كل الخطايا والذنوب مباحة لبني إسرائيل حيث تُشرّع التوراة تشريع غريبا مفاده أن اليهودي يفعل ما يشاء بالاممي ، ولكنه لا يستطيع ان يفعل اي سوء لليهودي . الربا والغش والكذب والخداع والتزوير وما يلحقها من جرائم كلها مباحة لليهودي ان يفعلها لغير اليهود ، ولذلك حفلت التوراة بأنواع الجرائم الخطيرة التي تدعو إلى الحرق والتدمير والتخريب والابادة وكل ما من شأنه ان يوفر غطاءا آمنا لليهود وخصوصا فيما يتعلق بالاموال (الربا) لأنه يمتص ثروات الناس ويُضعفهم ماديا فيستعبدهم ويستعمرهم اليهود بالقروض كما يفعل صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الغربية بالشعوب الآن.

التوراة تختزل هذه الجرائم بعشرة. وهي الوصايا العشرة (1) التي جاء ذكرها في سفر الخروج، 20 وسفر التثنية، 5 . ولكن اليهود لا يلتزمون بأكثرها لأنها ليست موجهة لهم إلا فيما يخص يوم السبت. وهي نفسها الوصايا التي التزم بها يسوع المسيح وامر أتباعه بأن يلتزموا بها كما نرى ذلك واضحا في إنجيل متى 19: 17 ((إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا)). ولكن إنجيل متى 19: 18 ومرقص في إنجيله 10: 19 اختصروا هذه الوصايا إلى ستة بدلا من عشرة وزعموا أن يسوع هو من امر بها.

ولوقا نزل بها إلى خمسة وصايا كما في إنجيل لوقا 18: 20 .ولم يذكرها يوحنا في إنجيله. ولكن مع ذلك فإن الثقافة المسيحية تتبنى هذه الوصايا وتطبعها في كتب للتدريس ومنها على سبيل المثال كتاب التعليم المسيحي للشبيبة الكاثوليكية المطبوع بالعربية، تأليف مجموعة من الأساقفة بموافقة البابا بندكت السادس عشر، مكتب الشبيبة البطريركي، بكركي 2012، حيث وردت في ص.192-193.

بقيت هذه الوصايا او الموبقات مدار بحث لمئآت الأعوام ولكن في القرن الرابع الميلادي قام الراهب (ايفاجريوس بونتيكوس) باختزال الموبقات العشر إلى ثمانية ثم اطلق عليها إسم (الذنوب الكاردينالية) ، أي التي يستطيع البابا أو نائبه أن يغفر هذه الذنوب للبشر عن طريق الاعتراف بها امام الكاهن مقابل رسم يُقدمه للكنيسة ، ولكن في سنة 590 ميلادي قام البابا (غريغوري الأول) باعادة النظر في الموبقات الثمانية التي وضعها (بونيكوس) ثم اختزلها بسبع خطايا حيث وضع امام كل خطيّة (ممثل) أو مسؤول عنها كما مُبين بالجدول الاتي ولكن لا يُعرف السبب الذي من أجله رفع البابا (خطيّة الزنا) من بين الخطايا. ولكن على ما يبدو فإن الراهب مارينو قال : بما أن البابوات ونوابهم ومن يليهم من اكبر الزناة واللواطيين فلا بد أن نرى تسامحا من قبل البابا في هذا الباب لأنه هو الذي يغفر الذنوب وهو من يقرر ايٌ من الذنوب يستحق العقاب. 

هذا الترتيب الجديد للموبقات او الخطايا السبع تم اعتماده من قبل الكنيسة في قائمة الذنوب المغفورة بأمر نائب الرب البابا وهي التي ظهرت عند دانتي أليغييري والتي بنى عليها أفكاره والتي بنى عليها فيما بعد ملحمته الشعرية الكوميديا الإلهية من الجزء الثاني والتي اطلق عليها إسم (بورجاتوريو). وكذلك دفعت هوليود وبتمويل يهودي مسيحي إلى انتاج الفلم الشهير (the seven deadly) (2) وكذلك افلام الكارتون لأنمي الخطايا السبع المميتة المشهور وعلى اثر هذه الافلام قام ستيفان وبستر بتصميم الخطايا السبع على شكل قلائد لدفع الشر والتي بيعت منها الملايين فحققت هي والفلم ارباحا اسطورية. وهكذا اصبحت هذه الموبقات مصدر رزق كبير لمنتجي الافلام والصاغة والفنانين وكذلك البابوات وحاشيتهم ممن منحوا أنفسهم صلاحية غفران الخطايا.

بعض هذه الخطايا او الموبقات او الذنوب سمّها ما شئت نجد لها مصاديق في القرآن المقدس وفي الاحاديث ، وهي أيضا في الإسلام سبعة كما جاء في الحديث عن النبي المقدس : ((اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)). (3)

وأما الموبقات او الخطايا السبع المهلكات في المسيحية فهي :

الخطيئة الأولى الشهوة : ممثل هذه الخطيئة في جهنم اوزموديوس / والشهوة ذكرها القرآن فقال (الذين اتبعوا الشهوات سوف يلاقون غيّا) .

الخطيئة الثانية هي الشراهة : ممثل هذه الخطيئة بالجحيم هو بعلبزبول . وقد ورد في الأحاديث النبوية الاسلامية الكثير من الاحاديث التي تنهى عن الشره.

الخطيئة الثالثة هي الطمع : ممثل هذه الخطيئة في الجحيم هو مامون . ولربما يُقابلها في القرآن قوله : ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به غيرك) .

الخطيئة الرابعة : الكسل : ويعني هنا عدم تنوير الروح وتنقيتها من المعاصي والذنوب وعدم تثقيفها وتوعيتها مما يؤدي إلى الوقوع في الحرام . ممثل هذه الخطيئة في جهنم هو بالفيجور. وقد ورد في الحديث عند المسلمين : (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات وأعوذ بك من عذاب القبر ) 

الخطيئة الخامسة هي الغضب : ممثل هذه الخطيئة في جهنم هو الشيطان . والغضب فيه جانبان محمود وقبيح ، والمقصود منه القبيح . ولكن المقصود منه مجموعة المشاعر السيئة التي لا تطلب الخير للآخرين وتنفجر في اي لحظة. وهو مذكور في الاحاديث الاسلامية بكثرة.

الخطيئة السادسة هي الحسد . وهي تتجسد في قوله تعالى : ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضلة ممثل هذه الخطية في جهنم هو اللافاثاين .

الخطيئة السابعة التكبر . ممثل هذه الخطيئة في جهنم هو لوسيفر . وهي في القرآن : (ولا تمشي في الأرض مرحا ولا تكن مختالا فخورا).

ويبقى السؤال هو : هل الموبقات السبعة لها علاقة بهذه الاية القرآنية المقدسة التي تقول : ((وإنّ جهنم لموعدهم أجميعن، لها سبعة أبواب لكل بابٍ منهم جزءٌ مقسوم)). (4)

المصادر والتوضيحات. 

1- وهي تُعرف بأسماء كثيرة الوصايا العشر (עשרת הדברים) أي (اسيرت- دفاريوم) أو الكلمات العشر أو الأمثال العشرة أو المسائل العشر. وهي حسب الترتيب التوراتي كما في سفر الخروج 20: 4 (ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلا: 1- لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.2- لا تصنع لك تمثالا منحوتا، ولا صورة ما مما في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. 3- لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا. 4- اذكر يوم السبت لتقدسه. 5- أكرم أباك وأمك.6- لا تقتل. 7- لا تزن.8- لا تسرق. 9- لا تشهد على قريبك شهادة زور. 10- لا تشته بيت قريبك. لا تشته امرأة قريبك، ولا عبده، ولا أمته، ولا ثوره، ولا حماره، ولا شيئا مما لقريبك.

2- وهو الفيلم المعروف عالميا : ( Two detectives, a rookie and a veteran, hunt a serial killer who uses the seven deadly sins as his modus operandi. Director: David Fincher Writer: Andrew Kevin Walker Stars: Morgan Freeman, Brad Pitt, Kevin Spacey.

3- طبعا هناك اختلاف في الرؤية لهذه الموبقات بين المذاهب ، ولكن اغلبها يتفق على انها سبعة وهي ما يُطلق عليه الكبائر. ولكن الكبائر كثيرة جدا كما يقول ابن عباس في حديث له : (وقال رجل لابن عباس رضي الله عنهما الكبائر سبع؟ فقال هي إلى سبعمائة).

4- سورة الحجر آية :43-44.