الأنوار

2021/02/05

(لم يكن هو النور بل ليشهد للنور).كل دين طمس حقائقه لكي يبقى وحده في الساحة. 
النور يخترق الظلمة ويُبدد وحشتها ولولا النور لما ابصرت عين الانسان ولبقيت بصيرته وباصرته في ظلام دامس ، اعمى البصيرة حتى لو كان تحت ضوء الشمس فهو اعمى. الباصرة تضع الاشياء امامك ، والبصيرة تضعك امام الاشياء ، والنور اصناف ولعل اهم صنف منها هو نور العلم ونور العلم يشع من آثار العلماء والعلماء كثير ، منهم الجيد ومنهم الردئ مثل الشجر والثمر الشجر كثير ولكن ليس كله مثمر ، والثمر كثير ولكن ليس كله حلو . ومن هنا وجب على من يبحث عن النور أن يجد النور الحقيقي .

لعل في قولي مجازفة ولكنه مبنّي على اليقين القلبي فبعد دراسة ليست بالقليلة وجدت أن الأنوار الأولى التي شعّت على الكون وما فيه هي انوار ارواح اشخاص كانت في بدايتها نورا ولم تكن طينة لاطها بالبله حتى لزبت وأصلدها حتى صلصلت. نور تشضى من النور الأوحد وقد لفت نظري قول في التوراة في سفر الخليقة يقول فيه : (في البدء خلق الله السماوات والأرض... وقال الله ليكن نور ، فكان نور... وقال الله لتكن أنوارٌ لتفصل بين النهار والليل.... فعمل الله النورين العظيمين : النور الأكبر ، والنور الأصغر).(1)

من هذا النص الموغل في القدم نستخلص النتيجة التالية: أن الله في ابتداء خلق العالم خلق (النور) ثم خلق (نورين عظيمين) ثم تلاهن بأن خلق (الأنوار) والغاية من هذه الانوار هو التفريق بين النور والظلمة أي الحق والباطل ويسري نورهم إلى يوم القيامة وفي العالم الآخر من لم يكن له نور فليس له من نور يمشي به في ظلمات يوم القيامة.
وتكون النتيجة ما يلي :

قال لله ليكن نور . فكان نور . فاطمة . (3)
وقال الله لتكن أنوارٌ . فكانت الانوار . الائمة 12. 
ثم عمل الله النورين العظيمين : النور الأكبر ، والنور الأصغر. النبي وعلي .

في كل دين يوجد اثر من هذه الأنوار، في اليهودية عمران ويوكابد زوجته وموسى وهارون وإثنا عشر سبطا.(2) وفي المسيحية مريم وعيسى وإثنا عشر حواريا. وفي الاسلام الأنوار الكبرى محمد وعلي وفاطمة وإثنا عشر اماما.

الغريب ان يقول المفسرون المسيحيون بأن النور هو عيسى مع انهم يقرأون في الإنجيل نفي يوحنا او يسوع بانهم النور كما نقرأ في إنجيل يوحنا 1: 8 (لم يكن هو النور، بل ليشهد للنور كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم). فلو كان يوحنا او يسوع هما النور لقال النص : (النور الحقيقي اتى إلى العالم ).

ولكن النص يتكلم عن القادم فيقول (آتيا إلى العالم). اي سيأتي في المستقبل. نستطيع ان نُحدد هوية الشاهد الذي قال عنه المسيح من خلال قول يسوع : (إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي ليست حقا. الذي يشهد لي هو آخر هو السراج الموقد المنير). (4)

فمن هو هذا النور الذي يشهد ليسوع بأنه حق وانه طاهر وليس ابن زنا وانه روح من الله .هذا ما نراه واضحا في سورة الاحزاب : ( يا ايها النبي إنا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله وسراجا منيرا). نعم لقد شهد هذا السراج المنير ليسوع . وبذلك اصبحت شهادة يسوع للنور حقيقة واقعية صادقة من ان يسوع وامه ويوحنا ليسو الانوار إنما الانوار آتية إلى هذا العالم.

المصادر والتوضيحات: 
1- سفر التكوين 1 : 4 . 
2- سفر الخروج 6: 20.
3- عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قلت له: لم سميت فاطمة الزهراء، زهراء؟ فقال: «لأن الله عزوجل خلقها من نور عظمته. علل الشرايع للصدوق: ج1، ص180، ط منشورات المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف. وروى محمد بن جرير الطبري عن ابن عباس قال: ان الله تعالى ابتلى الأرض بالظلمات فلم تستطع الملائكة ذلك فشكت إلى الله عزوجل، فقال عزوجل لجبرائيل عليه السلام: خذ من نور فاطمة وضعه في قنديل وعلقه في قرط العرش. ففعل جبرائيل عليه السلام ذلك، فأزهرت السموات السبع والأرضين السبع. نور المعجزات للطبري: ص 83، البحار للمجلسي: ج 37، ص 84، ط مؤسسة الوفاء.
4- إنجيل يوحنا 5: 35

أخترنا لك
هل هو إله أو نبي ؟

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف