ظهر الفساد في البر والبحر. الجميع فسدوا ولا واحد يعمل صالحا

2021/02/05

الانتخابات على الابواب. 
 
كنت اعتقد إلى زمن قريب ان الفساد ظهر على أيدي الناس متأخرا بالمعنى الذي يقصده القرآن بقوله : (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس). (1) ولكني اليوم وضمن مطالعاتي العادية وجدت القرآن يؤكد نصوصا جاءت قبله بآلاف السنين ، فوجدت مثلا نصا يعود زمنه إلى اربعة آلاف عام ورد في سفر المزامير يقول بأن جميع البشر فسدوا : (الكل قد زاغوا معا، فسدوا. ليس من يعمل صلاحا، ليس ولا واحد). (2) 
ثم ظهر بعده بألف عام نص آخر في سفر الحكمة يقول : (شر متفاقم في كل موضع، الدم والقتل والسرقة والمكر والفساد والخيانة والفتنة والحنث وقلق الأبرار، وكفران النعمة وتدنس النفوس والتباس المواليد وتشوش الزواج والفسق والعهر، لأن عبادة الأصنام المكروهة هي علة كل شر وابتداؤه وغايته. فإنهم إذا فرحوا جنوا، أو تنبأوا كذبوا، أو عاملوا ظلموا، أو حالفوا أسرعوا إلى الحنث).(3)

وسبب الفساد حسب تفسير هذه الايات هو التقديس الزائد لبعض الاشخاص من ذوي السياسة او المال والسلطة ويُعبّر عنهم بـ (عبادة الاصنام مكروهة وهي علّة كل شر) أي عبادة الاشخاص وتقديسهم ورفع شأنهم وهم لربما اسوأ الناس واخبثهم وافسدهم. ففي هذه النصوص لا يُراد من كلمة الاصنام تلك المعبودة من الحجر او الخشب او التمر ، بل يُراد الاشخاص الذين يُعاهدون الناس على الحكم بعدالة ونزاهة وضمير ولكنهم عند تسلمهم السلطة ( اذا فرحوا جنوا واذا تنبأوا كذبوا او عاملوا الناس ظلموا واذا حلفوا اسرعوا إلى الحنث).وهذا ما نراه اليوم بأجلى مصاديقه في كل دورة انتخابات تجري في العراق او العالم.

ما اريد ان اقوله هو انه على اعتاب كل انتخابات فإننا نؤسس لظهور فساد جديد بلون جديد وثوب جديد تتغير فيه المسميات ولكن الوجوه نفسها باقية تتستر خلف اليافطات الجديدة. فمتى نعي دورنا الحقيقي في خلق هذه الشخصيات، السنا نحن من نضعهم على سدة الحكم ، فلماذا لا نستطيع ان نُزيلهم ونرفضهم ونعزلهم في حال تبين فسادهم وحنثهم، هل رضينا بسقط المتاع ام رضينا بأمر واقع نحن اسسناه.

بقى ان نعرف ان الفساد هو سوء استغلال السلطة لغايات شخصية او لتحقيق مكاسب خاصة. وينقسم الفساد إلى ثلاث اقسام . 
القسم الأول : الفساد الذي يكون على مستوى عال من الحكومة. 
القسم الثاني : الفساد من الطبقة المتوسطة في الحكومة مدير عام فما دون. 
الفساد الثالث : هو الفساد على مستوى الشعب من حيث عدم التزامهم بالقوانين. 
تقول مؤسسة الشفافية الدولية في تقريرها الأخير : أثبتت البحوث ان أكثر من (6) مليار شخص يعيش في ظل حكومات فاسدة. ومن هذا يتبين ان العراقيين ليسوا وحدهم ممن وقع ضحية الفساد.

متى ما اكتشفتم ان الحل بأيديكم سوف يحصل التغيير.

المصادر: 
1- الروم آية : 41. 
2- سفر المزامير 14: 3. وهذا النص أيضا تكرر بعد ثلاث آلاف عام في المسيحية على لسان بولص حيث اقتبس نص التوراة بحذافيره قص ولصق ــ سرقة أدبية ـــ ثم قام بلصقه في انجيله كما نقرأ في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 3: 12 (الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد). ولم يشر بولص إلى مصدر هذا القول إلا اننا وبعد البحث تبين انه سرقه من التوراة سفر الحكمة.
3- سفر الحكمة 14: 25.

أخترنا لك
حوار باختصار !

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف