بقلم: رفاه علي
كُنْ معي يا سيّدي..
كُنْ معي، ولا تتركْ يدي التي تمسّكت بك
كُنْ معي بكُلِّ كلمةٍ أقولُها تخرجُ من أعماقِ الضميرِ..
كُنْ معي حينَ أقولُ الكلامَ وأنا أنطقُ به من حُبّي إليك..
كُنْ معي، ولا تُفلتِ اليدَ التي تبنيتَ إمساكَها لإتمامِ
الطريق..
كُنْ معي حينَ تُراودني ذكرياتُ من كانوا معي...
كُنْ معي؛ لتدُلَّني على الطريقِ المُستقيم..
كُنْ معي حينَ أتقدّمُ لوضعِ قدمي على طريق الحقِّ المُبين..
كُنْ معي، وأنا أخوضُ حربَ الدهورِ..
كُنْ معي، وأنا أبحثُ بينَ الأسطُرِ عن مكانِك بينَ آلافِ
الحروف..
لا تتركْني إذا أرادَ قدرُ اللهِ (تعالى) رفعَ الروحِ من الجسدِ
البالي الضعيف...
لا تُفلِتْ يدي بعدَ أنْ اعتادَتْ عليك، وأنتَ معي في الحياةِ وهي
مُبتلةٌ بدموعِ الخشوعِ..
اِبقَ معي، ولا تُفلتْ يدي إذا فارقتِ الروحُ الجسدَ الذي سحقتْهُ
الدُنيا...
لا تُفارقْني حينَ تنفكُّ الروحُ من كُلِّ عضوٍ... من جسدٍ اعتادَ
عليها عقوداً...
لا تُفلِتْ يدي، فواللهِ إنْ خرجتِ الروحُ من هذا الجسدِ وتقطّعَتْ،
هي تصرخُ: رُحماكَ يا ربِّ الوجودِ، رُحماكَ يا مَنْ مزجتَ العظمَ
بروح!
كُنْ معي ولا تُفلتْ يدي عندَ وضعِ الجسدِ على دكةِ المغتسل...
وأنا أنظرُ إلى ما سألاقي في الطريقِ الموحشِ من وحدةٍ وخوفٍ
لا تتركني؛ فالطريقُ غريبٌ وبعيدٌ، وزادي يكاد ينفدُ بأولِ خطوةٍ
ويزول
لا تبتعدْ عنّي وأنا ألوذُ بهذهِ الروحِ أنظرُ إلى أولادي وأصرخُ:
انقذوا من كانَ يحنو عليكم..
أنظرُ إلى أحبتي...
لا أجدهم؛ لأنّهم تركوني ورحلوا إلى ما أنا مُقبِلةٌ عليه من
طريق..
أراهم من بعيدٍ ينظرون لي كأنّهم يقولون:
هوّني عليكِ؛ لقد تجرّعْنا الأمرّين قبلكِ...
سوفَ تعتادين وتُصبحين كالسرابِ الذي يطيرُ من ذاكرةِ من أشعلتِ لهم
الشموع ليعيشوا بسلامٍ وهناء...
كُنْ معي إذا لُفِفْتُ بخرقةٍ بيضاء لُفِفتُ بمثلها رضيعًا
يومًا...
كيفَ يمضي الدهرُ بهم وقد فقدوا الخيمةَ التي احتموا بها لسنين
وسنين..
كيف يبنون لهم أخرى.. وهل سوف تكونُ بدقةِ التي كانت يرجون؟
كُنْ معي حينَ انفردُ أنا وعملي في حفرتي، وتنتظرني التي خُلِقتُ منها
لكي تُنقّي الجسمَ من عناءِ الحياة بعصرةٍ تُزيلُ كُلَّ آثارِ الحياةِ
بعصرةٍ تُزيلُ كُلَّ ما شوّهتْه حسراتُ الزمان..
كُنْ معي إذا أتت ملكة الدود وقالت: هلِمّوا إلى عملِ التفتيت وإرجاعِ
كُلِّ ذرّةٍ إلى أصلِها ببطنِ الأرض، وفرزِ كُلِّ معدنٍ إلى ما ينتمي
إليه..
كُنْ معي إذا بدأ السؤالُ وارتبك لساني لمطلع الوعيد..
أنطِقْني بالحقِّ..
كُنْ معي إذا فتحوا للروحِ بابَ المسير، تمشي؛ لتصلَ إلى آخرِ
الطريقِ، ولكي ترى كُلَّ حرفٍ قلته بقصدٍ أم بلا قصد.. بكُلِّ خطوةٍ
مشيتُها.. لمن؟ ولأين؟
أدورُ وأرى كُلَّ عملٍ هل هو للهِ تعالى أم للنفسِ الجَحود..
كُنْ معي حينَ مُحاكمتي يومِ الحساب وهوِّن مدةَ العقاب..
كُنْ معي حينَ ينساني الأحباب ويملّون من الدعاءِ لي وأكونُ كسرابٍ
عاشوا معه وتخلّصوا منه...
كُنْ معي حينَ يُنفخُ في الصور، وأخرجُ مذعورةً بلا فكرٍ إلى أين
أكون..
كُنْ معي وأنا أبحثُ عن جدِّك الحُسين (عليه السلام).. عن طفله
الرضيع.. عن طفلته الغريبة.. عن كفين أمسكَ بهما بعدَ أن قطعهما حقدُ
الحاقدين.. عن جدتك (عليها السلام) لكي أنالَ شفاعتَها..
كُنْ معي وأنا أبحث عن بابِ علي (عليه السلام) لكي يُدخلَني بأمرِ
الله (تعالى) إلى جنةِ الخلود..
كُنْ معي يا صاحبَ الزمانِ..
كُنْ معي يا ضمادَ الآلامِ..
كُنْ معي..