رؤيا الغيث

2021/05/01

 ما أجمل الفن حين يصير هوية، وخاصة عندما يكون المنجز راية مؤمنة، تخفق لنيل الخلود السرمدي.. كان الممثل المصري القدير (عبد الله غيث) الذي شغل دور الحمزة (ع) في فلم الرسالة، أكثر الفنانين توقدا في الذاكرة، بسبب تلك الملامح الوهّاجة، التي ترسم أمام ناظرها، صورة فلاح مصري، يفتل من شقائه وتعبه، صرخة مناهضة بوجه الإقطاع، من أجل أن يحمل قِربَ الماء سواقي خير، تروي الأرض المذبوحة بالعطش.. هذه الملامح الحادة، كانت تنبئني بصهيل الجراح، كأن بذرة الطف ستنهض فيه يقظة زهير بن القين، وحومة برير، ونهضة الحر الرياحي. 
فقد قرأ مبادئ ثورة الحسين عليه السلام، ودقـّق في تفاصيلها، وفهمها وعيا وإيمانا.. فكم من (عابس) يصحو في القلب عشقا، يصل ذروة الجنون المقدس، الهيام بالحق، هذا الوله المبارك، عاشه هذا الغيث غيثا، حين جسّد دور الحسين (ع) في مسرحية (الحسين ثائرا-الحسين شهيدا) لعبد الرحمن الشرقاوي، فارتقى صهوة المسرحية، ليوزع للناس كرم الدمعة، وسخاء الفاجعة، وحنين المصاب، وزهوة الرفض العربي المسلم. فتصحو قاعة العرض على عويل تصرخ به الضمائر واحسين.. 
يقول عبد الله غيث: طاف لي الحسين (ع) في الرؤيا، وهو يقول: (لقد أفرحتنا يا رجل.. وأفرحت جدنا الرسول (ص)، يرحمك الله، ويبصرك في دينك ودنياك، ويجعل عاقبتك إلى خير). فيصف عبد الله هذه الرؤيا: (وسام شرف لابد لي أن اعتز به). فكان الاعتزاز ولاء يصحو عند عتبات منبر الدكتور الوائلي (رحمه الله) حين كان بمصر. وبعدها استشهد بميتة غامضة لم تكشف أسرارها بعد.. رحل عنا الغيث، وفي قلبه حب الحسين (ع) فألف مودة لك من مهجرة، تحمل هذا النزف غيث رجاء، يصحو عند عتبات إمام. 

نادية الحيدري
أخترنا لك
#المواطنة " تعريف الوطن أكاديمياً "

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف