زوّار يسوع يوم ولادته هل هم ملوك أو مجوس وما هو عددهم ؟ فيه بعض الاضافات والتعديلات

2021/02/04

في أعياد رأس السنة الميلادية الماضية كنت حينها في كندا ثم انتقلت لأمريكا بحكم زيارتي لشقيقاتي هناك وكانت معي امي زرنا الكنيسة الآشورية الكبرى للمشاركة بالاحتفال. وفي باب الكنيسة تطالعك مجسمات كبيرة بحجم الانسان العادي قام بنحتها اشهر الفنانين العراقيين الآشوريين . تُمثل هذه التماثيل مغارة يسوع في المهد وثلاث ملوك يُقدمون له الهدايا . وفي المدخل الرئيس للكنيسة المؤدي إلى بهو الصلاة الكبير طرزت جانبي الممر صور ملونه تُمثل أيضا صور الملوك الثلاث. 

 

بعد انتهاء مراسم الحفل تقدم القس بموعظته للجماهير الغفيرة . وكرر ايضا أثناء الموعظة قوله بأن ملوك الارض الثلاث قدموا ليسوع هدايا الميلاد ، الناس وجوم بعضهم عيونه دامعة وبعضهم فرح بهذا الكلام ثم انتهت الخطبة وكان هناك حفل الاسئلة. 

 

ودارت اسئلة كثيرة ورفعت يدي فأعطوني المايكرفون . فقلت للأب : يا قداسة الأب ولكن الإنجيل لا يذكر عدد الذين زاروا يسوع ولم يحدد كم عددهم وهل هم ملوك او من عامة الناس. فمن الذي قال بأنهم ملوك وأن عددهم ثلاث ؟ اضافة إلى تجاهل ثلاث اناجيل لهذه الرواية. 

 

فالتفت الحضور كلهم لينظروا من هي صاحبة السؤال الغريب الذي لم لربما لم يدر بخلدهم السؤال عنه . 

 

فقال الأب : سوف أجيبك بعد انتهاء الاسئلة . فحدث ضجيج في القاعة حيث قال الجميع ولكننا ايضا نريد ان نعرف الاجابة على سؤال الاخت حيث اننا نسمع لأول مرة بأن الذين زاروا يسوع ليسوا ملوكا وليس عددهم ثلاث . تسببت حالة الاحتجاج حرجا شديدا للأب الذي أجاب بقوله : 

 

لا أدري من الذي قال بأن زوار يسوع ملوك فالإنجيل لم يذكر. وكذلك لا أعرف من الذي قال بأنهم ثلاث. 

 

فتصايح الناس وحدث لغط كبير وقالوا للأب : ولكنك أنت أيضا قلت انهم ملوك وعددهم ثلاث . 

 

فقال : نعم . هكذا يقولون . 

 

تسللت انا وأمي خارج الكنيسة وعتاب امي يُلاحقني : (( اشلون بيك ايزو ما تبطلين سوالفك مو عيب ابونا صار وجهة احمر من الخجل)). 

 

رجعت للبيت وفتحت الكتاب المقدس وقلبته من الغلاف للغلاف فلم اجد اي ذكر لعدد الذين زاروا يسوع ولم اجد وصفا لهم هل هم ملوك أو منجمون أو عرافون أو سحرة حيث ان هذه الاوصاف يذكرها الآباء في خطبهم كل منهم يتناول وصفا لا أدري من أين أتى به. 

 

التأثير اليهودي في قصة ولادة يسوع يكاد يطغى على كامل القصة التي لا نعرف من أين جاء بها ((متى )) في إنجيله حيث تكاد قصة ولادة يسوع تشابه إلى حد بعيد قصة ولادة موسى. ففي كلا القصتين هناك ثلاث أشخاص زاروا موسى محذرين ، ثم مطاردة الفرعون للاطفال بغية القضاء على الطفل الذي يُشكل خطرا عليه وهذا النص نفسه موجود في قصة ولادة يسوع حيث يقول في إنجيل متى 2: 16 ((حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ)) ثم هروب ام موسى بالطفل لإنقاذه ، وهذا نفسه موجود في الإنجيل حيث يُصور لنا قصة هيرودس وقتله للاطفال وهروب أم يسوع بالطفل لإنقاذه . 

 

النص المشار له يقول كما في إنجيل متى 2: 1 ((وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ. فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا)) . 

 

هذا كل ما موجود في النص . وقد سكتت ثلاث أناجيل عن ذكر هذه القصة فلم يوردوا لها ذكرا وهذا من أغرب الأمور التي تدفع الناس للشك حيث ان مثل هذه المعجزة لا يُمكن السكوت عنها . 

 

ظهور نجم في السماء يرشد الناس من اطراف الارض لمكان يسوع .

 

ثم مجزرة عظيمة تحدث على يد (هيرودس) حيث يقتل كل الاطفال تحت سن السنتين . 

هروب مريم بطفلها إلى مصر . 

 

هذا الحدث المعجز لا تجد له ذكرا في ثلاث أناجيل حيث تفرد (متى) برواية هذه القصة . ولما تُدقق في القصة تجد أن (متى) الحواري كان متأثرا جدا بالتوراة حيث يذكر في النص ((بأن المذكور قد تحقق)) في اشارة منه إلى نبوءة التوراة ــ الخالية طبعا من النجم والمجوس وقتل الاطفال ــ حيث يقول في إنجيل متى 2 : 15 ـ 23((لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ الْقَائِل: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني ... وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا)).

 

مليارات من أتباع يسوع يحتفلون بهذه المناسبة ولكن كلهم يجهلون تفاصيلها الحقيقية ، حيث اني من باب الانصاف اجد أن ما ذكره القرآن المقدس اقرب للصواب ويحمل بين طياته مضامين عالية من التوقير والاحترام والتقديس ، حيث يصف هذه الولادة بأوصاف تقشعر منها الجلود من حيث الاعجاز الذي ورد فيها . وانا اقسم واتحمل قسمي بأني رأيت قسا محترما أسمه (...............)) يبكي عندما يقرأ قصة ولادة يسوع في القرآن المقدس وكيف يأتي على ذكر معاناة امه المقدسة وامنياتها بالموت خشية أن يُثلم شرفها لكونها تعرف صلابة ادمغة اليهود كيف تُقنعهم بولادة طفل من دون أب ؟. 

 

لقد رأيت هذا القس يسترجع العبرات ويجهش بالبكاء بأم عيني حيث أخذتُ يده وربتُ عليها بلطف فحن كأنه طفلٌ صغير وقال لي : أخشى على إيماني عندما اقرأ هذا النص !!. 

 

لقد مرّ (20) قرنا، ولا يزال الناس في كل مكان يضعون مغارة عيد الميلاد حيث يبدو فيها ثلاث ملوك يأتون بالهدايا إلى يسوع المسيح . ولا يزال الأطفال يتمشون في الأحياء المسيحية وهم يرتدون أزياء (( الملوك القديسين))! ولا يزال بابا الفاتيكان يحضر مسرحية الملوك الثلاث شهود ولادة يسوع ــ كما مبيّن في الصورة ــ حيث يستقبل الملوك الثلاث!

 

لو رجعنا إلى أصل الكلمة اليونانية لوجدناها ((ماغوس)) وتعني مجوس وبكل وضوح ولكن أغلب ترجمات الكتاب المقدس تذكرها بتفسيرات شتى منها : منجمين ، رجال حكماء ، ملوك ، مجوس. 

 

تقول دائرة المعارف الكاثوليكية حول هذه المفردة : (( لم يعتقد أيّ من آباء الكنيسة أن المجوس كانوا ملوكا، وكذلك الكتاب المقدس فلم تذكر رواية الانجيل عدد المجوس)) . 

 

ولكن تعال معي اخي الطيب لنرى . هل أن المجوس فعلا تنبأوا بولادة يسوع وانهم كشفوا النجم الذي ارشدهم إلى يسوع ؟؟؟ 

 

الكتاب المقدس يُكذب ذلك حيث يذكر وبكل وضوح بأن هؤلاء المجوس لا علم لهم ، ولا معرفة وانهم غير قادرين على كشف نبوءة ولادة يسوع فقط الانبياء قادرون على ذلك حيث يقول في سفر دانيال 4: 7((حينئذ حضر المجوس والسحرة والكلدانيون والمنجمون، وقصصت الحلم عليهم، فلم يعرفوني بتعبيره السر الذي طلبهُ الملك لا تقدرُ الحُكماء ولا السحرة ولاالمجوسَ ولا المنجمون على أن يُبينوه للملك )) فلو كان المجوس يعرفون يوم ميلاد يسوع واوصافه لما حدثت مجزرة الاطفال على يد هذا الملك حيث اباد اطفال مدينة كاملة ممن هم تحت عمر السنتين. ولكن للحقيقة فإن هؤلاء المجوس كانوا يبحثون عن نبوءة في كتابهم الافستا تتحدث عن ميلاد النور الاعظم . فلما رأوا يسوع عرفوا انه ليس هو ، فقدموا له هدايا وانصرفوا 

 

ولكن مع ذلك فإن المليارات لا زالت تحتفل بهذه الطريقة التي يجهل حتى الآباء ما هي قصتها ومن أين اتت وحتى أنا ايزو ــ طبعا لم ابحث بعمق ولكني اشك انها نفس قصة ميلاد موسى بتفاصيلها تم نقلها إلى الانجيل ــ ولا أحد يقدر أن يعرف من أين اتت كل هذه الاشياء . ولذلك ترى ثلاث من كتبة الاناجيل المعترف بهم يتنكرون لها ولا يذكرونها في اناجيلهم 

أخترنا لك
تتمة توضيحية لموضوع نبوخذ نصر ودانيال والرشيد والكاظم

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف