اهل الكهف وجهة نظر مسيحية. تأملات في نصوص الرجعة. القديسون أهل مغارة أفسس مثالا.

2021/02/05

بعيدا عن التفسيرات الاسلامية لقصة اصحاب الكهف ، ومن وجهة نظر المسيحية فقط ، فإن الانجيل لم يذكر قصة اصحاب الكهف لأنها من الحوادث المتأخرة عنه حيث ان هذه القصة تعود لسنة (250) ميلادية وتتفق اغلب المراجع المسيحية على ان الحادث وقع في حكم الحاكم الروماني (داكيوس ، ديسيوس) الذي ثبت أن المسيحيين اضطهدوا في زمنه فقد احتلت قصة أهل مغارة أفسس في آسيا الصغرى ( بتركيا ألآن ) أو ما يسميهم السريان (أهل الكهف) مركزًا خاصًا لدى مؤرخي المسيحية وأدبائهم، وقد كتبها مار يعقوب السروجي (521 م) على شكل ترنيمة مقدسة. ولا يزال آلاف السواح يزورون آثار أفسس القديمة في تركيا يقصدون بجوار هيكل أرطاميس وكاتدرائية مار يوحنا زيارة كهوف أهل الكهف ، فيتضرعون هناك.

ويعرّف المسيحيون أسماء اصحاب الكهف السبعة حسبما مذكور في (رقم) الكهف بانهم (مكسيمليانوس - يمليخا - مرتيلوس - ديونيسيوس - يؤانس - سرافيون - قسطنطينوس – أنطونيوس) وانهم كانوا مؤمنين بالمسيح مع انهم يعملون في قصر الامبراطور الذي كان وثنيا. ولكن بعض الجواسيس اخبر الامبراطور فاضطر الفتية للهرب. واللجوء إلى مغارة في منطقة (افسس).وهذا يعني أنه وحتى قبل ظهور الإسلام بـ (200) سنة تقريبا كان هناك مذهب على المسيحية الحقّة يتعبد على دين المسيح الصحيح. (1)
وبعد مأتين سنة من رقدتهم في الكهف اي في زمن الملك (ثيؤدوسيوس بن أركاديوس الصغير) في سنة (408) استيقظ الفتية من نومهم بأمر الرب ــــ لإزالة شبهة اصابت الملك الروماني والكنيسة ــــ وكانوا يعتقدون انهم ناموا ليلة واحدة ، وكانوا يشعرون بالجوع فأرسلوا (يمليخا) إلى المدينة ومعه بعض الفضة ليشتري بعض الضروريات، وكم دهش يمليخا إذ رأى علامة الصليب منحوتة على باب المدينة، وقد تغيرت كل ملامح المدينة تمامًا، حتى اختلط الأمر عليه هل كان هو في حلم أم في حقيقة. فقرر أن يشتري خبزًا وينطلق إلى اخوته يتباحث معهم في الأمر. وإذ قدم بعض الدراهم للخباز دهش الرجل إذ وجدها ليست العملة السائدة في أيامه، وظنه أنه وجد كنزًا يرجع إلى أيام داكيوس (ديسيوس). اجتمعت الناس حوله تسأله عن الكنز الملوكي الذي وجده، فكان يشخص إليهم مندهشًا، فحسبوه يخفي الكنز.

رآه الكل شابًا غريبًا، فسألوه عن أصله وجنسه، فأجابهم أنه من المدينة وأخبرهم عن أسماء والديه واخوته وعشيرته، وأنه كان يعمل في القصر فحسبوه مجنونًا. هاجت المدينة كلها، وإذ سمع الأسقف ماريس استدعاه، وكان يمليخا يظن أنه سُيقدم لداكيوس ليقتل، وكم كانت دهشته إذ وجد نفسه في كاتدرائية أمام أسقف، وكان قد حضر الوالي أنتوباطس، فأخذ الشاب يروي لهما قصته مع زملائه الشبان، فلم يصدقا شيئًا.
انطلق يميلخا ومعه الأسقف وكبار القوم إلى الكهف للتأكد من صدق قوله، سمع الملك بذلك فأسرع بالحضور، وجاء يتحقق الأمر وإذ التقى بهم سجد أمامهم وعانقهم وبكى، ثم جلس على التراب فرحًا. أكد له مكسيملياس أن الله قد سمح لهم بذلك من أجل الإيمان ، وأنه سوف يقومون مرة أخرى مع يسوع لنصرة الإيمان الصحيح (2)، ثم رقد الشبان مرة أخرى فكانت رقدتهم الأبدية ودفنوا في مواضعهم بعد أن بسط الملك حلته الملوكية على أجسادهم وهو يبكي.

تقول المسيحية أن سبب استيقاظ فتية الكهف هو ظهور بعض المذاهب المسيحية المنحرفة التي تقول بعدم رجعة يسوع المسيح وانه لا فائدة من رجعته لأن البشرية وحدها تستطيع ان تصل إلى التكامل من دون رجوع يسوع . ((ففي زمن الملك ثيؤدوسيوس الصغير سنة 408 م. وكان رجلًا ورعًا تقيًا. ظهرت في أيامه بدعة تنكر قيامة الأجساد ــ الرجعة ــ اضطرب الملك نفسه وتشكك، فلبس المسوح وافترش الرماد خفية يصرخ إلى الله طالبًا أن ينزع عنه هذه الوساوس)). (3)

لابل تعدى الامر إلى ان يقوم هؤلاء بإنكار قيامة الناس في يوم القيامة ولا قيامتهم قبل يوم القيامة مع أن يسوع المسيح اخبر بأن القيامتين سوف تحدثان كما نرى ذلك في إنجيل يوحنا 11: 24 ((أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة، في اليوم الأخير)). فقيامة بعض الاموات ورجعتهم قبل يوم الحشر الاكبر ضرورة دينية اقرتها السماء وهؤلاء الذين سوف يقومون وينصرون يسوع وقائده لا يموتون موتة أخرى إنما الموت للذين لا يؤمنون بقيامة يسوع وعودة القائم معه كما اخبر الإنجيل في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15: 12 ((سيكون أصل يسى والقائم ليسود على الأمم، عليه سيكون رجاء الأمم)).
ومع مجيء يسوع والقائم سوف تحدث القيامة الأولى حيث ينهض بعض الاموات لحكمة إليهة وخصوصا اولئك الذين ماتوا على عقيدة صحيحة راسخة ولم يُغيروا ولم يُبدلوا وكانت آخر امنياتهم ان يُقيمهم الله مع (يسوع والقائم) لينتقموا من الظلمة وقد اوعدهم الرب بأن يفعل ذلك فيُخرجهم من قبورهم شاهرين سيوفهم مأتزين اكفانهم ملبين الدعوة.هؤلاء لا يموتون بل سينتقلون مع قيادتهم إلى السماء حيث مكانهم يوم الانتقالة الكبرى. (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى). ( لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الإنسان آتيا في ملكوته). إنجيل متى 16: 28

ولذلك فإن انتشار عقيدة انكار (الرجعة وقيامة الاموات مرة أخرى) احدثت ارباكا عند الملك الروماني ، وبما انه رجل مؤمن بأفكار الانجيل فقد جلس على الرماد وصرخ إلى الله ان ينقذه من هذه الشبهة .

في هذه اللحظة تناهى إلى سمعه قصة وجود سبعة اشخاص قاموا من الاموات فهرع الامبراطور إلى المكان ((سمع الملك بذلك فأسرع بالحضور، وجاء يتحقق الأمر وإذ التقى بهم سجد أمامهم وعانقهم وبكى، ثم جلس على التراب فرحًا. أكد له مكسيملياس أن الله قد سمح لهم بذلك من أجل إيمان الكنيسة، ثم رقد الشبان ودفنوا في مواضعهم بعد أن بسط الملك حلته الملوكية على أجسادهم وهو يبكي)).(4) عندها تأكد الامبراطور أن النص الذي ورد في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 20: 6 والذي يقول : ((مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم)).

وهناك روايات أخرى تقول بأن الكهف في الأردن ، وبعضهم يقول انه في فلسطين وسوريا ، وتركيا. ولكن ما ذكرته آنفا هو اشهر القصص حول اصحاب الكهف وتؤمن به المسيحية ، ولكن منطقة (أفسس) فيها مغارات كثيرة وكبيرة ومتشعبة وليس لها خارطة معينة حيث ان الاثاريين يكتشفون في كل فترة كهفا ممتدا تحت الأرض.

المصادر:
1- يطرح بعض المسيحيين شبهة بقولهم : (لماذا يمدح القرآن اشخاص مسيحيين يؤلهون المسيح ويعبدونه ألا يعتبر ذلك شركا؟). في إشارة إلى قصة اصحاب الكهف، فاقول لهم بأن سياق القصة من المراجع المسيحية يدل على انهم كانوا يعبدون الرب الله وانهم على الدين الصحيح ولذلك قال القرآن عنهم بأنهم فتية آمنوا بربهم ... فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها. فهم ليسوا مشركين، وإنما غمض على المسيحية أخبارهم لأنهم جاؤوا بعد الانجيل بسنوات طويلة ولذلك لم يرد ذكرهم فيه.
2- نرى ارتباط وثيق بين سورة الكهف وعملية ظهور الدجال حيث ان نبي الإسلام اشار في حديثه إلى ذلك فقال : (من قرأ عشر آيات من اول سورة الكهف عُصم من الدجّال).ونستفيد من مجموع ما تقدم بأن نومة اصحاب الكهف مؤقتة يستيقضوا بها في الأيام الأخيرة لنصرة الحق.
3- سير القديسين والشهداء القديسون أهل مغارة أفسس أهل الكهف | النيام السبعة Seven Sleepers of Ephesus.
4- ترنيمة مار يعقوب السروجي المقدسة (521 م) تاريخ الكنيسة القبطية.
بقية القصة موزعة على المصادر التالية:
#- كتاب قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية للقمص تادرس يعقوب ملطي:
مار أغناطيوس زكا الأول عيواص: رائحة المسيح الذكية، 1984م، ص 13-33.
#- البطريرك أغناطيوس زكا الأول - أهل الكهف لى المصادر السريانية - سلسلة دراسات سريانية - حلب – سوريا.
# - هناك ارتباط وثيق بين قصة أصحاب الكهف وبعض احداث الاسلام الكبرى منها ظهورهم مع المهدي والمسيح . ومنها أيضا سؤال يطرح نفسه وهو لماذا قرأ رأس القديس الحسين وهو على الرمح الآية التاسعة من سورة الكهف .
أخترنا لك
أين ولد يسوع المسيح where was Jesus Messiah born

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف