انطلقت الانتفاضة يوم 14شعبان/1991م باتجاهاتها الثلاث. وكان
أبناء الناصرية، ينتظرون قدوم المجاهدين، بعد أن سيطروا ليلا على بعض
مراكز الشرطة، ومنها مركز شرطة الساهرون, وفي الفجر صباحا، وصلت
مجاميع أخرى، لإشعالها في البصرة، والاتفاق كان عند ساعة الصفر، هو
تحرير مدينة الناصرية، وكانت بداية الانتفاضة في حي الحسين والجمهورية
والقرنة. وكان دور ثلة من الوطنيين، بالقيام بتحرير مدينة البصرة...
وصباح اليوم الثاني، سيطر الثوار على جميع الدوائر الحكومية، من اجل
الحفاظ على ممتلكات الدولة، إلا إن بعض البعثيين، قاموا بحرق الدوائر
من اجل تشويه الانتفاضة.
وقد استشهد العديد من الذين انخرطوا في المجابهة مع العفالقة، وهم في
قلوبنا وعقولنا وضمائرنا. ولازال من القياديين الأحياء منهم الكثير ،
وباركت بعض رموز العشائر تلك الانتفاضة، وساهمت بدعمها لوجستيا, ولابد
أن نذكر بأن المشاركة الشعبية، كانت هائلة لا يمكن حصر الأسماء فيها،
وتشكلت إدارات في المدن لتنظيم الحياة فيها، بعد أن دمر كل شيء في
القصف الجوي من قوات التحالف.
وقام الثوار بأعمال إنسانية كثيرة، وهو إسكان عوائل البعثيين في
مدارس، مع إعطاء دروس لبعضهم، لتأهيلهم وإدماجهم بالمجتمع. أما
المجرمون فاعتقلوا ونقلوا إلى (كرمة بني سعيد)، وقد أصدرت المرجعية
بيانات حول الانتفاضة، وتشكيل لجنة علمائية من قبل السيد الخوئي،
بقيادة بعض الرموز الحوزوية المعروفة. وقد انتقم العفالقة المجرمون من
أبناء المدن المنتفضة (14مدينة) وقدر عدد الشهداء بعد إحباط
الانتفاضة، بنصف مليون شهيد، مع تدمير المدن المقدسة، بصواريخ ارض
ارض. وكانت الأسباب كما ذكرها الكاتب محمد حسنين هيكل، بأن اتصالا
هاتفيا بين (اللامبارك وفهد) على الطلب من أمريكا، إيقاف الانتفاضة،
وإعادة سيطرة اللانظام الفاشستي الدموي، الذي دمر شمالنا الحبيب
بأسلحته الكيماوية، وجفف أهوار جنوبنا.
نريد أن نلفت إهتمام حكومتنا الوطنية المنتخبة، أن لا ينسوا ثوار تلك
الانتفاضة وشهداءها، والمدن التي انطلقت منها، وهم قادرون على إمساك
الأمن الداخلي، ومساعدة الحكومة العراقية في تطبيق الخطة الأمنية
وتطبيق القانون, ونتمنى عدم تهميش أبناء الجنوب ثوار الانتفاضة
الشعبانية.
هنا يتبادر أهم الأسئلة الملحة؛ من الذي أوقف زحف الانتفاضة؟؟ لماذا
لم تنجح في إسقاط البعث؟؟ نتائج الانتفاضة الشعبانية، والإجابة عنها
بموضوعية تاريخية؛ لابد من القول إن أمريكا أجهضت الانتفاضة بدعمها
لصدام، من خلال السماح لطيرانه بالتحليق، وتدمير المدن والثوار، وكذلك
ضرب المدن المقدسة بالصواريخ.. واستباحة المدن وأبنائها في معتقلات
الرضوانية، والمخابرات والسجون الصحراوية، ليقدم شعبنا أزكى الدماء
الطاهرة، أكثر من ربع مليون شهيد عراقي، في سبيل الإنعتاق من النظام
الفاشستي, لقد أكد شوارسكوف في مذكراته، وكذلك محمد حسنين هيكل، بأن
ملك السعودية ومصر اتصلوا ببوش الأب لوقف الانتفاضة، وحسب رأيهم: (عدم
تبديل السيئ بالأسوأ) كما يتصور الحكام العملاء. إن التصريح اليتيم
لوزير الدفاع السعودي، الذي لم تـنفه مملكته؛ إن اتفاق خيمة صفوان
يـبيح لصدام قمع الانتفاضة؟؟ إن لعبة المصالح أهم من مصائر الشعوب،
ودعوات الحرية والنصرة ما هي إلا بالونات ملونة.. وعادت السعودية من
خلال فتاوى التكفير والكراهية على إشاعة العنف والخراب في العراق،
وإرسال البهائم التي تفخخ أجسادها العفنة بعراق
المقدسات..
صباح محسن كاظم