ماذا تبقّى للمسيحية؟

2021/02/06

الاناجيل وريقات معدودة ، فلو دمجنا الاناجيل الأربعة في كتاب واحد ثم حذفنا المكرر منها وكذلك حذفنا النصوص المتضاربة فيما بينها وابقينا فقط على المتفق عليه بين كتبة الاناجيل لما تبقى من هذه الأناجيل إلا وريقات كما عبّرت لجنة فحص الإنجيل الكاثوليكية سنة 1985 بأن (16%) ستة عشر بالمائة فقط لربما متطابق والآخر كله اضيف فيما بعد.

فما هي لجنة فحص الأناجيل؟ 
في سنة 1985 تشكلت لجنة دينية مشتركة مؤلفة من (200) عالم خبراء في الكتاب المقدس والأديان أطلق عليها إسم ((حلقة يسوع – Jesus seminar)) غايتها ازالة اللغط والاختلاف الحاصل بين المذاهب الدينية المختلفة في المسيحية وابتدأوا بمناقشة كل ما هو منسوب من أقوال في الأناجيل وهل هي فعلا ليسوع المسيح او لا وخصصوا لذلك اربع أوراق.

أولا : الورقة الحمراء ، وتدل على ان العبارة هي حقا ليسوع المسيح. 
ثانيا : الورقة الصفراء ، وتدل على أن العبارة تشبه شيئا قاله يسوع المسيح . 
ثالثا : الورقة الرمادية ، وتدل أن فكرة العبارة قد تشبه ما يقوله يسوع ولكنها ليست من أقواله. 
رابعا : الورقة السوداء ، وتدل على الرفض القاطع للاقوال المنسوبة إلى يسوع وانه لم يقلها وانها اتت من مصادر أخرى.

الغريب ان اللجنة بعد سنوات من البحث في القواميس والمسارد وكتب التفسير وحديث الآباء المقدسين ودراسة جغرافية الكتاب المقدس تبين أن الورقة (السوداء) هي الفائزة حيث تبين أن ما نسبته (82%) إثنان وثمانون في المئة لم يقله او يفعله يسوع ولا علاقة له بكلام الرب او الوحي او حديث النبي يسوع . وان ما نسبته (16%) ستة عشر في المئة يُعتقد أن يسوع قاله او يشبه أقواله . (1) وأن ما نسبته (4%) اربعة في المئة كان من أقوال يسوع وتحمل مضاميه قدسية عالية.

لم تكن فكرة لجنة فحص الأناجيل جديدة ، بل هي مراجعة لما قام به لاهوتي كبير هو البروفسور هرمان الذي اثبت أن الكتب المقدسة الأربعة قام بكتابتها اشخاص لا علاقة لهم بيسوع . (2) وهذا ما اعترف به لوقا في مقدمة إنجيله عندما اعترف بأنه كتب انجيله نقلا عمن كانوا معاينين كما يقول لوقا : (كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين ، رأيت أنا أيضا أن أكتب إليك أيها العزيز ثاوفيلس).(3) إذن قول لوقا (كما سلمها إلينا الذين كانوا معاينين) يدل دلالة واضحة على أن الاناجيل لم يكتبها شهود عيان وإنما كتبها من لم ير المسيح بعد سنوات من رحيله.

وخلصت اللجنة أخيرا إلى أن الكتاب المقدس بما فيه الأناجيل كتب مليئة بالاساطير والخرافات وهو كتاب مشحون بسفك الدم والظلم وعدم الوحدة والسلوك الأثيم ، وأن هذه الكتب انتجت دينا ريائيا بحتا.

من الأمثلة التي تسوقها هذه اللجنة على أن الاناجيل ليست كتب يسوع ولا تلاميذه هي ظاهرة الاختلاف الفاضح بينها مثلا اختلفت الاناجيل في كل حالات موت يسوع وظهوره فإنجيل يقول ان يسوع مات ودُفن وقام في اليوم الثالث ولكن عندما تحسب ايام مكوثه في الأرض تجدها يومان .

وتقول الاناجيل أيضا بأن يسوع عندما خرج من القبر رآه سمعان الصفا ولكنها تقول أيضا ان الذي رآه هم التلاميذ الإثنا عشر ولكنها تتراجع فتقول أن اكثر من (500) شخص رأوه يخرج من القبر ثم تتراجع أيضا فتقول ان يسوع راه يعقوب فقط . ولكن البرفيسور غريغ إيستربروك في كتابه (سوسيولوجيا الشرق الأوسط القديم) . يقول ان الشهود الذين رأوا القبر فارغا كانوا نساء وان شهادة النساء كانت تُعتبر شهادة غير موثوقة والدليل انهن عندما اخبرن التلاميذ بخروج يسوع من القبر لم يصدقوهن وذهبوا وتأكدوا من ذلك (4)

والآن بعد كل الذي قرأتموه أيها الاحبة في المسيحية: ماذا تبقى لكم ؟

المصادر : 
1- وفي قول آخر قالت (حلقة يسوع – Jesus seminar) الأمريكية، بأنَّ (18% ) من الكلمات المنسوبة إلى يسوع في الأناجيل، يمكن نسبتها إلى يسوع).
2- صموئيل رايماروس من جامعة هامبورغ في كتابه: (في غايات يسوع وتلاميذه) المطبوع سنة 1774 - 1778م.
3- إنجيل لوقا 1: 2.
4- إنجيل مرقس 16: 10 (وبعد السبت، عند فجر أول الأسبوع، جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر... فخرجتا سريعا من القبر بخوف وفرح عظيم، راكضتين لتخبرا تلاميذه. فذهبت هذه وأخبرت الذين كانوا معه وهم ينوحون يبكون. فلما سمع أولئك لم يصدقوا). لم يصدقوا لان المرأة حسب الانجيل شهادتها غير موثوق بها.

أخترنا لك
العناد حالة غير صحية .

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف