ليس الغرض من الخوض في بعض تفاصيل هذه الممارسات البهيمية - التي
لاتمت الى واقعنا الإسلامي بصلة - إظهار الاهتمام بها أو الإعجاب
بممارستها، بقدر ماهو استنكار وشجب لانتهاكها حرمة المقدسات وتوغلها
كثقافة دخيلة الى عقول بعض الشباب المغرر بهم .
،،الراب ،، عنصر من عناصر ثقافة الهيب هوب الأربعة، وهي ثقافة أمريكية
تجمع بين الغناء والموسيقى والرقص والرسم، ولها تاريخها الذي كانت
بدايته في عام ١٩٦٠ حيث انتشرت على شكل خربشات وكتابات على الجدران
كنوع من التعبير من قبل النشطاء السياسين، وأيضا من قبل ( العصابات )
وكاحتجاج على التمييز العنصري، فكانت العلاقة وثيقة بين ثقافة "الهيب
هوب" والكتابة على الجدران عندما كان الاوائل ممن مارسها عناصر في
فرقها، فأصبحت كل مجموعة تطورها بأشكال فنية جديدة عرفت بأنها التعبير
البصري لموسيقى الراب التي تعد عنصرا أساسيا في هذه الثقافة " وتحتل
المنطقة الرمادية بين الكلام والنثر والشعر والغناء ويمكن أن يكون هذا
العنصر بالإيقاع أو بدونه .
ويضاف الى هذين العنصرين - الكتابة على الجدران والراب - موسيقى الدي
جي ورقص البريك دانس، فكانت البداية الرسمية له عام ١٩٧٠، ولما كان
المنشأ والاساس له هو اعتراض السود في امريكا واحتجاجهم على ممارسات
البيض العنصرية تجاههم فقد اتخذت هذه الممارسة شكلا ومظهرا من مظاهر
الاحتجاج لسنوات عدة تطورت فيما بعد لتصبح ثقافة وفن له رواده وعشاقه
حتى صار البيض يتفننون به بعد أن كان متنفسا للسود في إظهار حنقهم
تجاههم، ولكن - ورغم ممارسة البيض لها - الا أنها مازالت تتمتع
بسمعة سيئة في أوساط الأمريكيين حيث يعتقد العديد منهم أنه يتكون من :
( الفاحشة ) و ( العنف ) و ( مناهضة البيض ) و ( مناهضة النساء )، وأن
أغلب"الرابرية" رجال لكنهم يدخلون العنصر النسائي للتعبير عن ( الجنس
) .
يشتمل هذا الفن الهابط على موسيقى صاخبة وكلمات نابية وحركات راقصة
بذيئة فيها من الوقاحة ما يخدش الحياء ويحط من قيمة الشخص متسافلة به
الى درجة الحيوانات، وإن الاستغراق فيها يفضي الى أن يفقد الشخص حياءه
فلايبالي بالعواقب، وقد أشارت تقارير صحفية الى ان مؤسس تسجيلات "ديف
جام" Def Jam راسل سيمونز، الملقب بـ"إمبراطور الهيب هوب"، قام
باغتصاب 4 نساء، والتحرش الجنسي بخمس نساء أخريات بين عامي 1983
و2016، وهذا بحسب ما نقلته صحيفة "ذا
غارديان".
إننا نتسائل : هل من المناسب أن تدخل هذه الثقافة الى مجتمعاتنا ؟ وهل
من المناسب أن يكون للراب رواده وعشاقه هنا ؟ وهل من المناسب أن تكون
ثقافة انتقدتها الشعوب التي أنشئت في أحضانها فقالت عنها أنها ( فاحشة
وعنف ومناهضة عنصرية وجنس وتتزعمها العصابات ) أن تكون ثقافة لشبابنا
؟
قد يفهمها البعض على أنها لغة جيدة للاحتجاج العقائدي وبطريقة ساذجة
لا تلتفت للعواقب، وقد وقع ما يشابه ذلك حيث قامت ثلاثة مسلمات محجبات
بأداء رقصة الـ هيب هوب الأمريكي في مناطق الولايات المتحدة المتعددة
بهدف مكافحة الأحكام المسبقة والصور النمطية لدى غير المسلمين حول
المسلمات المحجبات والمنقبات وإبراز صورة للمرأة المسلمة القوية
والسعيدة كما تقول إحداهن وذلك تحت شعار: "نحن مسلمون فلا تفزعوا
منا". فهذا نموذج من نماذج التقليد الأعمى لهذه الثقافة وهي حالة
تكررت في كثير من البلدان من قبل من لايبالي بتبعاتها
.
ما يهمنا هو ماحدث مؤخرا في العراق حيث قامت مجاميع مشبوهة بالترويج
لهذه الممارسة وبطريقة تبعث على الارتياب من النوايا التي دفعت البعض
الى انتهاك قدسية الشعائر الحسينية وتضمين طريقتها بكلمات ترمز اليها
و بعناوين تنسبها الى ( الراب )، مع العلم المسبق بأن من يمتلك الحد
الأدنى من احترام المقدسات لا يمكن له أن يجمعها بعنوان واحد فينسبها
الى هذا المسخ الدخيل القادم إلينا من أرض الرذيلة والعهر
.
فبأي حجة يحتج أهل الراب وبأي عذر يعتذرون ؟ أبالحداثة ؟ أم بالتطور ؟
أم بعقل المعلم صاحب الدليل الذي ليس له مثيل !!! .
هل عجزت الشعائر الحسينية الأصيلة عن إيصال الرسالة الحسينية وفكر أهل
البيت عليهم السلام عبر المنبر الحسيني إلى العقول ليكلف هؤلاء أنفسهم
تطويرها بهذه البدعة ؟
هل عجز تراثنا الحسيني بقصائده وقرائه وشعرائه عن تقديم تلك الصورة
المعبرة عن مأساة كربلاء ومصائب أهل بيت الوحي فاستعان مضطرا بثقافة
الراب ؟
هل يناسب ،،الراب،، قصائد دونها الشريف الرضي ودعبل الخزاعي والكميت
وحيدر الحلي وكاظم منظور وجابر الكاظمي وغيرهم، أم أن الكلمة ماعادت
بعقول أهل هذه البدعة تعنيهم بشيء فصار اللكع يكتب وقردة على المنابر
تنزو نزو أمية فتنمو بالراب شجرتها الملعونة ؟
هل يريد أهل ،،الراب،، أن يقتلوا صدى صوت حمزة الزغير والرميثي ووطن
وباسم وجليل وغيرهم ممن حباه الله نعمة الصوت الشجي وطريقة أهل العراق
التي كان المعصوم يحب أن يستمع لرثاء الحسين عليه السلام بها
؟
هي دعوة مخلصة لأبنائنا ممن التبس عليهم الأمر وصيرهم الشيطان
واتباعه
غرضا، واحتوشتهم أيادي المكر المخابراتية المتصهينة السلفية، لتنال
غاية عجزت عن إدراكها يوم كان العفالقة يحكمون، فتطاولت اليوم بهذه
الخزعبلات ودعت إليها بحجج واهية لتوهم بعض الشباب بأن الشعائر
الحسينية بحاجة الى الحداثة والتطوير وأن الغايات تبرر الوسائل
.