لماذا اختفت كلمة الاسلام من الكتاب المقدس. سؤال واجابة.
إيزابيل بنيامين ماما آشوري .
هو سؤال وردني من أحد الاخوة يقول فيه : (السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته ...اختي الفاضلة ،ورد في القرآن الكريم وتكرر مرات عديدة
على لسان الانبياء وحواريهم واتباعهم ( انهم مسلمون) فهل ورد في
الكتاب المقدس بعهديه او في غيره مايؤيد هذا القول ، اي شهادة
الانبياء على انفسهم بأنهم مسلمين . فالايمان اعلى مرتبه من
الاسلام والاسلام هو باب يصل من خلاله الانسان الى الايمان فمنهم
من يصل ومنهم من لا يصل .لذلك استغرب ان نجد هذه المسألة تكررت
كثيرا في القرآن الكريم ولا نجد ما يؤيدها في الكتب الاخرى .
فلعها حذفت كما تقولين. مع الشكروفقك الله وسدد خطاك).
الجواب :
مقدما اقول : المسلمون يؤمنون أن الدين عند الله، منذ الأزل دين
واحد، وهو الإسلام، والذي تعدد هو شرائع الأنبياء، ثم قامت الأمم
بتبديل هذا الدين بعد رحيل الانبياء. وعلى ما يبدو من الكتب
السابقة فان الإيمان هو جوهر الإسلام. فإذا خلت الكتب السابقة من
كلمة (الإسلام) ، فهي لم تخلوا من كلمة (الإيمان). والاسلام في
الأديان السابقة هو التسليم والرضى اللساني ، والايمان هو العمل
القلبي.ولذلك فإن ما ورد في الكتب المقدسة الحالية هو خطاب
الإيمان مباشرة، كما سنرى.
واقول : الحذف والتبديل في النصوص مستمر إلى هذا اليوم ففي كل يوم
تظهر طبعة جديدة للكتاب المقدس منقحة تم ازالة اشياء منها . وهم
يُجاهرون بذلك ولا يتحرجون منه . ومن البديهي ان تختفي نصوص تقول
بإسلام الامم السابقة. ولذلك ترى أن الديانات السابقة كلها اصبحت
بإسم الانبياء ، (الموسوية والمسيحية البوذية) وهكذا. اما الدين
الاسلامي فلم يقل احد انه (الدين المحمدي). فقط المستشرقين حاولوا
تمريرهذه التسمية ولكنهم لم ينجحوا. بل تم الحفاظ على الاطار
العام الذي هو الاسلام فقيل لهُ (الدين الاسلامي) ،
واما الانبياء فإن الرب يتعامل معهم على اساس الايمان بحكم كونهم
مسلمين له منذ التكوين الاول حيث أخذ منهم ميثاق الاسلام.
فالانبياء يعرفون انهم على الاسلام ولكنهم لربما لا يعرفون هل
انهم على الايمان او لا ، لأن الايمان افاضة وتوفيق من الرب حاله
حال النبوة والامامة.ولذلك يقول الرب لنبيه محمد : (ما كنت تدري
ما الكتاب ولا الإيمان).(1) فالنبي يولد على الاسلام والله الرب
يمن عليه بالايمان. وهكذا ابو الأنبياء ابراهيم فهو بالإيمان
تبرر: (بالإيمان إبراهيم لما دعي أطاع).(2)
وحسب فهمي على ضوء نصوص الكتاب المقدس فإن الانسان يتصل بالله عن
طريق الايمان كما يقول: (مخافة الرب أول محبته، والإيمان أول
الاتصال به).(3)
وكذلك في القرآن المقدس يؤكد الرب أن الارتداد ليس بترك الاسلام
بل بترك الايمان مثل قوله : (ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها).(4)
لأن المسلم قد يكون في الظاهر مسلم ولكنه في نفس الوقت لربما يكون
منافق ، او كافر ، او فاسق. وهذه المفردات تجتمع مع كلمة الاسلام
، ولكنها لا تجتمع مع الايمان.
وكذلك جعل الخروج من الايمان هو الكفر : (ومن يكفر بالايمان فقد
حبط عمله).(5)
لا توجد اي كلمة للاسلام في الكتاب المقدس كله ، ولا في تفرعاتهما
ولا في التفاسير ، ولربما كانت هناك اشارة ، ولكن تم حذفها فيما
بعد.ولكن توجد اشارات إلى أن الانبياء كلهم كانوا يمتازون
بالايمان ، والايمان اعلى مرتبة من الاسلام وأن الاسلام لا يُطهّر
القلوب مما علق بها من ممارسات وعبادات باطلة سابقة، فمتى ما تحول
الاسلام إلى إيمان عندها نعلم بطهارة قلب المؤمن. حيث نرى ذلك
واضحا مثل قوله : (إذ طهّر بالإيمان قلوبهم).(6)
فبالإيمان وحده يتطهر ويتبرر قلب الإنسان وحتى على مستوى الأمم
كما نقرأ (أن الله بالإيمان يبرر الأمم، سبق فبشر إبراهيم).(7)
فقد كان الله يتكلم ويتعامل معهم بالإيمان ، وكذلك مع نبيه محمد
عليه البركات وكذلك علي بن ابي طالب كان يتعامل معهم بالايمان
وليس بالاسلام . لأن الجميع على الاسلام وليس الجميع على
الايمان.ولكن في هذه الأمة ورحمة من الرب بعباده جعل الاسلام بابا
يلج منه المسلم إلى الإيمان.
من كل ذلك يتبين أن الله كان يتعامل مع أنبياء ومؤمني الامم
الماضية بدرجة الايمان التي هي اعلى شأنا من الاسلام وإنما
الاسلام عنوان ، ولذلك يقول الرب في القرآن (لا تقولوا آمنا بل
قولوا اسلمنا ، ولما يدخل الايمان قلوبكم).(