ملكة التيمن. من هي . وماهو دورها. الجزء الأول. اليمن في الحضور المهدوي

2021/02/04

لم يكن الموضوع بهذه السهولة بعد عمليات الطمس التي تعرضت لها النصوص الدينية في التوراة والانجيل ، ولكن بالامكان الحصول على نتيجة صحيحة بنسب عالية إذا تم مراجعة الاصول ومقارنتها بعضها ببعض في مختلف الطبعات ، مع مراقبة صارمة للترجمات عبر التاريخ حيث أن كل مترجم يقوم بترجمة النص متأثرا بثقافة عصره وما بلغه علمه في تفسير المفردات.
وقبل فترة ليست بالقليلة لفت نظري إسم (ملكة التيمن) حيث اولتها نبوءات الكتاب المقدس دورا كبيرا في بعض الاحداث المستقبلية وهذا ما رسمته الرؤى الاسلامية من دور سيقع لهذه الدولة (التيمن) وهذا الملكة على مشارف الايام الأخيرة من عمر البشرية في أحاديث حفلت بها كتب الحديث عند المسلمين وخصوصا في كتب الملاحم والفتن. 
لابد من استقراء للاحداث مهما كانت ، لأن اخبار السماء مهمة بالنسبة لنا، لأننا يوما لابد ان نرجع إلى عالمنا الذي جئنا منه إن كان هنا في الأرض او في السماء والذي يهمنا هو مع من سنكون حيث ان الكتب المقدسة طرحت على مسرح الاحداث الكثير من الشخصيات ، منها الشخصيات الواقعية ومنها المزيفة التي دستها السياسة والانانية والحسد في النصوص فشوهتها. ولذلك اقتضى الحذر الشديد في مسألة التقليد والاتّباع لأن التمييز بين جبهة الحق والباطل صعب إلا من شمله الرب بعنايته ورزقه قابلية التمييز بين الحق والباطل، لأن الحق لا يُعرف بالرجال.
وبمقارنة النصوص اتضح أن (ملكة التيمن) هي نفسها ملكة سبأ او ما تُعرف بإسم (بلقيس) أو الملكة (ميكادا) أو (بلقيس بنت شراحيل) ، ويطلق عليها الكتاب المقدس (ملكة التيمن) والقرآن يطلق عليها (ملكة سبأ) وهناك سورة بإسم (سبأ) . ويروي الكتاب المقدس أن ملكة سبا قد زارت الملك سليمان بعد أن سمعت عن حكمته وسعة ملكه. وأما في الإنجيل فإن السيد المسيح يسميها ملكة التيمن بمعنى ملكة الجنوب وهو النص الوارد في أنجيل لوقا و إنجيل(متى 12: 42) : ((ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه)).
واما التفاسير العربية فتقول ((أن اسمها بلقيس. وأنها ولدت ابنًا من سليمان في اثيوبيا وأن التفسير الحبشي يسميها (ميكادا) . ويقول التقليد الحبشي أن سلسلة ملوك الحبشة يرجع نسبهم إلى سليمان عن طريق هذه الملكة ولذلك يلقب ملك الحبشة هيلاسيلاسي نفسه الأسد الخارج من سبط يهوذا)).(1)
ولكن المشكلة التي وقع فيها (الإنجيل) أنه نسب ملكة سبأ إلى زمانه حيث ورد في سفر أعمال الرسل 8: 27 ((وإذا رجل حبشي خصي، وزير لكنداكة ملكة الحبشة، كان على جميع خزائنها)). أي ان ملكة سبأ كانت في القرن الأول الهجري وبذلك خالف نصوص التوراة التي تؤكد حضورها بين يدي سليمان. وإلى ذلك اشار القس انطونيوس فكري حيث يقول : وقد تكون ملكة سبأ هي بلقيس طلبت أن يكون لها نسل من سليمان فأجابها لطلبها وهي أنجبت منه ولدا اسمه (منلك). ومن نسلها كنداكة ملكة الحبشة.
ولذلك فإن الاثيوبيون يعتبرون ملكة سبأ ملكتهم وهم ينحدرون من سلالتها.وهنا في هذا النص التفسيري فإن القس فكري يؤيد ما يذهب إليه الانجيل من أن كنداكة او بلقيس كانت في زمن يسوع المسيح . وهذا خطأ فاضح ، حيث أن يسوع المسيح كان يتحدث عن إيمان هذه المرأة الذي دفعها ان تتحمل المشاق وتقطع الفيافي والقفار من اجل الوصول إلى سليمان والإيمان به .
وهنا فإن يسوع كان يُشير بذلك إلى اليهود الذين أبو أن يؤمنوا به كما نرى في نهاية النص حيث يقول في إنجيل لوقا 11: 31 ((أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وهوذا أعظم من سليمان ههنا!)). ولكن المفسرون كلهم وقعوا في خطأ لا يُغتفر عندما قالوا بأن المقصود من ملكة التيمن هي بلقيس ملكة سبأ. فلو كان كذلك كيف ذكرت التوراة قبل الانجيل بمئات السنين خبر ملكة سبأ كما نقرأ ذلك واضحا في سفر الملوك الأول 10: 1((وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان لمجد الرب، فأتت لتمتحنه بمسائل فلما رأت ملكة سبا كل حكمة سليمان)).وهذا ما ذهب إليه يسوع المسيح أيضا عندما قال : (أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان).
وتتفق اليهودية والمسيحية مع الاسلام على أن ملكة سبأ حقيقة واقعة لا كما يدعي البعض بانها من الاساطير القديمة كما يقول السيد القمني. حيث يقول القمص يعقوب : ((ويكفينا لإثبات حقيقة وشخصية ملكة سبأ أن السيد المسيح له المجد ذكرها بفمه على أنها ملكة التيمن أي ملكة الجنوب)). (2)
ويقول القمص يعقوب أيضا : ((ما جاء من اسم هذه الملكة في التراث العربي (بلقيس) مقارنًا بما جاء في قول (إسحق الأنطاكي) في القرن الخامس الهجري أن العرب كانوا يعبدون إلهة تُدعى (بلتيس) وقد ذكر بلتيس أيضًا (برر علي) في معجمه على أنها المعبود الكوكبي (فينوس) أو الزهرة.. ومن ثمَّ يبدو أن أسم (بلقيس) لا يعدو كونه من العبادات الأسطورية القديمة، أما آخر أباطرة الحبشة (هيلاسلاسي) فكان يزعم أنه الحفيد الأخير في سلسلة أباطرة حكموا الحبشة، وأن هذا السلسال يعود بالنبوة إلى العلاقة التي قامت بين (سليمان) و(بلقيس). )). (3)
أما في الإنجيل حيث ورد ذكر ملكة سبأ في موضعين بنفس المعنى ، حيث أطلق عليها يسوع المسيح لقب (ملكة التيمن) وهو ما جاء في إنجيل متى 12: 42 ((ملكة التيمن ستقوم في الدين وتدينه، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان)).
وكذلك ما ورد في إنجيل لوقا ولكن بتغييرات طفيفة وكأن التفسير اختلط مع النص حيث يقول : إنجيل لوقا 11: 31((ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم)).
فما هو دور ملكة التيمن في احداث اليوم الأخير ولماذا استخدم يسوع (س) المستقبل في التعبير عنها قائلاك : (ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل) . ومن هم رجال هذا الجيل؟
انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني.
المصادر والتوضيحات ــــــــــــــــــــــــ
1- شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري سفر الملوك الأول 10 - تفسير سفر الملوك الاول.
2- كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها - أ. حلمي القمص يعقوب.
3- كتاب النقد الكتابي: مدارس النقد والتشكيك والرد عليها - أ. حلمي القمص يعقوب
أخترنا لك
وأن تستقسموا بالأزلام . الأوريم والتميم . القرعة والاستخارة في الأديان

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف