عبيد إلى يوم القيامة . فلا تجعلوهم اسيادكم

2021/01/17

 

قد لا يُلام الفراعنة في اضطهاد اليهود وتسخيرهم في أعمال البناء والزراعة وغيرها . 

وقد لا يُلام الفراعنة أيضا في قتل ابناء اليهود واستحياء نساءهم . وذلك لأن كل ما حدث لليهود هو بأمر الرب وما فرعون إلا أداة بيد الرب يحركها كيف يشاء لضرب ومعاقبة من يشاء من المتمردين عليه . 

هذا ما تقوله التوراة نفسها كما في سفر حزقيال 22 : 3 ((هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: قَدْ أَثِمْتِ بِدَمِكِ الَّذِي سَفَكْتِ، وَنَجَّسْتِ نَفْسَكِ بِأَصْنَامِكِ الَّتِي عَمِلْتِ، فَلِذلِكَ جَعَلْتُكِ عَارًا لِلأُمَمِ، وَسُخْرَةً لِجَمِيعِ الأَرَاضِي)).

إذن بسبب قيام اليهود بالتمرد على الرب وسفكهم للدماء وعبادتهم للأصنام فقد سلط عليهم فرعون يسومهم سوء العذاب يُقتل ابناءهم ويستحيي نساءهم. كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ،و كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا.

إذن فقد عاش اليهود في العبودية واعمال السخرة فترة لا يعلمها إلا الرب ولا يزالون كذلك وان بدا للبعض العكس . 

لهذه الأسباب فقد ترسخ الحقد في قلوبهم لجميع الشعوب وتغلغل عميقا وبات اليهود يخططون لاستحمار واستعباد وتسخير الشعوب لخدمتهم . بينما العكس هو الذي امر به الرب فقد امر أن يبقى اليهود اقلية ضعيفة مستعبدة لأنهم متى ما اصبح لهم قوة ودولة ومكان فسوف يعم الخراب العالم كله . ولذلك تراهم مطرودين من كل الامم لأنهم اينما حلو حل الخراب. 

ولذلك فهم يعتر فون في التوراة بأنهم عار وسخرية واستهزاء على السنة الناس كما في سفر المزامير 79 : 4 ((صِرْنَا عَارًا عِنْدَ جِيرَانِنَا، هُزْءًا وَسُخْرَةً لِلَّذِينَ حَوْلَنَا)). 

وهذا حدث بأمر الرب الله كما في سفر حزقيال 22 : 3 ((هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ السَّافِكَةُ الدَّمِ فِي وَسْطِهَا ، الصَّانِعَةُ أَصْنَامًا لِنَفْسِهَا لِتَتَنَجَّسَ بِهَا، قَدْ أَثِمْتِ بِدَمِكِ الَّذِي سَفَكْتِ، وَنَجَّسْتِ نَفْسَكِ بِأَصْنَامِكِ الَّتِي عَمِلْتِ، فَلِذلِكَ جَعَلْتُكِ عَارًا لِلأُمَمِ، وَسُخْرَةً لِجَمِيعِ الأَرَاضِي)).

طبعا نصوص الاستعباد وقتل الابناء واستحياء النساء وظاهرة عبودية هؤلاء جاء على ذكرها القرآن حيث أيد النص العبري ووقف له ساندا فأثبت بأن هذه الشرذمة يجب ان تبقى في العبودية والضعف إلى الأبد مع ان الرب تاب عليهم وانقذهم وفضلهم على عالم زمانهم بأن بعث منهم النبوة وانزل عليهم كتاب إلا انهم عادوا للكفر مرة أخرى فكتب عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم القيامة . 

النص التوراتي يؤكد ذلك فيقول في سفر الخروج 1 : 13 ((فَاسْتَعْبَدَ الْمِصْرِيُّونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعُنْفٍ، وَمَرَّرُوا حَيَاتَهُمْ بِعُبُودِيَّةٍ قَاسِيَةٍ فِي الطِّينِ وَاللِّبْنِ وَفِي كُلِّ عَمَل فِي الْحَقْلِ. وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَقَالَ: حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ إِنْ كَانَ ابْنًا فَاقْتُلاَهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا فَتَحْيَا .ثُمَّ أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلاً: كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ، لكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا . يسومونكم سوء العذاب يقتلون ابناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)).سورة البقرة آية 49.

إذن هنا في هذين النصين التوراتي والقرآني هناك اتفاق على أن الذي حدث لليهود كان بلاء من الرب لأن اليهود انحرفوا فسفكوا الدماء وعبدوا الاصنام.

ولكن اليهود بدلا من ان يتوبوا إلى الرب توبة نصوحة تمادوا اكثر وزاد حقدهم على الشعوب فجيشوا الجيوش وقتلوا الناس تحت كل شجر ومدر وابقوا على بقية من هذه ا لشعوب لكي تخدمهم تزرع لهم وتصنع لهم نسائهم واطفالهم للمتعة ورجالهم للخدمة ثم وضعوا نصا على لسان الرب يزعمون فيه بأن الرب جعل كل الشعوب تحت اقدامهم (كل موضع تدوسه اخامص اقدامكم ارضهم لكم وشعوبهم عبيد لكم) ثم قرر الرب أن يكون اليهود سادة على تلك الشعوب يجلسون على الأرائك مرفهين متنعمين وبهائم الشعوب من السائمة والجوييم تخدمهم تقدم لهم كل وسائل الترفيه والراحة ووضعوا هذا النص الذي يقطر عبودية وخزيا أبديا وضعوه في الكتاب المقدس وقالوا بأن الرب هو الذي قرر ذلك فقالوا في سفر أخبار الأيام الثاني 8 : 7 ((أَمَّا جَمِيعُ الشَّعْبِ الْبَاقِي مِنَ الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ بَقُوا فِي الأَرْضِ، الَّذِينَ لَمْ يُفْنِهِمْ ــ يقتلهم ــ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَجَعَلَ عَلَيْهِمْ سُخْرَةً إِلَى هذَا الْيَوْمِ.

وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يَجْعَلْ مِنْهُمْ عَبِيدًا ، لأَنَّهُمْ رِجَالُ الْقِتَالِ وَرُؤَسَاءُ قُوَّادِهِ وَرُؤَسَاءُ مَرْكَبَاتِهِ وَفُرْسَانِهِ)). وهكذا يرى اليهود أن البشرية تنقسم قسمين . 

القسم الأول : هم السائمة والجوييم الذين خلقهم الرب عبيدا وخداما للسخرة المجانية مقابل ابقاء اليهودي عليهم احياء. 

والقسم الثاني : اليهود وهم ملح الأرض وشعب الرب وسادة الامم منهم القادة ورؤساء وفرسان وملوك وووو. وهذا ما يحدث الآن . لقد سلطناهم علينا بأيدينا وضعفنا وتخاذلنا وجبنا أمامهم فصرنا عبيدا لهم يُقررون مصائرنا عن طريق جيش من زعماء خانوا ضمائرهم وشرفهم والشعوب قادرة على ان تنهض وتُزيلهم وترفع العبودية عن كاهلها ، ولكن الشعوب استكانت ((ذبها ابراس اخوي ولا بيّه)).

فهل قرأ او رأى أحد ابشع من هذه النصوص التي تستعبد الناس وتجعلهم مطايا تحت شعب الرب المختار؟. 

وانا أقول للذين يسألون دائما : لماذا اختار الله اليهود شعبا مختارا وأنهم ابناء الله وأحباءه؟ 

اقول لهم بأن الرب الله جعل ذلك مشروطا بأن يلتزم اليهود بوصايا الرب وإلا فلا شعب مختار ولا ابناء الرب فقال في التوراة والقرآن كما في المائدة 12 (( وإذ أخذ الله ميثاق بني إسرائيل . إِنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي، وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ)) سفر الخروج 19: 5

القرآن المقدس أشار إلى ذلك محذرا اتباعه المسلمين من مغبة انتفاخ الادمغة عندما يخاطبنهم الرب بأنهم (خير امة اخرجت للناس) . وهو نظير قول الرب لليهود ابناءه واحباءه وشعبه . فالرب في القرآن شرط أيضا على المسلمين شروط إن عملوا بها يكونوا خير امة اخرجت للناس وفي ذيل الآية ذكر الرب اهل الكتاب واسباب عدم منحهم هذا الوسام لا بل وصفهم الرب بالفسق فقال في سورة آل عمران آية 110 : ((كنتم خير امه اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون واكثرهم الفاسقون)) 

ثم كيف يكونوا شعب الله المختار او ابناء الله والرب نفسه يصفهم في توراتهم باخس الاوصاف كما في سفر التثنية 32 : ((اِنْصِتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ فَأَتَكَلَّمَ، وَلْتَسْمَعِ الأَرْضُ أَقْوَالَ فَمِي جِيلٌ أَعْوَجُ مُلْتوٍ يَا شَعْبًا غَبِيًّا غَيْرَ حَكِيمٍ؟ أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ، إِنَّهُمْ جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ، أَوْلاَدٌ لاَ أَمَانَةَ فِيهِمْ. اوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم (1). أَجْمَعُ عَلَيْهِمْ شُرُورًا، وَأُنْفِدُ سِهَامِي فِيهِمْ، إِنَّهُمْ أُمَّةٌ عَدِيمَةُ الرَّأْيِ وَلاَ بَصِيرَةَ فِيهِمْ . سمّاعون للكذب أكّالون للسحت (2).اليوم كله يُحرفون كلامي علي كل أفكارهم بالشر(3) . يسمعون كلام الله ثم يُحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون)).(3) 

فمتى اتخذهم الرب شعبا وامة مختارة حتى يتخذوا عباد الرب عبيدا للسخرة ؟. 

 

المصادر ــــــــــــــــ

1- البقرة آية : 100 . 

2- سورة المائدة آية 42.

3- سفر المزامير 56 : 5.

4- سورة البقرة آية : 75.

أخترنا لك
الحوار المتين في دلالات الأربعين. مع القس سمير.

(ملف)عاشوراء : انتصار الدم على السيف