جهل مركّب . ما هي ضربة القمر .

2021/02/05

كنت عند خالي في مدينة البصرة وخالي قس معروف في كنائس البصرة وله احترام وبيته محل ضيافة لكل من يأتي من القساوسة لزيارة كنائس البصرة ، من عادة المسيحيين انهم يجلسون رجالا ونساء في مكان واحد طعام ، او حفلة شرب شاي او زيارات عادية . وكان يومها استعداد لزيارة وفد من قساوسة الكنيسة الانجيلية الامريكية لكنائس البصرة. فكان بعض القساوسة يتناقشون فيما بينهم حول هذا الموضوع . فقال احد القساوسة : لماذا لم يأت الاخ الراعي بشّار سمير.

فاجابه خالي بأنه تعرض إلى ضربة شمس قوية وهو راقد في المستشفى . فقال احد القساوسة : لقد حذّرنا الكتاب المقدس من ضربة الشمس وكذلك ضربة القمر . القس طبعا يقصد نص المزامير الذي يقول في سفر المزامير 121: 6 ( لا تضربك الشمس في النهار، ولا القمر في الليل).

فقال له خالي : ضربات الشمس عرفناها ، فما هي ضربات القمر بالليل؟ فأجاب القس متباهيا : ضربات الشمس تأتي بالنهار وتصيب الجسد. وضربات القمر لها تأثير على الحالات النفسية وهي تأتي بالليل. والله قادر أن يحمينا عمومًا من كل ما يصيب الجسد أو النفس. 
فقلت له : ولكن القمر موجود أيضا في النهار ، ولكنك لا تراه لشدة ضوء الشمس فلماذا لا يضربنا بالنهار ايضا. فالقمر له نفس التأثير إن كان في النهار او في الليل.لقد عرف الناس في كل الأزمان تأثير ضربة الشمس على الإنسان أما ضربة القمر فلم تخطر على بال أحد.ولم نسمع احدٌ كتب عنها لا من الفلاسفة ولا من علماء الفلك القدماء ولا من الاطباء فمن أين جاء المزمور بهذه النظرية؟ .

فقال : اكتشف أطباء الأمراض النفسية والعقلية أن ضربة القمر أشدّ من ضربة الشمس. فهناك كثيرون أصيبوا بالجنون بتأثير ضربة القمر.

فقلت له : هل من دليل علمي على ذلك ؟

قال : ان القمر يؤثر في المد و الجزر في البحر وبالتالي يمكن ان يغرق الكثيرين من ركاب السفن اثناء هيجان البحر في المد والجذر ويكون السبب فى ذلك هو ضربة القمر .

فقلت له : النص يتحدث عن ضربة شمس للانسان بالنهار وضربة شمس بالليل من القمر. فهو لا يتحدث عن البحر ولا هيجانه وغرق السفن ويؤكد بأن الشمس والقمر لمنفعة الناس وليس لضررهما كما يقول في سفر باروخ 6: 59 ( إن الشمس والقمر والنجوم تضيء وترسل لمنفعة الخلق وتطيع مرسلها). فبأي نص نُصدق؟

فقال : هكذا قال الرب . !!

فقلت له بحدة : كلا لم يقل الرب هكذا ابدا ، إنما النص الأصلي هكذا (الرب حافظك. الرب ظل لك عن يدك اليمنى. لا تحرقك الشمس في النهار، ولا القمر في الليل). ولكن المترجم العربي لما رأى ان النص غير منطقي ولا يقبله عقل لأنه سأل نفسه : إذا قلنا ان الشمس تحرق في النهار فهذا منطقي ، ولكن كيف يحرق القمر في الليل؟ فعمد إلى تغيير الكلمة من (تحرقك) إلى (تضربك).

فقاطعني وصاح بعصبية : وهل انت تتهمين رجالات الرب المسددين بالروح القدس الذي يمسك أيديهم عندما يكتبون؟

فقام خالي لكي يُهدأ الأمور فقلت له : يا خالي دعه يفتح النسخة الارامية او العبرية او حتى الانكليزية . وقبل ان اكمل كلامي (طفر) واخذ من المكتبة النسخة الانكليزية وفتح الصفحة على المزمور 121وقرأ ما فيها . فرأيته ارجع الكتاب المقدس بصمت وهدوء إلى المكتبة ثم جلس كأنه ثعلب قد حوصر من قبل الصيادين

أخترنا لك
عمر واليهود . الجزء الأول

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف