فوائد لغوية ألقاب العباس بن علي عليه السلام " بطل العلقمي "

2021/05/15

كتب الشيخ : حمزه ابو العرب

قد يكون لفظ البطل مرادفا للفظ الشجاع؛ حيث ورد في (لسان العرب): بطـُل – بالضم – يبطـُل بطولة؛ أي صار شجاعا. وجعله (أبو عبيد) من المصادر التي لا أفعال لها. وفي (المصباح المنير، ومختار الصحاح) البطل: الشجاع، والمرأة بطلة، كما يُقال: شُجاعة. وجمع البطل: أبطال مثل سبب وأسباب. والفعل منه: بطـُل وزان حسُن وشرُف سُمي بذلك لبطلان الحياة عند ملاقاته. 
 وعند النحاة؛ إن البطل صفة مشبهة، أي ثابتة لا تتغير بتغير الأحوال. فالبطل يظل شجاعا في كل الظروف لأن البطولة فيه متأصلة وراثيا. فهي صفة لا يُوصف بها إلا من جُمعت فيه محاسن الشجاعة، وقل نظيره في سوح القتال. وقد تُطلق – توسعا – على رجال الأمة المبرّزين في الإصلاح، والثائرين على طغاة زمانهم، كما أطلقت – كذلك – على نساء الأمة اللاتي كُنّ يمثلن الشهامة والجرأة الأدبية في الدفاع عن الحق، ودحر الظلم والفساد، ومقارعة الطغاة والمتسلطين على الناس من غير رضا منهم. وقد سمّت الكاتبة المصرية (بنت الشاطئ) كتابَها عن زينب ابنة علي أخت الحسين (بطلة كربلاء) لأن زينب عليها السلام كانت تمتلك من الشجداعة، وقوة الجنان، ما جعلها تقف أمام (عبيد بن زياد، ويزيد بن معاوية) تبيّن حسبها ونسبها، وترد عليهما أعنف رد، وتكيل لهما الصاع صاعين غير هيّابة لسلطتهما ولا خائفة من قوتهما، وقالت لهما ما أرادت أن تقوله أمام الناس جميعا مما أبكت به العيون، ولفتت إليه الأنظار.
ذُكرت للبطل أوصاف كثيرة؛ منها: طول القامة، وتناسق الأعضاء، وضخامة الجسم، وقوة الجنان... وقد كان العباس بن علي عليه السلام يتصف بكل تلك الأوصاف، حيث وصفه (أبو الفرج الأصفهاني) في كتابه (مقاتل الطالبيين- ص84) بقوله: "كان العباسُ بنُ علي رجلا وسيما جميلا يركب الفرس المطهّم (المطهّم: التام الحسن) ورجلاه يخطان في الأرض).
 إنما اقترنت بطولة العباس بنهر العلقمي لأنها تجلـّت بأجلى صورها في تلك المعارك التي خاض غمارها (أبو الفضل) ودار صراع رهيب قرب هذا النهر الفرات الذي كان حلواً عذباً لا مراً علقماً – كما يُفهم من اسمه – لأن العرب كانت تسمي الأشياء بأضدادها؛ كما سموا الغراب أعور وهو حاد البصر. وفي نهاية ذلك الإقتتال نزل أبو الفضل إلى العلقمي بعد أن امتلك شريعته، وخاض ماءه، وملأ جوده، وصعد على مسنّاته (المسنّاة بالتشديد: حائط يُبنى في وجه الماء لئلا يغمر ما حوله) يريد المخيم ليسقي أطفال أخيه الحسين بذلك الماء. ولكن الجود لم يسلم من رشقات السهام؛ فأريق الماء، وخاب الأمل ، وقُتِل العباس عليه السلام....
بنو أسد أول من أطلقوا اللقب:
إن أول من لقب العباس عليه السلام بهذا اللقب (بطل العلقمي) هم بنو أسد الذين حضروا الأيام الأخيرة لفاجعة الطف، حيث التقوا الإمام السجاد، وقالوا له – بعد دفن الحسين وجميع الشهداء-: "بقي بطل على المسنّاة" (بطل العلقمي: 2/131).
الشعراء وهذا اللقب:
تلقف الشعراء من بني أسد كلمة البطل المقرونة بنهر العلقمي؛ فنظموها في شعرهم الفصيح والعامي وبذلك اشتهر هذا اللقب اشتهارا واسعا فهذا الأزري (رحمه الله) يقول- من قصيدة شهيرة:- 
بطلٌ أطل على العراق مجليا *** فاعصوصبت فرقا تمور شآمها
وهذا السيد جعفر الحلي (رحمه الله) يقول من قصيدة:
بطلٌ تورّث من أبيه شجاعة    ***     فيها أنوفُ بني الضلالة ترغمُ
وثنى أبو الفضل الفوارس نكصا *** فرأوا أشـد ثباتـهم أن يُهزمـوا
قلبَ اليمين على الشمال وغاص في ال *** أوساط يحصدُ في الرؤوسِ ويحطمُ
عبستْ وجوهُ القومِ خوفَ الموت *** والعباس فيهم ضاحك متبسمُ
أخترنا لك
الانسان الملوث داخليا لايستوعب وجود بشر طيبون

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف