لعلها لا تدري ما خطه القدر لها ، ولكنها سمعت استاذها يوما يتأوه
ويتألم فواسته وطلبت منه ان تساعده ، ولكنه بكى وقال: ارى فيك روح
القيادة لعلك تكونين انت اخبرك قبل موتي لقد اقترب زمانه وانت احد
اعوانه عندما يحين الوقت ستكونين معهن. فلم تفهم شيئا وعندما حاولت
ان تستفهمه رأته وقد رقد رقدتهُ الأبدية . رحل وتركها في
ذهول.
كان ذلك سنة ((461)) وتلك هي القديسة (بردجد) فيما بعد والذي اسرّ
لها بهذا الكلام هو القديس (باتريك) عندما كانت في أولى مراحل
الدراسة على يديه فترهبت على اثر كلامه وهجرت كل ملذات الدنيا وهي
الجميلة اليافعة اليانعة. لقد حفرت كلمات القديس باتريك في قلبها
نقشا لا يزول تركها في حيرة.
القديس (باتريك) Naomh Pádraig
الذي قاد إيرلندا إلى الايمان الصحيح ، باتريك الذي تصدى (لليجر)
الوثني الجالس على عرش (تارا). والذي استعان عليه بسحر الكهنة
فقابلهم باتريك بأن عرض على الأهلين تعاويذ طاردي الأرواح الشريرة
الخبيثة. وكتب (نينيوس) عن باتريك الشيء الكثير من معجزاته فقال :
باتريك رد بصر العمي والسمع للصم، وطهر المجذومين ، وأخرج الشياطين،
وأحيا تسعة من الموتى ببركة الاسم المقدس الذي كان يحمله في كتاب لا
يُغادر طيات ثيابه. اخلاق باتريك لا معجزاته هي التي هدت
الأيرلنديين إلى الدين الصحيح كان إيمانه يصدر عن إقناع تُمليه
عقائده الواثق بها والتي لا يقبل فيها جدلا.وتنقل من منفى إلى منفى
حتى عزلته الكنيسة العظمى في جزر ايرلندا. فكان الناس يظنون أن
قبولهم في دولته الكهنوتية مغامرة من أسمى المغامرات وأجلها
خطرا.وجمع حوله رجالا ونساء من ذوي الشجاعة والإخلاص، يتحملون جميع
أنواع الحرمان ليُبشروا الناس بأن الإنسان قد نجا من الخطيئة ولكن
بشرط ان يُكمل الإيمان الذي اوشك ان يخرج من الشرق. وهو على فراش
الموت من سنة (461) طلب بردجد وقال لها امام مجمع المقدسين كوني
انتي فإني ارى ذلك فيك ستُبعثين معه لتقودي جحافل النساء مع
القديسات ستكوني ممن ينال بركة زمانه وتلك هي علامة صدقي في أنك انت
هي.
في رؤيتها الشهيرة قالت بردجد : (( لقد هوت كل اوثان (تارا) على
وجهها وفزع (ليجر) وهو يرى النار تشب في ستائر المعبد وعجز كل سحرته
عن معرفة ماذا جرى إلا انهم قالوا: انه زمن ولادة باتريك من
جديد)).(1)
لقد عمّرت برجد طويلا حتى خيل للناس انها قهرت الموت .كانت اقرب
الناس لقلوب الايرلنديين كان لها اكبر الفضل في تثبيت دعائم دين
باتريك الداعي إلى اتباع الحق الذي سوف يظهر من الشرق وسوف يرون
آثاره في كل العالم.
لا يُعرف بالضبط إلى أين أُرسلت برجد لكي تدرس او تتعلم او تلتقي
باحد ، ولكن من كتب عنها قال : انها ذهبت إلى الشرق (3) لتدرس هناك
ثم عادت لتترهب سنة (476) ثم انشأت كنيستها العجيبة (كل دارا) شجرة
البلوط ، ولكن العجيب ان تترك لنا هذه القديسة مجسما صنعته من سيقان
الحنطة يُمثل (مكعبا له اتجاهات اربعة) اخذت توزعه على كل من
يزوروها وهي تقول هنا مركز العالم حيث ستأتي الرياح الاربع لتحكم
العالم جاهدوا لكي تصلوا إلى هناك حيث الخلاص. وإلى هذا اليوم
يُعتبر هذا المكعب رمزا سحريا حيكت حوله عشرات القصص والروايات.
اختفت بردجد بعد ان تركت ورقة صغيرة كتبت فيها : سآتي معه وسوف اكون
على يمينه ويهوديت والشونمية على شمالي ثم هاجر ورفقة وليئة وراحيل
وثامار ومريم ونعمي وراعوث وحنه وابيجال وماكيدا (4) وآسينات (5)
وبششبع واليصابات ومرثا وليديا وسنكون قدام من سيأتين بعدنا نحن
وصائف قديسات الراعي الآتي إنه على الأبواب .
المصادر والتوضيحات ـــــــــــــــــ
1- وهذا ما حدث بعد سنوات قليلة جدا حيث كانت ولادة نبي العرب محمد
(571)حيث اصبحت الاصنام في كل معابد العالم منكسة على وجوهها
وانطفأت النيران وغارت المياه وتهدمت عروش الاباطرة.وباتريك في لغة
برابرة أيرلندا تعني الشديد القوة ذو باس شديد.
2- هي التي طلب منها عزيا الملك وجميع شيوخ الهيكل ان تصلي لأجلهم
للرب طلبا للعون لانها كانت مقدسة ، انظر : سفر يهوديت 8: 29 ((
فالآن صلي عنا لأنك امرأة قديسة متقية لله. فقالت لهم يهوديت: كما
أنكم عرفتم أن ما تكلمت به هو من قبل الله)).
3- قال لي البعض ولكن لم يأت احد من الجزر البريطانية أو ايرلندا
إلى مكة او غيرها من مناطق الشرق. قلت له : ولكن البريطانيين
والإيرلنديين يعرفون كل شيء عن الشرق وعلومه وحضارته ودراسته حتى
زمن الملك (اووفا ريكس) الذي طلب مساعدة هارون الرشيد ويعتنق
الاسلام وكدليل على صدق كلامه قام بطباعة الدنانير وعليها نقش لا
إله إلا الله. ولكن هارون الرشيد خذله. وحتى تواريخ بريطانيا تذكر
ان السماء مطرت دما في يوم معين.
4- ماكيدا هي بلقيس ملكة سبأ التي آمنت بسليمان وآمن معها قومها.
5- الهاجاديّة اليهودية كعادتها في الخلط فقد جعلت آسينات زوجة
الفرعون المؤمن يوسف وهذا من الاخطاء الشائعة جدا فآسينات هي آسيا
بنت مزاحم واما زوجة يوسف آسينات هي بنت فوطيفارع . زوجة فرعون التي
آمنت بموسى