حرب المياه والاكراد وعلاقة ذلك بإسرائيل، تاريخ لا يعرفه أحد. الجزء الأول

2021/01/31

المياه عصب الحياة لم تقم حضارة إلا على ضفاف الأنهار وفتحات العيون و منابع الآبار، وبقيت هذه الحضارات على ضفاف الأنهار آلاف السنين إلى أن تم اختراع وسائل سحب المياه فتوسعت وامتدت إلى اعماق الأرض ، تمدد هذه الحضارات وانكماشها يتوقف على كمية الماء الواصل إلى أطرافها، فالجفاف والتصحر من ألد أعداء الحضارات.

 

ظل الماء العذب من أهم الموارد الطبيعية على الإطلاق، ذلك أنه عصب الحياة والعمود الفقري لها فبدونه لا يمكن لكائن حي أن يعيش، ولا يمكن لأغلب الآلات أن تعمل وبشحته تتدنى كل الفعاليات الاقتصادية والأنشطة البشرية الأخرى فالماء ضروري في المعيشة اليومية من مأكل ومشرب ونظافة ناهيك عن الأمور الأخرى مثل الزراعة والصناعة وتسيير عجلة الحياة، لذلك فإن الماء هو أغلى مركب يتعامل معه الإنسان على الاطلاق.

 

ومن هنا ركزت الكتب المقدسة على ذلك فقالت في سفر التكوين 1: 20 (( وقال الله : لتفض المياه زحافات ذاتَ نفسٍ حيّةٍ)). وهو نفس القول الوارد في القرآن المقدس في سورة الانبياء 30 : ((وجعلنا من الماء كل شيء حي )).

 

ولعل اقذر الحروب واشدها همجية هي تلك التي يُستخدم فيها سلاح الماء لتركيع الشعوب. فلا يُبالي من يستخدم هذا السلاح حتى لو أدى ذلك إلى القضاء على الزرع والحيوان والإنسان معا، وهذه الحرب هي من المفاسد الكبرى التي قيل عنها أنها التي تهلك الحرث والنسل. 

 

ولعل اول من استخدم المياه في الحرب في زمن الاسلام هم المحاصرون لعثمان حيث منعوا الماء عنه ، ثم عندما سيطر معاوية على الماء في صفين منع جيش علي من الشرب حتى اوشكوا على الهلاك ، ثم استخدمه الامويون في حربهم في كربلاء ضد حفيد النبي وابن ابنته فاهلكوهم عطشا، وهكذا توالت حرب المياه في الإسلام وكلها يقوم بها طرف طرف زائغ عن السراط السوي .

 

فمعاوية عندما استولى على الفرات حاول قتل جيش علي بن ابي طالب عطشا ، ولكن علي لم يفعل ذلك بل سمح لجيش الشام ان يستقي بعد أن استعاد سيطرته على المشرعة .

 

وان سبب عطش الحسين في كربلاء كان بسبب ان الحسين سقى جيش عبيد الله بن زياد الذي كان يقوده الحر بن يزيد الرياحي بعد أن اوشكوا على الهلاك عطشا فجاد الحسين بالماء حتى فرغت القرب من الماء على أمل أن يملأها عند وصوله للفرات، ولما وصل الحسين إلى كربلاء حالوا بينه وبين التزود بالماء .

 

من هاتين الواقعتين يتم التمييز بين ثقافة المدرستين إلى ان تشتعل حرب المياه من جديد.

 

تخبرنا المراجع التاريخية أن هناك حروبا حدثت بسبب الماء ، تلاشت فيها أمم وحلت أمم أخرى مكانها، والشرق الأوسط مرشح ان ينفجر في حروب طاحنه بسبب المياه و يمتد من أفغانستان وسوريا وتركيا والعراق وفلسطين وعبر مصر وشمال أفريقيا حتى سواحل المغرب على المحيط الأطلسي. (1) ولعل اهمها هو ما سوف يقع بين تركيا وسوريا والعراق.

 

فالمياه إذن وسيلة ضغط قوية جدا وكما تخبرنا المراجع الدينية فإن الرب استخدم هذا السلاح لإعادة الطغاة إلى رشدهم كما نرى ذلك في قصة فرعون لإجباره على تخلية سبيل المغلوبين على امرهم من الناس ممن كان يستخدمهم في اعمال السخرة والبناء، 

فبعد ان ضرب الله فرعون بسبع ضربات متتالية لم تنفع في اخضاعه عمد الرب إلى استخدام سلاح المياه كما نرى ذلك واضحا في سفر الخروج 7: 15 ففي البداية هدد الرب فرعون على لسان موسى إذ امره ان : ((اذهب إلى فرعون في الصباح . إنهُ يخرج إلى الماء، وقف للقائه على حافة النهر. والعصا في يدك.وتقول له: الرب أرسلني إليك : اطلق شعبي ليعبدوني حتى الآن لم تسمع ، ها أنا أضرب بالعصا على الماء فيتحول دما. ويموت السمك وينتن النهر. فيعاف المصريون أن يشربوا ماء من النهر. مد يدك على مياه المصريين على انهارهم وعلى سواقيهم وعلى كل مجتمعات مياههم لتصير دما. ففعل هكذا موسى . رفع العصا وضرب الماء امام عيني فرعون وامام عيون عبيده فتحول كل الماء دما)). وهذا ما ذهب إليه القرآن أيضا كما في سورة الأعراف آية 133: ((فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم)).

 

وهكذا وتحت ضغط العطش استجاب فرعون لموسى واطلق بني إسرائيل. 

 

ويخبرنا الكتاب المقدس أيضا أن اليهود أول من استخدم هذه الطريقة لإركاع الشعوب واذلالها. فكما نقرأ في سفر يهوديت 7: 11 في نصيحة الحكماء لملكهم بعد ان عجز عن اقتحام المدينة فقالوه له : (( فالآن حتى تظفر بهم بلا قتال، أقم ارصادا على الينابيع لئلا يستقوا منها ماء فتقتلهم بغير سيف .. وهم معدودون في الموتى من عوز الماء، حتى عزموا أن يذبحوا بهائمهم ليشربوا دماءها)). 

 

الاكراد وحبس مياه الروافد التي تصب في دجلة ، واقترابهم من الفرات هل هو تحقيق للنبوءات. 

 

حذرت (منظمة المياه الأوروبية) من إمكانية جفاف نهر دجلة بالكامل بسبب مشاريع تركيا وسوريا والاكراد التي لها دوافع سياسية واقتصادية في آن واحد.

 

وأول ما يبدأ ذلك في نهر دجلة الذي يبلغ طوله 1955 كلم منها 500 كلم داخل تركيا والباقي في العراق، وتصل طاقته الصبيبية إلى 49 مليار متر مكعب سنويا بفضل الروافد الكثيرة التي تزوده بالماء، تأتي من جبال طوروس التركية وروافد جبال زاغروس الواقعة داخل حدود إيران و 30 في المائة من روافد داخل العراق وكلها تمر عبر كردستان.

من هذه المقدمة الموجزة عرفنا أهمية المياه وخطورتها في اركاع الناس ولعل اخطرها هو ما سيقع في المثلث السوري العراقي التركي بالتعاون مع الاكراد حيث مسرح المعركة . 

وسيكون دور الاكراد مهما للغاية إذا عرفنا انهم اصبحوا يمتلكون السدود ومنابع نهر دجلة واقتربوا من الفرات وسيطروا على سدوده في الموصل بأمر من إسرائيل ودعم من تركيا. 

وأن هذه الحرب سوف تجر العالم كله إلى هذه المنطقة لتكون المذبحة الكبرى بسبب حاجة إسرائيل للمياه وقيام تركيا بوضع السدود بغية رفع منسوب المياه لتصل إلى إسرائيل بسهولة وقيام سوريا ببناء السدود أيضا ، والأكراد سوف يكونوا الاداة الاسرائيلة في هذه الحرب حيث يسهلون لهم الآن قيام دولتهم والسيطرة على اهم منابع نهر دجلة ثم السيطرة على نهر الفرات من اعالي الموصل وسدوده وقد بدأت عملية تسليحهم هذه الأيام. 

 

وهذا ما ذكرته كتب الملاحم المتنوعة وجاءت على ذكره الكتب المقدسة ايضا ففي حديث عن أهمية نهر الفرات ذكر البخاري في صحيحه باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ، قال : ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يُحْسَر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه ، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ، فيقول كل رجل منهم : لعلي أكون أنا أنجو)) .(2)

 

انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني وهو بعنوان : دور الاكراد في معركة المياه وعلاقتهم بإسرائيل. 

 

المصادر والتوضيحات ــــــــــــــــ

 

1- شعار توراتي يُبرر لليهود سرقة المياه كما نرى ذلك في سفر الأمثال 9: حيث يقول : ((المياهُ المسروقة حلوة)) اعتبرت إسرائيل أن المياه العربية التي استولت عليها بعد حرب عام 1967 غنائم حرب حيث احتلت إسرائيل منابع نهر الأردن واليرموك، وبانياس وبحيرة طبرية. أن مجموع ما تستولي عليه إسرائيل سنويا من المياه العربية بعد عام 1967 ما يقدر بـ 1200 مليون متر مكعب. وتتطلع إسرائيل إلى سلب المزيد من المياه منها: نهر النيل في مصر، والليطاني في لبنان والفرات حيث تنشا السدود في تركيا لرفع منسوبها حتى ينساب إلى إسرائيل. وقد قال ديفيد بن غوريون في كتابه (ارض اسرائيل) ان تشمل منابع نهر الاردن والليطاني وثلوج جبل الشيخ واليرموك لتكون ضمن ارض اسرائيل. وفي عام 1955 أكد: (ان اليهود يخوضون مع العرب معركة المياه) وعلى نتائج هذه المعركة يتوقف مستقبل اسرائيل.

 

2- البخاري في كتاب الفتن ( 8ج /ص 100 ) باب خروج النار ، و مسلم في صحيحه كتاب الفتن ( برقم 2894). وقد اورد الحديث مجموعة كبيرة من كتب الطرفين حتى بلغ حد التواتر وقالوا عنه صحيح

أخترنا لك
شيء من أسرار لافي المحرمة.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف