هل أصبحنا بحاجة الى تمثيل برلماني جديد ؟

2020/03/27

لانستطيع تصور ما سيحدث في السنوات او في الأشهر المقبلة .. أو حتى في الايام والساعات المقبلة ، إن كتب الله لنا الكون فيها وعيش أحداثها .
فالصورة معتمة والمستقبل يحجب تصوراتنا عنه هيجان نقع الصراعات في ميدان كبير مترامي الاطراف إسمه ( العراق ) ، وهو بلد يعيش منذ خمسين عاما متسمرا في مكانه ويجتر مقدراته اجترارا ليقوى على البقاء .
خمسون عاما انقسمت الى قسمين غير متكافئين بعدد السنين لكنهما تضمنا مفهوما واحدا هو ( الخراب ) .
القسم الاول ومدته ٣٥ عاما كان من حصة حزب واحد جاء بالانقلاب وأتقن ممارسة الدكتاتورية بأبشع صورها .
والقسم الثاني ومدته ١٥ عاما كان من حصة كل الاحزاب الحاكمة اليوم والتي جائت عن طريق ممارسة ديمقراطية كديمقراطيات العالم المتحضر لكنها أسائت استخدامها وحرفت مضمونها وصيرتها وسيلة لدكتاتورية تتجدد كل أربع سنوات تتقاسم فيها الكعكة والادوار في محاصصة بغيضة مقيتة لم يشهد التاريخ لها مثيلا الا في سقيفة القوم .
التجربة الديمقراطية منجز حققته المرجعية العليا ووقفت بوجه كل من أراد للعراق دستورا معلبا جاهزا وحكومة تراعي مصالح الغرب وتلقي بهذا الشعب في غيبوبة جديدة وسجن من نوع آخر ينعم فيه الشعب بتخدير طويل الامد ومشاهدة ممتعة لمواقع التواصل الاجتماعي وانحلالا يلقي به في مهالك العلمانية والعولمة والرأسمالية ويجعل البلد مضخة نفط مجاني وقوة يستعان بها لتحقيق مآرب وغايات أصحاب الفضل في التحرير .
وقد أشارت المرجعية الدينية الى ذلك في بيانها حول الانتخابات في ١٧ شعبان ١٤٣٩ ما نصه : (
نظامٌ يعتمد التعدّدية السياسيّة والتداول السلميّ للسلطة عبر الرجوع الى صناديق الاقتراع، في انتخابات دوريّة حرّة ونزيهة، وذلك إيماناً منها بأنّه لا بديل عن سلوك هذا المسار في حكم البلد إن أُريد له مستقبل ينعم فيه الشعب بالحرية والكرامة ويحظى بالتقدّم والازدهار، ويحافظ فيه على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا. ) .
قد يتسائل البعض : مالذي حصلنا عليه من هذه الديمقراطية التي أنجزتها المرجعية ودعت اليها ؟ فالوضع من سيء الى أسوأ .
هنا ينبغي الالتفات الى نقطة مهمة وهي أن في التاريخ من الحوادث ما فيه شبه بحوادثنا ، وأعظم شاهد - ديني وتاريخي - هو دعوة النبي صلى الله عليه وآله الى الاسلام ، فهل أن اتباع هذا الدين الحنيف امتثلوا اليه كما ينبغي لهم أم أنهم انقلبوا على الاعقاب وتفرقوا وتقاتلوا وارتكبوا كل الموبقات الا من عصم الله تعالى بعصمته ومن تبعهم ؟.
وكم من حركة في التاريخ تحمل منهجا فكريا ورصانة قوبلت بالرفض أو بسوء التطبيق ؟ 
فهل أن سوء التطبيق وسوء الفهم وتغليب المصالح الشخصية وحب الأنا وخلط الاوراق وحب المال والسلطة والشهرة والتنافس اللا شريف هي من دواعي أن يتم الطعن برسالة الاسلام أو بحركات ومشاريع الاصلاح ؟ 
لا أظن أن عاقلا سينعم جوابا ويؤيد هذا الطرح .
المرجعية الدينية العليا وكما هو شأنها انطلقت من ثوابتها الشرعية المستمدة من فكر النبوة والامامة وقدمت مشروعها الداعي الى حياة حرة كريمة لا عودة فيها للحكم الاستبدادي والفردي الذي أهلك النسل والحرث .
الخلل إذن هو فيمن تصدى وأساء التصدي ولم يكن ناضجا بما يكفي لتحمل مسؤولية خدمة شعبه وجمهوره الذي اختاره وانتظره طيلة ١٥ عاما ومنحه من الفرصة مايكفي لتقويم مساره ومن الزمن مايكفي لبناء دولة ومن العمر ما يكفي لجعله شعبا مضحيا بعقد ونصف العقد من عمر كبر فيه الصغير وشاب فيه الشاب وارتحل الى القبر من كان يحلم بشيء اسمه وطن .
مشكلتنا التي يجب النظر اليها اليوم بواقعية أكبر وبمستوى المسؤولية هي عدم الاتكال مجددا على من خذل المرجعية والشعب وآلية ذلك أن نحافظ على منجز المرجعية وحثها على الممارسة الديمقراطية ولكن هذه المرة بتشكيل كتلة تمثل الشيعة حق التمثيل وتقر أعين أمهات الشهداء وأيتامهم ، كتلة تشكلها النخب المثقفة الواعية الكفوءة تطل علينا بوجوهها الولائية وقلوبها التي تتحرق شوقا للنهوض بواقع أرض النبوة والامامة ، وأن الأم  التي انجبت شهيدا ضحى بنفسه استجابة لفتوى المرجعية قد أنجبت رجالا آخرين لا تأخذهم في سبيل بناء وطنهم لومة لائم .
وما يزال الأمل قائما بأمكانية تصحيح مسار الحكم وتم الاشارة الى هذا الأمل أيضا في بيان المرجعية الدينية حول الانتخابات النيابية العراقية في ١٧ شعبان ١٤٣٩ ه الموافق ٤/٥/٢٠١٨ وبهذا النص :( ولكن يبقى الأمل قائماً بإمكانيّة تصحيح مسار الحكم وإصلاح مؤسّسات الدولة من خلال تضافر جهود الغيارى من أبناء هذا البلد واستخدام سائر الأساليب القانونيّة المتاحة لذلك ) .
كثر كلام المغرضين عن ( أن الشيعة غير قادرين على الحكم ) فصار لزاما أن تخرس هذه الافواه .
وإن صوت الحسين عليه السلام أصبح صوت وطن يستحق العيش الكريم فينادي :( ألا من ناصر ينصرنا ) .
......................................
أخترنا لك
جمهورية أحزابستان..

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف