كيف انتشرت المسيحية؟
مصطفى الهادي.
قبل رحيله بأيام اخبر السيد المسيح
اتباعه بظهور أنبياء كذبة بعده وحذّر منهم ووصفهم بالذئاب الخاطفة.
وفعلا لم تمض فترة طويلة حتى بدأ ظهور هؤلاء الدجالين ، وأولهم (بولس
و أبلوس) بولس الذي زعم أن الله اختاره رسولا بعد المسيح.
بولس وأبلّوس . ثنائي عجيب لا
تستطيع أن تجمع بينهما نظرا للفارق الهائل في الثقافة فهذا أمي جاهل
مأبون باعتراف الكتاب المقدس . وذاك مثقف سطحي متكلم مفواه ذو خط
جيد.
شخصيتان يهو ديتان أدعيا أنهما
اعتنقا المسيحية عن طريق اللقاء بالسيد المسيح بعد وفاته بسنوات طويلة
في رؤيا عجيبة وسط صحراء قاحلة لم يكن الشهود فيها سواهما.
يخبرنا الكتاب المقدس بأن وجوه
اليهو د وشخصياتهم الدينية الكبيرة الساينهد ريم اجتمعوا ببولس في
مدينة رومية وطلبوا منه أن يعطي وجهة نظره في محاربة الدين الجديد
فقالوا له : (نستحسن أن نسمع منك ماذا ترى لأنه معلوم عندنا من جهة
هذا الدين أنه يُقاوم في كل مكان) .(1)
فأخبرهم بولس بأنه بدأ ذلك فعلا
بمحاربة دين المسيح منذ زمان فقال لهم : (أنا غرست وأبلّوس
سقى).(2)
إذن هذه هي الديانة المسيحية ؟ يهو
دي غرس ، ويهو دي سقى فأنبت عملهما هذا المسخ المشوه الذي نراه
اليوم.
كما هو معروف فإن اليهو د هم من كتب
الأناجيل الأربعة اضافة إلى وجود مبلغين كانوا يدورون في أرجاء الدولة
الرومانية لتبليغ الرسالة الجديدة وكانوا يعملون تحت يد بولس مباشرة
وتحت اشرافه ، وقد كُلفوا بهذه المهمة الخطيرة قبل أن يسبقهم أحد في
نشر شيئا عن السيد المسيح . فنشر هؤلاء اساطير وخرافات تتعلق بموت
المسيح وانه ابن الله ثم انه الله.
لقد كان لتعاليم بولس التي اعطاها
لهؤلاء الأثر البالغ في نشر الأفكار المسيحية المضطربة ، وعلى ضوء ما
رآه بولس وتخطيط المجلس الأعلى للسنهد ريم اليهو دي كما هو مذكور في
النص المذكور آنفا.
أما (أبلّوس) الاسكندري اليهو دي
ساعد بولس الأيمن، هذا الرجل الذي يصفهُ الكتاب المقدس بأنه : شخص لا
يفهم التعاليم المسيحية كاملا ، ولكن الكتاب المقدس يُبرر لهُ قيامه
بمهمة التبليغ الخطيرة : بأنهُ كان سليط اللسان يمتلك صوتا
عاليا.
يقول الكتاب المقدس واصفا أبلوس :
بأنه كان لا يفهم إلا معمودية يوحنا(3) وأنه حتى لا يعرف ماهو الروح
القدس (4) الذي أشاعه بولس ولكننا نراه يصبح بعد سنوات قليلة ممثلا
جائلا مهما في التبشير المسيحي لجماعة القرن الأول .
أبلّوس هذا يصفه العالم الفرنسي (ف
. ف . بروس) ويصف كيفية اهتدائه للمسيحية قائلا : يبدو أنهُ كان
رحّالا وربما تاجرا متجولا وربما التقى كارزين مسيحيين في احد الأماكن
الكثيرة التي زراها . إذن أن كل ما هو معروف عن هذا المارد هو كلمات
(ربما ربما ربما) . فلا يوجد شيئ ثابت لإيمانه المسيحي . وهكذا يتم
تبرير عملية قيامه بنشر الديانة المسيحية وتبرير عملية ثقافته
المسيحية أنه (ربما) التقى بمبشرين مسيحيين علّموه تعاليم المسيح. مع
أن ابلوس هذا كان معروفا بيهو ديته ولهذا السبب لم يعرف اشياء كثيرة
عن المسيحية . كما ينقل لنا الدكتور ج . ص . هاوسن حيث يقول : (يظهر
أن ابلوس أيضا كان يجهل انسكاب الروح القدس يوم الخميس سنة 33 ب.م ومع
ذلك كانت لديه بعض المعلومات عن يسوع ولكن معرفته لم تكن بحسب المعرفة
الدقيقة ولما بدأ أبلوس هذا يشرح طريق الرب إلى كل من أكيلا وبريسكلا
، فقد تصرفا بحكمة إذ لم يحاولا تقويم فهمه الناقص أمام الناس).
(5)
مع كل هذه الاعترافات على جهل الرجل
، يصفه بولس اليهو دي بأنه رجل مقتدر في الكتب الفلسفية ، فيقول :
(أقبل إلى أفسس يهو دي اسمه أبلّوس اسكندري الجنس رجل فصيح مقتدر في
الكتب . كان هذا خبيرا في طريق الرب وابتدأ هذا يجاهر في المجتمع) .
(6)
فقد كان كل من بولس وأبلوس هما
الزارعان والغارسان والساقيان الحقيقيان للديانة المسيحية وخصوصا في
أرجاء الدولة الرومانية . ولكن الشيء اللافت للنظر هو أن بولس هذا كان
أميا جاهلا لا يقرء ولا يكتب ولا يملك لسانا فصيحا أو خطا جيدا ولذلك
اختار ابلوس ليكون يده التي يكتب بها رسائله ولسانه الذي يُبشّر به
بين الأمم وهذه العقدة تدفع بولس إلى الاعتراف بذلك في إنجيله فيقول :
(كنت عاميا في الكلام). (7) هذا الاعتراف صاحبته مرارة في قلب بولس
حيث رأى أن الناس بدأوا يميلون إلى ابلوس فأخذته الغيرة منه . فقد
(كان لأبلوس تأثير قوي بين الكورنثيين ، إلا أن كرازته أنتجت للأسف
آثارا سلبيه غير متوقعه). (