نقاش حول موضوع (مختصر دراسة صلب المسيح وقيامته من خلال آيات القرآن الكريم) الاب حنا اسكندر، موقع كتابات في الميزان

2021/02/04

سفر الأمثال 24: 1 ((لا تحسد أهل الشر، ولا تشته أن تكون معهم.. لان شفاههم تتكلم بالمشقة. بالحكمة يبنى البيت وبالفهم يثبت، وبالمعرفة تمتلئ المخادع من كل ثروة كريمة ونفيسة)).

أمرنا الرب أن لا نتكلف (المشقة) بل نكون حكماء.

طلب مني بعض الاخوة ان اقرأ الموضوع المنشور على موقع كتابات في الميزان وارسلوا لي الرابط وطلبوا رأيي فيه . وانا كمسيحية أقول بعد قراءتي له : هذا المقال محاولة عقيمة مؤلمة لاقحام النص القرآني في تفسيرات خاطئة معتمدة على كتب هي عبارة عن قصص كتبها التلاميذ عن يسوع وبعض اعماله. ولا علاقة لها بالكتاب المقدس الذي جاء به يسوع.وهي محاولة يائسة لمساواة الإنجيل بالقرآن.

حاولت العثور على سطر يستحق ان ارد عليه فلم اجد. حتى تصورت ان كاتب هذا المقال يعتصر الماً من كثرة لي النصوص حتى يخال إليك انك تسمع فرقعة عظامها . ولعل اغرب تفسير جاء به هو تفسيره لهذه الفقرة من القرآن المقدس (فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب) حيث يقول ، بأن هذه اشارة إلى جرح يسوع وخروج الماء والدم منه .!

من أين خرج الماء يا قداسة الأب وهم سقوه خلا عندما عطش . وقد عزب عنه أن القرآن هنا قال : ( يخرج من بين الصلب والترائب) ولم يقل : ( يخرج من الصلب والترائب) فكلمة (من) لو جاءت وحدها فهي التي تفيد ما يقصده الكاتب ولكن كلمة (بين) ليس لها علاقة بجرح ابدا .

وقد اجمع المفسرون بقولهم (لاخلاف أن المراد بالصلب صلب الرجل، واختلف في الترائب فقيل: المراد بها ترائبه أيضاً، وهي عظام الصدر ما بين الترقوة إلى الثندوة) فما علاقة الظهر والترقوة والثندوة بجنب يسوع المجروح وخاصرته.

النص هنا يتكلم عن خلق الانسان من هذين الزوجين ، ولكن الكاتب ظن أنه فطن إلى ذلك فقال (وبالتالي ولد المؤمنون بالمسيح من هذا النبع الدافق) ولا أدري ما علاقة البول بخلق المؤمنين بالمسيح ؟؟!! لأن لو سلمنا جدلا ان ذلك حدث فهذا يعني شق المثانة التي هي بول وليس ماء . ثم كيف يتكون المؤمنون من هذا الخليط بول ودم ! ثم إذا كانت هذه الطعنة هي سبب خلق المؤمنين بيسوع مالنا لا نرى لها ذكر إلا في إنجيل يوحنا الذي يقول في 19: 34 (لكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة) لماذا اختفى هذا النص من بقية النصوص وتحاشا بقية التلاميذ ايراده؟.

كان يسوع عطشان لم يشرب ماء منذ ان تم القاء القبض عليه ثم محاكمته ثم اعدامه وعندما طلب ماء سقوه خلا كما نرى ذلك في إنجيل يوحنا 19: 29 (قال: أنا عطشان وكان إناء موضوعا مملوا خلا، فملأوا إسفنجة من الخل، ووضعوها على زوفا وقدموها إلى فمه). فلم يشرب حتى الخل. فمن أين جاء هذا الماء الدافق.

اما قوله بأن القرآن يذهب إلى رأي الانجيل من ان يسوع صُلب ثم مات فهذا هو التكلف (المشقة) ، لأننا لو احسنا الظن بما يقوله لوجدنا أن القرآن ينفي عملية الصلب والقتل ، ويتجه إلى رأي آخر بعيد عن هذه التعقيدات حيث يقول بأنه (رفعه إليه) مباشرة من دون الحاجة إلى اهانته وقتله بهذه الصورة التي لا تُليق إلا بالمجرمين وقطاع الطرق امثال باراباس . وقد اشبعوه بزاقا وجلدا وضربوه ضربا مبرّحا واشبعوه تشهيرا بين الناس لمسافة طويلة حسب رواية الانجيل ومع كل ذلك فإن الاناجيل تختلف فيمن حمل الصليب تارة يقول يسوع حمله بنفسه كما في إنجيل يوحنا 19: 17 (( فأخذوا يسوع ومضوا به. فخرج وهو حامل صليبهُ إلى الموضع حيث صلبوه)). ثم يتراجع ويقول شخص آخر حمل الصليب إنجيل متى 27: 32 ( وفيما هم خارجون وجدوا إنسانا قيروانيا اسمه سمعان، فسخروه ليحمل صليبه ) بالأول اتفقوا على من الذي حمل الصليب ثم تعالوا ناقشوا عملية الصلب واقحموها في نصوص القرآن. 

الرب في القرآن يقول متوفيك ورافعك اي باختيار الرب ولم يُسلمه إلى الناس ليُرذل فكلمة متوفيك ورافعك كلمة مختصرة جميلة تليق بمقام يسوع .

اما قولك بأن القرآن يؤيد الصلب وان يسوع صلب على هذا الشكل الذي نراه اليوم (صليب بعارضتين خشبيتين) فهذا يُخالفه ما جاء في الطبعات القديمة التي تذكر بأن يسوع المسيح صُلب على وتد خشبي (عمود قائم) .حيث أن هذه هي الطريقة اليهودية والرومانية الأكثر شهرة ــ بحسب الكتاب المقدس ــ لمعاقبة اللصوص وقطّاع الطرق وإعدامهم. وإنما سُمي صليب لأن (صُلب) الرجل أي ظهره هو الذي يُلامس الخشبة عند التعليق كما نرى ذلك واضحا في سفر أستير 2: 23 ((ففحص عن الأمر ووجد، فصلبا كلاهما على خشبة)). وهذا ما تقول به العرب بأن الصلب هو فقار الظهر.

فالرجوع إلى أصل الكلمة التي جاءت منها الترجمات إنما تعني وتد أو عمود، فاللغة اليونانية الأصلية التي كتبت بها الأناجيل تذكر من أن المسيح أعدم على ((ستافروس)) وترجمتها الحرفية : وتد أو عمود . وقد استعمل الشاعر اليوناني هوميروس هذه الكلمة (ستافروس) ليشير إلى قطعة واحدة من الخشب وهو بذلك يشير إلى وتد أو عمود وقد استعيرت هذه الكلمة واستعملت في مختلف العلوم وكتب الأدب اليوناني . 

ومن اللافت للنظر أن الترجمات القديمة للكتاب المقدس تشير إلى أن المسيح صُلب ومات على شجرة فالترجمة اليونانية تترجم كلمة ( كسولن) أو (كسيلن) إلى شجرة أو خشبة تشبه الوتد وأن المسيح إنما صلب على شجرة أوخشبة ولا يوجد إشارة أخرى في كل الترجمات القديمة إلى أن المسيح قد صُلب على صليب ذو عارضتين، وإنما تم استعارة هذا الشكل من الامم الوثنية.

ومن هذا المنطلق نرى أن اثنان من كتبة الاناجيل قاما بحذف كلمة الصليب من اشهر نص جاء على لسان يسوع . فمثلا يقول إنجيل مرقس 10: 21 ((فنظر إليه يسوع وأحبه، وقال له: يعوزك شيء واحد: اذهب بع كل ما لك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني حاملا الصليب)).

ولكننا نرى متى و لوقا حذفا جملة ( حاملا الصليب) انظر إنجيل لوقا 18: 22 وكذلك إنجيل متى 19: 21 

والمفاجأة الأخيرة هي أن كاتب سفر أعمال الرسل 5: 30 لا يذكر الصليب بل يقول ان يسوع صُلب على خشبة ((إله آبائنا أقام يسوع الذي أنتم قتلتموه معلقين إياه على خشبة))

وهذا ما كان شائعا طيلة قرون إلى أن حل مجمع نيقيه فاعتمدوا كلمة صليب وإليك باقة من فقرات الانجيل التي تقول بأن يسوع تم تعليقه على خشبة وليس على صليب ذو عارضتين. 

سفر أعمال الرسل 10: 39 ((ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفي أورشليم. الذي أيضا قتلوه معلقين إياه على خشبة)).

سفر أعمال الرسل 13: 29 ((ولما تمموا كل ما كتب عنه، أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر)).

رسالة بطرس الرسول الأولى 2: 24 ((الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة)). 

وهو في التوراة ايضا معروف بأنه خشبة كما في سفر التثنية 21: 22 ((وإذا كان على إنسان خطية حقها الموت، فقتل وعلقته على خشبة)).

وكذلك بولص في رسالته يقول انها خشبة كما في بولس الرسول إلى أهل غلاطية 3: 13((المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من علق على خشبة)). هنا بولص في هذا النص يعتبر يسوع لعنة لأن المعلق على الخشبة ملعون. وبولص أخذ هذا النص من التوراة سفر التثنية 21: 23 ((فلا تبت جثته على الخشبة، بل تدفنه في ذلك اليوم، لأن المعلق ملعون من الله. فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيبا)).

وأما الشكل الحالي للصليب ( وتد ذو عارضتين خشبيتين) فلم يرد ذكره في كل الترجمات القديمة والحديثة ، إلا في ترجمة الملك جيمس فهي الترجمة الوحيدة التي تترجم كلمة ( ستافروس) إلى صليب كما في الشكل الحالي الذي نراه عليه اليوم . والنسخة المصغرة من خشبة الصلب هي (الخازوق) المستقيم الذي يصلبون عليه المجرم بخوزقته حيا، والغريب أن المسيحيين اعتمدوا هذه الترجمة دون غيرها ، وأن أساس جميع الترجمات الحالية يعود إلى هذه الترجمة ، وذلك ليتلاءم النص مع الشكل الحالي للصليب.

يبدو أن الشكل الحالي للصليب ـ وتد ذو عارضتين خشبيتين ـ قد استعارته المسيحية من الكلدانيين المجاورين لهم الذين كانوا يستخدمونه كرمز للآلهة تموز في معابدهم والذي يلوح الان في كثير من جدارياتهم. من كل ذلك نفهم لماذا قام الفيلسوف والاهوتي المعاصر (غونار صومويلسون) عميد جامعة اوبسالا بإنكار عملية صلب يسوع المسيح فكتب ( المسيح لم يُصلب). لأنه خاض في المعاني اللغوية لكلمة (صليب) فخرج بنتائج مضطربة رأى من الاسلم ان ينكر عملية الصلب جملة وتفصيلا ، وهذا ما فعله. انظر الملف المرفق .

http://www.aljazeera.net/…/%d8%a8%d8%a7%d8%ad%d8%ab-%d8%ba%…

رابط المقال على موقع كتابات. 

http://www.kitabat.info/subject.php?id=32160

أخترنا لك
كتب يلفها الغموض . ماذا تعرف عن التلمود وملحقاته ؟ المسيّا العسكري نموذجا

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف