ترجمة (مايلز كافردايل) للكتاب المقدس إلى الانكليزية. عداء الكنيسة للكتاب المقدس

2021/01/18

  

لأسباب خطير لعلي اذكرها يوما ما ، لوحق الكتاب المقدس طيلة قرون متمادية وتم اخفائه عن أعين الناس فلا يحق لأي أحد أن يتداوله او يقرأ به سوى رجال الدين وتعرض كل من حاول ترجمة هذا الكتاب او طبعه وتوزيعه إلى شتى الاتهامات التي تقوده أخيرا وبعد تعذيب طويل إلى المقصلة أو الاحراق حيا بالنار امام الناس . 
محاولات كثيرة جرت لترجمة الكتاب المقدس إلى إي لغة متداولة في أوربا أو العالم بغرض جعله متداولا بين أيدي الناس، ولكن كلها اجهضت وهي جنين ، واحرق كل من حاول القيام بها. 
من هذه المحاولات التي نجحت هي ترجمة كامل الكتاب المقدس إلى اللغة الانكليزية ولكن كيف نجحت؟. 
ففي عام (1535) صدرت اول ترجمة مطبوعة لكامل الكتاب المقدس بالانكليزية ولكن من دون أن تحمل اسم المترجم ! لماذا ؟
لقد اخفى المترجم اسمه وهو (مايلز كافردايل) ولم يضعه على الطبعة . 
فلماذا اخفى اسمه ؟ لقد اخفى مايلز اسمه لأنه رأى صديقة (وليم تندل) مرميا في قعر سجن (الجمجمة ) وهو من أسوأ سجون اوروبا قاطبة ويطلق عليه الناس سجن الجرذان المتوحشة . وذلك بسبب محاولة تندل ترجمة الكتاب المقدس . وكان حدس مايلز في محله حيث تم اعدام (وليم تندل) بعد عام . تندل الذي هرب من إنكلترا إلى ألمانيا حيث تتوفر المطابع اليدوية . ثم قام سرا بترجمة الإنجيل فقط ، ترجمهُ من اليونانية الأصلية ، وطُبع منه نحو (30.000 ) استطاع تندل أن يهربها إلى إنكلترا . ولكن ما أن وصل خبرها إلى أسقف لندن حتى اشترى كل نسخة أمكنه العثور عليها ثم جمعها وأحرقها علانية في فناء كنيسة القديس بولص بوسط لندن . وتمت المطاردة العنيدة لتندل ، وأخيرا تم القبض عليه فتم اعتقاله وحوكم ، وأدين بالهرطقة والزيغان من الديانة المسيحية . وفي سنة (1536 ) خُنق وأحرق على الخشبة أمام الناس وقد وضعوا لافتة فوق رأس وليم تندل مكتوب فيها ((هرطوقي زائغ من الدين)).. ثم صدر مرسوم يعاقب بالحرق كل من يُعثر عنده على نسخة من إنجيل تندل. 
كل ذلك كان كافردايل يعيه جيدا . ولكن كيف نجى كافردايل من القتل على ايدي القساوسة وهو الذي لاحظ أيضا بأم عينيه كيف أُحرق بالنار استاذه العالم اللاهوتي ( روبرت بارنز) سنة (1528) لمجرد انه عارض الكنيسة والذي بقى مطاردا طيلة (12) عاما. وكذلك اعدام العالم جون ويكلف. 
هرب (مايلز كافردايل) من انكلترا وبقى متخفيا طيلة سبع سنوات لا يُعرف أين هو ، والسبب انه كان يقرأ نصوص من الكتاب المقدس على الناس خارج بناء الكنيسة ومع انه قسيس ولكنه لوحق لهذا السبب. 
لجأ كافردايل إلى ألمانيا متخفيا ومكث في هامبورغ وعكف على ترجمة الكتاب المقدس بلغة يستطيع عامة الشعب أن يقرأها . وجاءت الامور لصالح كافردايل حيث اخذت الامور تتبدل بسرعة في انكلترا ففي سنة (1534) تحدى الملك (هنري الثامن) بشكل علني سلطة البابا الكاثوليكي في روما. وسبب التحدي أن هنري الثامن بدأ يُشجع على ترجمة الكتاب المقدس من العبرانية القديمة إلى اللغة الانكليزية قبل أن يسبقه احد إلى ذلك ، متعنصرا إلى لغتة ومحالا أن ينشر اللغة الانكليزية عن طريق الكتاب المقدس . ولكن هناك عقبة كبير تقع في طريق (كافردايل) وهي أنه لم يكن مثقفا باللغة الانكليزية ولم يتقن التعبير بهذا اللغة وافتقر الى المهارات التي كان يملكها صديقه وليم تندل الذي كان متمكنا من اللغتين العبرانية والانكليزية ولذلك عمد كافردايل إلى وضع ترجمته عن طريق تنقيح ما قام تندل بترجمته مستعينا بالترجمات اللاتينية والالمانية. ولذلك ترى في الطبعة الانكليزية لكافردايل اخطاء لا يُمكن أن تُغتفر ولعله على راسها اخفائه عن عمد إسم الله في الكتاب المقدس. وهو الإسم الإلهي بصيغته (جيهوفاه) والذي يُعرف بالعربية حسب الكتاب المقدس (يهوه) أو (الله ).(1)
طُبعت ترجمة كافردايل في أوربا عام (1535) أي قبيل اكثر من خمسمائة عام ، وقد سارع في طبعها بعد اعدام وليم تندل بسنة وكأنه يريد أن ينتقم من الكنيسة التي أعدمته. وحمل كافردايل نسخته المترجمة إلى الملك هنري الثامن مع الكثير من التكريم والمجاملة والمديح للانكليزية كلغة مرشحة أن تقود الثقافة العالمية. وهكذا أمر الملك بطباعة هذه النسخة عام (1537) وتوزيعها على الرغم مما فيها من اخطاء لا تُغتفر. 
الخطأ الثاني أن (توماس كرمويل) مستشار الملك الأول وكذلك كرانمر، رئيس أساقفة كانتربري طلبا من كافردايل نفسه أن يقوم بتنقيح ترجمة (ماثيو) للكتاب المقدس لأن اسم الله يرد فيها ، فوقع كافردايل بنفس الاخطاء في الطبعة الثانية ، وتم طباعة نسخة (ماثيو) سنة (1539) وسُميت بالكتاب المقدس العظيم بسبب كبر حجمها. وهي الموجودة بين أيدينا الآن . 
تولت الملكة (ماري الكاثوليكية) المُلك بعد أدوارد عام 1553 واصدرت امرا بالقبض على كافردايل لاخفاءه عن عمد إسم الله . فهرب إلى الدانمارك . ثم هرب متخفيا إلى سويسرا . 
تعتبر الآن ترجمة كافردايل للكتاب المقدس هي أقدم كتاب مقدس باللغة الانكليزية يتضمن التتراغراماتون ، وهي الأحرف الأربعة للاسم الإلهي (يهوه) الله والتي وضعها في اعلى صفحة العنوان ويُعتبر الكتاب المقدس ترجمة كافردايل الوحيد الذي يجمع كل الأسفار الابوكريفية في محلق في آخر الكتاب.
المصادر ــــــــــــــــــــ
1- كتاب ج . ف . موزلي ، كافردايل وترجماته للكتاب المقدس طبع لندن .
أخترنا لك
رؤية الله !

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف