس الصفوي وبلغ من غرور الزعيم الأوزبكي (محمد شيباني) أنه أرسل إلى الشاه (إسماعيل الصفوي) يدعوه إلى ترك المذهب الشيعي واعتناق مذهب السنة والجماعة، ويهدده بحرب ضروس في قلب إيران ذاتها، وبهذا أصبح لا مفر من الحرب بينهما. فاتضح العكس حيث يتبين ان أهل السنة هم من يستخدم العنف والسيف في نشر مذهبهم.

كان الزعيم الأوزبكي شيباني يتصف بالجرأة والإقدام، لكنه لم يكن على مستوى عدوه إسماعيل الصفوي في المراوغة والحنكة في الحروب، فاستغل إسماعيل ذلك، وجرَّ خصمه إلى معركة كان قد استعد لها تماما، وتمكن من إلحاق هزيمة مدوية به في منطقة (محمود آباد) - وهي قرية تبعد قليلا عن مدينة مرو- وذلك في سنة (1510 م).
قتل القائد الأوزبكي شيباني في المعركة، وبعد مقتله أعمل إسماعيل الصفوي القتل في أهل مرو الذين كانوا (حاضنة للأوزبك)، وأعلن فيها المذهب الشيعي مذهبا رسميا تأديبا لهم، علما أن أهالي هذه المناطق كانت تدين بالمذهب السني مع وجود شيعة فيها.

فاستغل المؤرخون وخصوصا الاتراك العثمانيين الذين كانوا في حرب مع الدولة الصفوية استغلوا ذلك واشاعوه وضخموه وهكذا جاء من بعدهم من عزف على اكاذيبهم حتى هذا اليوم.

ثم تتالى خيانة مناطق اهل السنة والغدر بالدولة الصفوية مع انها وفرت لهم كل ما يطلبونه من امان وارزاق وجعلتهم يتعبدون بمذاهبهم ـــ وهو ما نراه إلى هذا اليوم ـــ حيث لا تزال المذاهب السنية موجودة ، فلو كان الصفويون كما يُشاع ابادوا اهل السنة وحولوا الباقين شيعة لما رأينا اكثر من عشرين مليون من اهل الى هذا اليوم في إيران .

ولكن رؤساء شمال إيران والعراق الاكراد وهم من مذاهب الشافعية من السنة انحازوا إلى السلطان سليم الأول العثماني بحكم كونه (سنّي) وانظموا له وساندوا العثمانيين في حربهم ضد إيران فانضمّت أكثر من (25) مدينة كردية للحكم العثماني نكاية بالدولة الصفوية لكونها شيعية، فاستقوى العثمانيون بهم وضموا إليهم ديار بكر وسائر مدن شمال العراق حتى أصبح الجزء الأكبر من أراضي شمال العراق في يد العثمانيين.

والصحيح في الحركة الصفوية: هو خطها العام (استراتيجيتها) في تشكيل دولة تحفظ مصلحة الشعب الإيراني وتخلصه من الإستعمار المغولي والتركي أو غيرهما. وهذا ما تقوم به كل الدول بلا استثناء .
يقول الشيخ الكوراني : (عندما كان الأمر في بغداد يدور بين اختيار حكم مماليك مصر وحكم بني جُق العثمانيين وحكم الصفويين ، اختارت بغداد حكم الصفويين لأنهم أقرب الى نمط حكم الجوينيين ! وقد استقبل البغداديون فرقة القزلباش فاضطر حاكمها للهرب خوفاً من أن يسلمه (حراسه) الى الشاه إسماعيل الصفوي !فكان الصفويون الشيعة بعكس اهل السنة العثمانيون فقد كان الشاه عباس يُشجع على الحرية المذهبية ، وتبني سياسة الإعمار ، وسياسة تشجيع العلم والثقافة.
إن ما قام به شاه اسماعيل الصفوي في بعض المراحل من ردود فعل معاكسة إنما هي بسبب سياسية السلطان العثماني سليم الأول الذي عُرف باضطهاد الشيعة وقتل منهم اكثر من خمسين ألف حتى افرغ الولايات العثمانية منهم وسمح العثمانيون فيما بعد لشراذم الواهبية في ضرب حتى العتبات المقدسة في كربلاء والنجف وسرقة محتواياتها . وحتى هذا اليوم فإن أهل السنة مع الاسف الشديد يستعينون باخطر المجرمين من اجل إيذاء الشيعة وترويعهم في بيوتهم. ومن اجل التغطية على جرائمهم يُثيرون بين فترة وأخرى مسألة الصفويين وانهم اجبروا سنة إيران على التشيع بالاكراه . واكرر القول هنا، لو كان ذلك صحيحا لما رأينا اليوم اكثر من عشرين مليون سنّي في إيران لهم كامل حريتهم.

هذا باختصار والحديث في ذلك يطول مولاي العزيز .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- شيباني ، لا تعني أنه من بني شيبان القبيلة العربية .الشيبانيون (بالفارسية: سلسله شیبانیان) كانت سلالة من أصل المغول الأتراك في آسيا الوسطى. كانوا من أحفاد شيبان الأب (الذي هو الابن الخامس لجوجي خان وحفيد جنكيز خان).وقد اعتنق الشيبانيون الإسلام في عام 1282. في ذروته، وشملت الخانات أجزاء من إيران الحديثة وأفغانستان وأجزاء من آسيا الوسطى.
أخترنا لك
أحد اهم اسباب انتشار الإلحاد في السعودية!

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف

المكتبة