الكثير من المتاحف حول العالم لديها اسرار خاصة جدا لا يطلع عليها
أحد إلا فئة معينة وضيقة جدا من الباحثين تستطيع الوصول لهذه
الاسرار وهؤلاء أيضا يجب أن يحصلوا على اجازات خاصة من مؤسسات
يهودية كبرى مثل مؤسسة كارنيجي المتعددة الفروع و روكفلر وغيرها.
والسبب في اخفائها إما انانية وحسد من الغرب للشعوب التي تملك
تاريخيا عريقا مشرفا. أو أن الغرب لا يُريد أن يُساهم بنشر فضائل
بعض الشعوب وانجازاتها والتي لربما أدت إلى انسلاخ شعوبهم من
ديانتهم والاتجاه نحو الشعوب الأخرى . ولذلك ترى أن كل متاحف الغرب
تعرض فقط ما يتعلق بالجوانب الوثنية الفرعونية مثلا والبابلية ووووو
وكذلك يهتمون بنشر كل ما يتعلق بالأساطير والخرافات ويهربون كليا
عما يتعلق بالدين الصحيح الذي يُحارب الخرافات والوثنية.
وسفينة نوح وقصته أيضا تعرضت لمثل هذه السريّة إلا فيما يتعلق
بالجانب التوراتي فقد اظهروه وركزوا عليه بشكل غريب حيث اعتمدوه على
الرغم مما فيه من تشويه واخطاء واهملوا كل البحوث العلمية والدينية
الأخرى وخصوصا تلك التي كُتبت في منطقة الحدث من قبل مؤرخين على
غاية البراعة. فعندما ذكرت التوراة أن سفينة نوح رست على جبل أراراط
، وقف العلم كله عند هذه النقطة وسخر كامل طاقته العلمية والفنية
وخدعه التصويرية في هذا المكان . لأن نسبة كبيرة من الآثاريين هم من
اليهود او تمولهم المؤسسات اليهودية ويهمهم أن يُثبتوا ذلك حتى عن
طريق الزيف والتزوير ، لأنه بالتالي سوف يعطي للتوراة أهمية تاريخية
وجغرافية يحلمون بها تعزز من مزاعمهم الجغرافية والتاريخية في
فلسطين.
في كل تواريخ الأمم جاء ذكر الطوفان . في السجلات الصينية القديمة ،
عند الهنود الحمر في أمريكا، وفي تاريخ الهند ، وفي تواريخ آسيا ،
وعند الاغريق ، والاسكندنافيين ، وفي تاريخ العراق القديم ، عند
السومريين والبابليين والآشوريين. (1)
أن المادة التاريخية التي وفرها لنا علم الآثار غنية بالشواهد
الحسية التي تساعد على فهم ما ورد في النصوص الدينية من تاريخ
الطوفان ، وهناك لُقى آثارية عثر عليها العلماء وفسروها في وقتها
غافلين عن معناها الحقيقي ولكنهم اثبتوها ودونوها ثم وقعت بيد اصحاب
الشأن فعرفوا سرها واذاعوه على الناس. وهذا ما سنأتي عليه .
تعب نوح كثيرا في تبليغ قومه واستمرت دعواته سنوات طويلة ولكن نفذ
صبره وعرف أن عملية الاصلاح مستحيلة ولذلك رفع رأسه إلى السماء وقال
: (( رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من
المؤمنين .رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك ان تذرهم
يُضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا)). (2) .(3)
واستجاب له ربه فأمره ان يصنع سفينة كبيرة وأعلمه أنه سيصنعها
بعناية واشراف مباشر من الرب عن طريق ارسال ملك عظيم يساعده في
بناءها بتقنيات متطورة جدا قادرة على تحمل ما سوف يحدث من أمور
مرعبة مريعة ((وهي تجري بهم في موج كالجبال)). واصنع الفلك بأعيننا
و(وحينا) وهذه السفينة فيها امكانيات حمل بذور المخلوقات من كل
زوجين اثنين ذكر وانثى بتقنية ربانية خاصة أو بمساعدة مخلوقات أخرى
متطورة جدا تعيش في احد زوايا هذا الكون الفسيح وهو ما اشار له الرب
بقوله : ((ووحينا)) لأن الرب قرر اعادة صياغة الأرض من جديد ومنح
مخلوقاته فرصة أخرى للنجاة من الرذائل والموبقات.
وفتحت السماء ابوابها وفجرت الأرض عيونها في شيء لم تعهده الأرض من
قبل فاحدث فيضانات لا قبل للناس بها. وسارت السفينة آمنة بين
الأمواج المتلاطمة الضخمة. محفوظة بعناية الله ورعايته وقدرته التي
اثبتها في مقدم السفينة وانحائها على شكل مسامير مباركة مقدسة كُتبت
عليها اسماء ملكوتية لا يضر من ركب فيها اي خطر كسفينة نوح من ركبها
نجا ومن تخلف عنها غرق: (( وحملناه على ذات الواح ودسر تجري
بأعيننا)) . ومسألة الرعاية المباشرة بعيني الرب تكرر القول فيها مع
موسى عندما قذفته امه في اليم فقال الرب : ((والقيت عليك محبه مني
ولتصنع على عيني)) (4) وكذلك تعهد الرب محمدا وتعهده بعيني عنايته
فقال : ((واصبر لحكم ربك فانك بأعيننا )) ولكن هنا في سفينة نوح قال
الرب واصنع الفلك بأعيننا .ثم قال: وحملناهم على ذات الواح امر عادي
جدا سفينة مصنوعة من الواح الخشب ولكن ما معنى الاشارة إلى
((الدسر)) ؟ هذا ما سنأتي عليه في الحلقة الثالثة.
الحلقة الثالثة : وحملناهم على ذات ((الواح)) و (( دسر))!؟
المصادر ــــــــــــــــــ
1- معجم الحضارات السامية ص 566، هنري س . طبع لبنان 1988.
2 ، 3 - سورة الشعراء آية 117. وسورة نوح : 26 .
4- سورة طه . آية : 39.