طوابير لاتنتهي حكايتها

2020/04/04

بعد.15 عاما من اعوام التغيير والخروج من الحقبة المظلمة للانظمة الدكتاتورية , ماتزال معالم البؤس والشقاء شاخصة في أروقة الدوائر الحكومية وأمام شبابيك المراجعين تحديدا وهم يتوسمون المروءة في شخص الموظف الشاخص بكتلة جسده المدللة على اجهزة التكييف التي تتكلم بوجهين كحال بعض المنافقين والمتملقين فهي تعطي نسيما عذبا لطاغية الشباك وتلقي بسمومها على المراجع القانع بالصيف الطبيعي والصيف المصطنع الذي وفرته له حكومته البارة . اللوحة لم تكتمل بعد , فأن سموم المكيفات هي بوادر المحنة لا المحنة ذاتها لأن المحنة بتمامها متعددة الفصول وكل فصل يهون ما دونه . المشهد لايختلف بشيء عن مشهد وقوف مساكين ذلك الزمان على شبابيك دوائر التجنيد الصدامية بيد أن جناب السيد الانضباط قد غادر المشهد وتم استبداله بأشخاص يخرجون من نعيم المكيفات لمرات عديدة ( يطالبون ) مساكين الطوابير بالتزام الهدوء وضبط النفس والتحلي بالصبر الذي ولد معهم . الفايل الاصفر والاخضر والوردي هو هو وأن تغير محتواه وتغير شعار الجمهورية فيه لكنه لا يخلو من مقومات ديمومته المقدسة المستمسكات الاربعة مستنسخة وربما صورة للمواطن الكريم . ولا يخفى على الفطن اللبيب العارف بمجريات المراجعات ما لهذا الفايل من استخدامات متعددة فهو تارة يكون ( مهفة ) واخرى يكون مظلة تقي من لهيب شمسنا الحرة التي لم يدخر السياب وسعا بوصفها ( الشمس أجمل في بلادي من سواها ) مع اعتزازنا بشمسنا وشاعرنا الا أنها في مثل هذه الاماكن فعلا ليست كسواها . ولأعقاب السجائر حكاية ليست ككل الحكايات فكل عقب سيجارة يسقط على الارض تسقط معه بقايا حسرات ولوعات ايسرها طول الانتظار وسوء المعاملة فضلا عن هموم وطن جريح اثقلته الحروب فأودت به في أودية مظلمة وطرق شائكة لا تفضي بالمتفكر بشأنها الا الى الاستسلام لمستقبل مجهول , هذا ماعدا الانفعالات الثلاث التي تعد من لوازم هذه المراجعات ( الانفعال الاول الملل من كل شيء هناك والثاني الفرحة بانجاز المعاملة والثالث الاحباط حين يطلب منك العودة الى المربع الاول بسبب خلل في فقرة روتينية تجاوزتها شعوب الارض منذ العصور المظلمة ) , ومن الطريف الظريف أن السادة اصحاب الطوابير يقضون أوقات الانتظار في تكرار جدلهم الفيسبوكي اليومي وندب الحظ والقسمة وهم يضمرون في أنفسهم أعذب الكلمات للثناء على صاحب السمو الموظف خلف النافذة الزجاجية ذات الفتحة الصغيرة التي تجبر المراجع على وضعية الركوع واستدبار القوم في مشهد لايخلو من تخطيط مسبق للاذلال وسأكون منصفا لو تنازلت قليلا عن وصفه بالتخطيط المسبق , فنحن جميعا بانتظار من يلغي مخططات الاذلال وظاهرة الطوابير بجميع تفاصيلها .
أخترنا لك
طوابير لاتنتهي حكايتها

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف