قلت له : أنت تعلم إننا نملك أربعة أناجيل اضافة إلى إنجيل بولص .
قال نعم : أعلم ذلك.
قلت له : هل سألت نفسك يوما لماذا لم يُحدد الكتاب المقدس أو علماء
المسيحية مكان نزول كل آية ، واسباب نزولها وعلى من نزلت ، وفيمن
نزلت. وهل نزلت بليل او نهار ، في سهل او جبل . أكيد أن الذي انزلها
كان له حكمة في ذلك ومصلحة كبرى للبشر. فاختار اسباب واوقات واماكن
نزولها بكل عناية.
سكت برهة ، ثم قال : لا لم افكر بذلك .
قلت له : إذا سألتك عن فقرة أو آية من كتابنا المقدس، لماذا نزلت ،
وأين نزلت وعلى من نزلت. أوعلى الأقل أسباب نزولها . هل تعرف عنها
شيئا غير المعاني الظاهرية للآية وهي قابلة للتأويل والتفسير
والتلاعب. ليس الإنجيل فقط ، بل التوراة أيضا. لا تذكر اي شيء عن
اسباب النزول أو غيرها.
فقال : ولكن هذه افكار المسلمين.
قلت له : لا ليست افكار المسلمين ، إنما هي افكار كل الأنبياء ومن
يخلفهم أنهم يهتمون بذلك لتزداد وثاقة ما يُدونوه ويعرفون كل ما يحيط
به. انك تعيب على المسلمين ذلك ، وهم لم يتركوا شيئا يتعلق بالقرآن
إلا ودونوه . كم سورة فيه / كم آية : كم كلمة / كم نقطة فيه / حتى
الحركات والسكنات/ اضافة إلى فواصل الآيات.. وهل الاية مكية أو مدنية.
ثم اهتموا بأماكن واوقات نزولها. ومن هنا لا يستطيع احد ان يقوم
بتحريف القرآن لأنه سوف يصطدم بكل هذه السدود اللغوية والجغرافية
والتاريخية والبلاغية. ناهيك عن الحراس الاثنا عشر الذين واكبوا
القرآن طيلة اكثر من قرن. بينما نرى الحواريين (التلاميذ) يتركون
نبيهم وسيدهم وحده ويهربون ، وبعد رحيله يختفون ولا يعرفون عن إنجيله
شيئا ودفعا للاحراج قام كل واحد منهم بعد مضي سنوات بكتابة اناجيل.
خلطوا فيها الحابل بالنابل.
أحد الحراس الاثنا عشر في الاسلام ، وهو القديس علي ابن ابي طالب .
ذكر اشياء عن القرآن اذهلت الجميع واوقفت كل من تسول له نفسه ان يمس
القرآن اوقفته عند حده. فقال : (إني لأعرف ناسخه ومنسوخه، ومحكمه
ومتشابهه، وفصله من وصله، وحروفه من معانيه، والله ما حرف نزل على
محمد إلا وأنا أعرف فيمن انزل، وفي أي يوم نزل، وفي أي موضع نزل في
سهل أو جبل ، وفي ليل او نهار في حضر أو سفر). فهل عندنا يا جناب الأب
في الكتاب المقدس ناسخ ومنسوخ محكم ومتشابه؟ لا بل اسألك هل تعلم كم
آية في إنجيل متى؟
قال الأب : إلى أين تريدين ان تصلي .
قلت له : يا جناب الاب أنا منذ سنوات التقيت بالكثير من الآباء
المقدسين في شرق الأرض وغربها فلم اجد فيهم من يقول : (لو ثنيت لي
وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم،
وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم حتى تزهر إلى
الله). اخبرني يا جناب الأب ، هل تستطيع ان تدلني على أحد في المسيحية
من مرتبة البابا نزولا إلى اصغر قسيس يقول : (لو ثنيت لي وسادة لأفتيت
لأهل القرآن بقرآنهم).
قال وهل ذلك ضروري ؟
قلت اولا : أن لذلك دلالة عظيمة في فهم الضرف الزماني والمكاني
للاحداث في القرآن.
الثاني : لأنكم تقومون ليل نهار ومن خلال فضائيات واذاعات وصحف ومجلات
ومواقع الكترونية بالنيل من المسلمين والتشكيك بقرآنهم ومحاولة نشر
المسيحية في اوساطهم. اليس معرفة ما عند المسلمين ضروري لنشر
الدعوة.
يا جناب الأب . صدقني لو وجدنا شخصا يقول مثلما يقول بعض صغار علماء
المسلمين ، لكان المسلمون الان وغيرهم كلهم مسيحيين.
فهل تمتلك المسيحية التي تُهيمن على اخطر وسائل الاعلام في العالم ،
هل تمتلك مثل هذا الرصيد التوثيقي للتوراة والإنجيل؟
يضاف إلى ذلك أن في القرآن آية هي قمة التحدي وذروة صحة وسلامة القرآن
من التلاعب البشري وهي قول الرب : (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من
عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا). خذها يا جناب الأب اذهب
وجد فيه اختلافا ولو بنقطة، إنهُ يتحداك فهل أنت مجيب.