تأملات في قول يسوع : من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر !

2020/01/14


إيزابيل بنيامين ماما اشوري كتبت هذه المقالة بتاريخ 2013/03/22

هناك نص في الإنجيل اشتهر كثيرا بين مختلف طوائف العالم والنص يقول : ((من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر)) كعلامة على التسامح والسلام . ولكن في حقيقة الامر أن المسألة ليست هكذا وإنما تتعلق بوقت معين كان فيه اتباع المسيح في بداية الدعوة ضعفاء قليلي العدد والعدة فخشى يسوع ان يتخطفهم الناس من كل جانب وخصوصا ملاحقة اليهود لهم والدولة الرومانية الناهضة القوية التي كانت تقتل كل من لا يعبد ((البعل)) ولذلك اوصى يسوع أتباعه بأن يكونوا مسالمين ولا يردوا على أحد وهذه هي طريقة الانبياء في الحفاظ على اتباعهم في بداية كل دعوة ، ونفس الشيء فعله محمد عليه مكارم الرب عندما كان يوصي اتباعه بتحمل الاذى من قريش في مكة. 

طبعا النص مذكور في إنجيل متى الاصحاح 5 : 39 وهو بهذه الصيغة : ((سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ )) 
طبعا النص في (إنجيل لوقا 6: 29) اختلف اختلافا كليا في معانيه كلها ، وسكت إنجيل يوحنا ومرقص عن ذكره فلم يوردا له خبرا.
فهناك اوامر صدرت من يسوع لاتباعه بأن لا يُقاوموا الشر فلو امرهم بمقاومة مضطهديهم لكان ذلك أشبه بالانتحار ولكان فيه القضاء على دعوته منذ بدايتها . ولذلك فإن دعوة من لطمك على خدك الايمن فأدر له الايسر . ليست قاعدة عامة ومطلقة، وإنما تعبير عن منهج عمل في ظروف خاصة ولا أعتقد أن يسوع يُضيّع حقوق الناس لأن الضرب حالة اعتداء على الاخرين تترتب عليها حالة قصاص . 
اضافة إلى ذلك ان هذا النص يُصور يسوع بالجبان الخائف وهو ليس كذلك لأن انبياء الرب كلهم شجعان والصحيح ان يسوع بعد ان قويت الدعوة قال بصراحة كما في إنجيل متى 10: 34 ((لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض. ما جئت لألقي سلاما بل سيفا ونارا وانقساما )) فنسخ بذلك حكم الآية الأولى . 
ثم أوصى بعد ذلك بما هو أشد لحماية الدعوة حينما أمر اتباعه بشراء السيوف للدفاع عن الدين فقال كما في إنجيل لوقا 22: 36 : (( فقال لهم لكن الآن من له كيس فليأخذ . ومن ليس له سيف فليبع ثوبه ويشتر سيفا )) . هذا هو الذي يُليق بيسوع وليس كما يُصورونه مثل الحمل الصغير مسالم وادع خوار جبان يهرب إل الجبال كلما رأى جنديا رومانيا ، يبكي كانه طفل يخضع كانه ضعيف يملأ الدنيا صراخا عندما يتألم ، هذه ليست صفاة الانبياء. 
هناك ملاحظة جدا مهمة وهي أن خروج يسوع في المستقبل مع قائد عربي مسلم يعضده ويناصره ويقاتل بين يديه لا تستقيم مع الصورة التي رسموها له في بداية بعثته والنص كما في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15: يقول : ((سيكون أصل يسوع والقائم ليسودا على الأمم عليه سيكون رجاء الامم )) فمن تكون صفاته الخوف لا يسود على الامم ولا تترجاه الأمم. لأن المسيح سوف يخوض حربا شرسة ومصيرية للغاية بحيث تكون نهاية الشيطان واتباعه على يديه وتكون بداية حكومة الله . وسوف يُقابل يسوع العالم النصراني برمته في حرب كلامية ثم دموية تطيح برؤوس الملايين من الجاحدين والمنكرين وهذه الحرب مع الاسف تم ازالتها من الانجيل لأن كتبة الانجيل كلهم من اليهود ولكن برنابا حافظ على النص الأصلي بعد وصية يسوع لأتباعه بأن يبيعوا ثيابهم ويشتروا سيوفا لأن الوقت قد حان لذلك. وسوف يكون بين يدي المسيح وقائده القائم اروع سلاح عرفته البشرية وأرعبه عليهم وهو ((التابوت الذي أجمعت التوراة والإنجيل وكذلك برنابا والقرآن )) وكذلك جاء على ذكره (الأرياني ستيانس )) وذكره شرع منّو سمرتي في فصله الثالث ، الفقرة 41 من صفحة العظيم بهادور : ((ستسخي السماء ببهادور العظيم ليخرج وعلى كتفه تابوت النار ليصب لهيب الغضب على اعداءه ثم يُلقيه على أعتاب بيت الرب عند الشاهد الأعظم ليشهد له بالنصر العظيم)) 
والرواية تقول: يسير بين يديه تابوت العهد تحمله الملائكة فيعزم عليه فيُزيل الجبال من أمامه . فأي سلاح هذا الذي يملك قدرة أن يُزيح الجبال. 
فمن خصائص التابوت المخيفة أن كل من يراه من الأعداء سوف يفرون منه كما في سفر العدد الاصحاح 10 : 35 حيث يقول : (( وعند ارتحال التابوت كان موسى يقول: قم يارب فلتبدد اعداؤك ويهرب مبغضوك من امامه )) 
وسر القوة المرعبة التي في التابوت هو أن قدرة الرب تتراءى على الغطاء سفراللاويين 16 :2. والملائكة الكروبين بسطا اجنحتهما على موضع التابوت . كما في سفر الملوك الأول 8 : 7 والقائم خلفه يعزم عليه فيُطيع ويسوع يرفرف فوقه كانه شهاب من نار يصم رعده القاصف آذان الجاحدين . 
أيد القرآن المكرم كل ذلك حيث قال في سورة البقرة آية 248 : (( وقال لهم نبيهم أن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية من آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة )) . 
وكذلك وجدت في رواية بحثت عنها طويلا فوجدت في معجم الملاحم والفتن الجزء الأول منه يقول : (( أن المهدي يبعث بعثا لقتال الروم فيرسل معه عشرة تستخرج تابوت السكينة من غار في انطاكية وفيه التوراة والانجيل)) وهو المقصود من قول القرآن وفيه بقية من آل موسى وآل هارون . 
وفي رواية ضاعت مني ولكني اتذكر فيها قوله : ثم يعزُم على التابوت ــ أي المهدي ــ فتخرج منه نار تزيل الجبال . 
إلى هنا أنا لا أدري هي يقبل يسوع بعد كل ما ذكرناه أن يسكت المضروب صفعة على أخدعيه يطيش لها لبه أن لا يرد الضربة؟. 
وهل سكتت المسيحية وتركت العالم يعيش بسلام .فمنذ قيامها اشعلت الدنيا حروبا أزهقت فيها أرواح الملايين من الأبرياء ولا زالت. 
فهل يستقيم فعل المسيحية هذا مع قول المسيح من ضربك على خدك الايمن ادر له الايسر .
أخترنا لك
قصة الطوفان بين العلم والدين . الجزء الأول : القصة من التوراة

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف